من روائع البروفسور جواد يونس أبو هليل.. قصيدة للتاريخ!!!
من وحي رائعة الشاعر العراقي الراحل عبد الرزاق عبد الواحد (لا تطرق الباب)
سَأَطْرُقُ الْبابَ لَوْ أَصْحابُهُ رَحَلوا = كَيْ لا يَموتَ بِهِ بِالْعَوْدَةِ الْأَمَلُ
سَأَطْرُقُ الْبابَ ... أَبْوابُ الْكِرامِ إِذا = طَرَقْتَها رَحَّبَتْ وَانْتَابَها الْجَذَلُ
لا تَحْسَبِ الْبابَ لَوْحًا قُدَّ مِنْ خَشَبٍ = أَوْ صَفْحَةً مِنْ حَديدٍ سادَها الْمَلَلُ
لِلْبابِ روحٌ مِنَ الرَّحْمنِ ما يَئِسَتْ = وَقَلْبُ مُغْتَرِبٍ بِالشَّوْقِ يَشْتَعِلُ
لِلْبابِ عَيْنٌ لَكَمْ أَهْدابُها ارْتَعَشَتْ = لَمّا الْأَحِبَّةُ أَعْتابَ الْهَوى وَصَلوا
لِلْبابِ صَدْرُ رَؤومٍ طِفْلَها احْتَضَنَتْ = وَهَدْهَدَتْهُ إِذا أَوْدَتْ بِهِ الْعِلَلُ
لِلْبابِ يَدٌّ على الْأَطْفالِ حانِيَةٌ = لَوْ بَعْضُهُمْ كَجَنينٍ بَطْنَهُ رَكَلوا
كَمْ صافَحَتْهُمْ وَلَوْ غابوا لِثانِيَةٍ = وَوَجْهُهُ ضاحِكٌ مِنْ بَعْدِ أَنْ قَفَلوا
لِلْبابِ ظَهْرٌ كَقَوْسِ الشَّيْخِ إِذْ عَصَفَتْ = بِهِ السِّنينُ وَحاكى صَبْرَهُ الْجَمَلُ
وَالْبابُ ضابِطُ إيقاعٍ، فَكَمْ عَرَفَتْ = أَهْلوهُ ما لَهُمُ الْأَطْراقُ قَدْ حَمَلوا
لِلْبابِ حَلْقٌ نَوى الْأَحْبابِ جَفَّفَهُ = وَما لَهُ، في سِوى لُقْياهُمُ، بَلَلُ
لِلْبابِ قُفْلٌ وَمِفْتاحٌ، وَبَيْنَهُما = أَسْرارُ بَيْتٍ إِلى الْعُذّالِ لا تَصِلُ
لِلْبابِ عَهْدٌ مَعَ الثُّوّارِ مِنْ قِدَمٍ = فَلَمْ يُذِعْ سِرَّهُمْ: (في بَيْتِنا رَجُلُ)
لِلْبابِ ذاكِرَةٌ لا تَنْمَحي أَبَدًا = فيها يُسَجِّلُ مَنْ عَنْ أَهْلِهِ سَأَلوا
وَمَنْ يَمُرُّ وَدَمْعُ الْعَيْنِ يَغْلِبُهُ = لَمّا تَذَكَّرَ مَنْ عَنْ حَيِّهِ رَحَلوا
وَمَنْ يَمُرُّ وَلَمْ يَطْرُقْهُ مِنْ خَجَلٍ = وَكَمْ تَوَرَّدَ في خَدَّيْ فَتًى خَجَلُ
وَمَنْ يَمُرُّ وَيَدْعو أَنْ يَعودَ إِلى = دِيارِهُ مَنْ قَلى ... وَالْقَلْبُ يَبْتَهِلُ
سَأَطْرُقُ الْبابَ مَهْما قالَ مَنْ جَهِلوا = قَدْ مَسَّهُ بَعْدَ مَنْأى أَهْلِهِ الْخَبَلُ
سَأَمْسَحُ الدَّمْعَ عَنْ خَدِّيْهِ مُحْتَضِنًا = حِبًّا بِهِ الرّوحُ رَغْمَ الْبَيْنِ تَكْتَحِلُ
سَأَطْرُقُ الْبابَ لَوْ مِفْتاحُهُ صَدِئٌ = في (بُقْجَةٍ) لَفَّها ثَوْبُ الْأَسى الْخَضِلُ
ما زالَ مِفْتاحُ (عَقْدِ) الْجَدِّ أُغْنِيَةً = لِعَوْدَةٍ ما أَزاغَتْ عَيْنَها السُّبُلُ
كَمْ لاجِئٍ وَمُدى الْأَشْواقِ تَذْبَحُهُ = قُرْبانَ عِشْقٍ لِأَرْضٍ صابُها عَسَلُ
وَكَمْ تَمَنّى بِأَنْ ما بانَ مُغْتَرِبٌ = عَنْ أَرْضِهِ وَكَفاهُ الْخُبْزُ وَالْبَصَلُ