ماذا أعدِّدُ من صنوفِ عذابي =ومصابُ كلِّ المسلمين مصابي؟!
ولمن سأشكو ما أعاني من أسىً =وأسايَ ممَّنْ يفرحون لِما بي؟!
وبأيِّ سطرٍ سوف أبدأُ قصةً =هيهاتَ أُنهيها بألفِ كِتابِ؟!
عظمُ المصابُ، وعزَّ من يُرجى له =والقوم منشغلون بالألقابِ
هم ألفُ شتّى... ألفُ ألفِ قطيعةٍ=وعدوُّهمْ متربصٌ بالبابِ
لم يصنعوا سيفاً، ولا احتطبوا عصاً =وبَغَوْا على السَّيافِ، والحطّابِ
كَلِفوا بحبِّ التُّرهاتِ عن العدا =وعدوُّهُمْ كلِفٌ بشرعِ الغابِ
عجباً أهذي أمتي؟! هل هذه!=ويموتُ في حلْقي حنينُ عتابي
وتموج أشهى الذكرياتِ بخاطري =فأُكِبُّ منكفِئاً على أوصابي
وأكادُ أقضي من أساي ولهفتي =لولا الرجاءُ برحمةِ الوهّابِ
الناسُ كلُّ النـاس - إلاّ أمتي -=أخذوا بما للعلم من أسبابِ
شهد الزمانُ ونحنُ نجهل أننا =أصْلٌ لِما في الأرض من آدابِ
كنّا بفضلِ الله أفضلَ أمةٍ =قد أُخرجتْ للناسِ في الأحقابِ
عزَّتْ فعز العالمون لعزها=لا فرق بين الأهلِ والأغرابِ
تحمي الحقيقةَ في الزمانِ سيوفُها =وتفيضُ رحمتُها بغيرِ حسابِ
واليوم!! ما لليومِ وا لَهَفي لِما =أخفي وأعلِنُ من أسىً غلاَّبِ!!
ما مثلُ ذلَّةِ أمتي من ذِلَّةٍ =مهما نطنطنُ دونها ونُحابي
ماذا أعدِّدُ من صنوفِ عذابي =ولمن سأشكو في الزمانِ مصابي !!
ضاعتْ خلافتُنا وماذا بعدَها =غيرُ الفناء يدبُّ في الأعصابِ!!
كانتْ لنا رأسَ الأمورِ ولم تَعُدْ =تلقى بغيبتها سوى الأذنابِ
مئةً من الدَّولاتِ دالت أمةٌ =جُبيت لها خيراتُ كلِّ سحابِ
مئةٌ من الدولاتِ كلُّ دوْيلَةٍ =قد مزَّقتْها كثرةُ الأحزابِ
والناكبون عن الهدى ممّن علَوْا=هم شرُّ ما في الناس من أوشابِ
ضلُّوا فضلّ الناسُ في تقليدهم =وبهم يسوقُ اللهُ شرَّ عقابِ
إن الضلالَ هو البلاءُ وشرُّهُ =ليزيدُ إذْ يأتي من "الأقطابِ"
ماذا أقولُ بمن أضلَّ، ومن غوى =ماذا أقولُ بعاجزٍ متصابِ؟!
سَلِسِ القيادِ لِكلِّ باغٍ معتدٍ =شرسٍ على الأهلين والأصحابِ
يرجو من الأعداءِ عزَّةَ نفسِه =ويُذِلُّ كبْرَ الأهلِ بالأغرابِ
شغلتهمُ اللَّذاتُ عن حقّ الحمى =فحياتهم لِلَّهوِ، والتطرابِ
ما لذَّ فهو لهم حلالٌ طيِّبٌ =وشعوبُهـم تجترُّ طعمَ الصَّابِ
إن جدَّ أمرٌ يكتفون بقشرهِ=ما فكّروا يوماً بنيْلِ لُبابِ
يتشاغلونَ عن العدوِّ بشعبهم =فإذا همو كأرانبٍ، وذئابِ
قد أقسموا ألاّ تُوَحِّدَ بينهمْ=إلاّ فنونُ تناحُرٍ، وسبابٍ
الحق ضُيِّعَ، والحقيقةُ عُطِّلت =والقومُ بين منافقٍ، ومرابِ
الجاهليةُ ألفَ جاهلةٍ غدت =وأُعيدَ عهدُ عبادةِ الأنصابِ
وَلَوَ اْنَّ بعضَ الهدْرِ أعدَدْنـا به =جيشاً لكان النَّصرُ خلفَ البابِ
والبأسُ فيما بيننا لو بعضُه=صَوْبَ العدوّ، لكان في الأسلابِ
وَلَوَ اْنَّ شكوى النفسِ من آلامِها =لَصَمتُّ، لكنْ أمةٌ لتبابِ
ماذا أعدِّدُ؟! لن أعدِّدَ حسْبُنا =أن الجذور غدَتْ بغيرِ ترابِ
وإذا الجذورُ غدتْ بغيرِ ترابِ=هانت هناكَ مَهمَّةُ الحطّابِ
ماذا أعدِّدُ من صنوفِ عذابي =وعلى مآسي القومِ ضاعَ شبابي!
من ذا لحالِ المسلمينَ وقد غدوا=مِزقاً على الأظفارِ والأنيابِ!
والعالِمون غدوْا أشدَّ جهالةً =لَمّا أذلَّوا عِلْمَهمْ بالبابِ
خلطوا بدين الله دنياهُمْ فهمْ=لِهوانِهـم حجرٌ على الأعتابِ
وَلَوَ اْنَّهم زانوه في أفعالِهـم =يوماً لَعُدْنـا سادَةَ الأحقابِ
وأشدُّ من كيدِ العدوِّ عداوةً =إعلاءُ شأنِ العالـمِ المتغابي
وأشدُّ منه على الشعوبِ خطورةً =إخفاءُ أمرِ الحاكمِ الكذَّابِ
ولَنحنُ بينهما معاً صرنا دُمىً =فاعجبْ لشعبٍ صار كالألعابِ
يُغدى بنا، ويُراح لا ندري متى =يُغدى، ونجهلُ آنَ كلِّ إيابِ
لكأنَّنا - والقهـرُ خُبْـزُ حياتنا -=حَمَلٌ تململَ في يَدَيْ قصَّابِ
يا ربِّ هذي حالةٌ صِرنا لها =وتظلُّ فوق النَّعتِ والإعرابِ
لكنَّ رحمتَكَ المؤمَّلَ غيثُها =شمسٌ ستخرقُ قلبَ كلِّ ضبابِ
فالغيمُ مهما اسْوَدَّ يُرجى نفعُه =فسوادُه البشرى لكلِّ يبابِ
كم بعدَ طولِ العرْيِ تورقُ غابةٌ=ولكم يفيضُ القفرُ بالإخصابِ!
ماذا أعدِّدُ من صنوفِ عذابي =وأنا الشغوفُ بموجباتِ عذابي!
صَغُرتْ لديَّ الأمنياتُ تُساق لي =وجعلتُ عزَّ المسلمينَ طِلابي
من ذا أرجّيهِ؟! وماذا من يدٍ =شُلّت... ومن ثغرٍ بغيرِ رضابِ!
لم تبقَ إلا حشرجاتُ منازعٍ =يرجو... وما يرجوه محضُ سرابِ
وأكادُ أجزمُ أنّ ما أرجو لهم =كرجوعِ ذي هَرَمٍ لعهدِ شبابِ
سأظلُّ رغمَ القهرِ أهتِفُ أمتي =ولي الرجاءُ برحمةِ التَّوابِ
فاللهُ رحمتُه تظلُّ قريبةً =من محسنٍ، أو ضارعٍ أوَّابِ
ماذا أعدِّدُ من صنوفِ عذابي =ومصابُ أقصى المسلمينَ مصابي؟!
روحي بروحِ المؤمنينَ توحَّدتْ =في الدهرِ رغمَ تباعدِ الأصلابِ
هم نسبتي، وهمُ انتسابي وانتهت =إلاّ إليهـم قصّةُ الأنسابِ!!
أوَ ليسَ ربُّ العرشِ وحَّدَ أمَّتي =لَمّا حباها منه خيرَ كتابِ!!
واختار منها للزَّمانِ مُحمَّداً =ليكونَ منه فصْلُ كلِّ خطابِ
ويكونَ هادي العالمينَ على المدى =وإليه يرجعُ أصْلُ كلِّ صوابِ
فعلامَ لا أُغلي وأُكْرِمُ أمَّتي =ويكونُ عمري دونَها وشبابي؟!
أوَليسَ حسبي أن منها المصطفى =وصديقَه، وعدالةَ الخطَّابِ؟!
وبأن عيْنَ الدَّهرِ يوماً لم تجدْ =فضلاً يوازي فضلَ أيِّ صحابي؟!
حفظوا لنا القرآنَ حفظاً حيَّّروا =فيه أُولي الأفهامِ والألبابِ
عاشوا به وله أساتذةَ الورى =فهمو بلا نِدٍّ، ولا أضرابِ
والتابعونَ، ومن رأى كثباتِهـم=في الحقِّ رغمَ الضُرِّ والإرهابِ!
هم تابعوا سيرَ النبيِّ، وصحبِه=واستقبلوا الأهوالَ بالتَّرحابِ
ما صدَّهـم أن الحِرابَ بجسمِهم =والجسمُ أمسى طعمةَ الأوصابِ
باعوا إلى اللهِ النفوسَ رخيصةً =فهمو هم الأعلوْن في الأحقابِ
نفسٌ تسيلُ، وإصبعٌ كتَبت بما =قد سالَ من دمِها أعزَّ جوابِ:
إنَّ الشهادةَ في سبيلِ عقيدتي =هي عزّتي، وأحبُّ كلِّ رغابي
ثبتوا فصَفّوْا بالثباتِ علومَهم =فإذا علومُهمو كألفِ شهابِ
وجهادُ كلِّ مجدّدٍ... حتى غدا =سلطانُ دينِ الله جِدَّ مُهابِ
كانوا وما زالوا شموسَ هدايةٍ =يبقى سناهـا الدَّهـرَ دون غيابِ
وبهم أقامَ اللهُ شرعَ نبيِّهِ=وجلاه من كدَرٍ، ومن أوشابِ
خير العقائدِ في الزمانِ يصونُها =للنَّاسِ خيرُ القادةِ الأنجابِ
فإذا بتوحيدِ المهيمنِ رايةٌ =تعلو بكفِ الفاتِحِ الغلاّبِ
وإذا هتافُ الله أكبرُ في المدى=قلبُ الهضاب يزفُّه لهضابِ
وعلى امتدادِ الأرضِ تمضي جُنْدُها =كعبابِ بحرٍ يقتفي بعبابِ
وقلوبُ أهلِ الأرضِ تشرِقُ بالهدى =ويفيضُ نورُ الحقِّ في الأقطابِ
تلك المواقفُ من رجالاتِ الهدى =كنزُ اعتزازِ الأهْلِ والأغرابِ
هي في الزمانِ، وللزمانِ فريدةٌ =تبقى... وكلُّ فريدةٍ لذهابِ
ماذا أعدِّدُ من صنوفِ عذابي =وبحبِّ قومي قد عشقتُ عذابي
وعلى أماني المؤمنين وأمْنهم =أنفقتُ عمري، واحتسبتُ شبابي
ما ناب خطْبٌ مؤمناً إلاّ ولي =منه سهادٌ ممسكٌ أهدابي
فهمومُ كلِّ المؤمنينَ على المدى =همّي، وعزُّ المسلمينَ رغابي
يا ربِّ هذي أنَّةٌ أرسلتُها =فعسى يُفيد توجّعي، وعتابي
وعسى تؤوب إلى الهداية أمتي =ويكون للأوّابِ خيرُ متابِ
فبنورِ وجهِكَ يا إلهي رُدَّنا =لهداك واجنُبْنا أذى (الأربابِ)
أنتَ الرجاءُ، وما سواك لِما بنا =ولأنتَ وحدَكَ مالِكُ الأسبابِ
يا ربِّ وحِّدنا على نهجِ الهدى =وأظِلَّنا بظلالِ خيرِ كتابِ
يا ربِّ واقبضني إليك مُطهّراً =من كلِّ ذنبٍ موجبٍ لعذابي
واسكبْ صلاتَك والسلامَ على النبيـِ=ـيِ محمدٍ، والآل، والأصحابِ