يا شام

يَا شَامُ جئتُكِ كي أبُثُّكِ مَا بي

فَلَقَدْ حَمَلْتُكِ ضِمْنَ جُرْحِ عَذَابِي

هِيَ ذِي جِراحَاتِي الَّتي خَبَّأتُهَا

عبْرَ السِّنينِ .. وهَؤلاءِ صِحَابِي

لا تَرْمُقِينِي يَا حَبيبَةُ هَكَذَا

مَا آنَ يَا عُمُرِي أوَانُ عِتَابِ

لا تُنكِرينِي يَا ابْنَةَ العَمِّ الَّتي

شَغَفَتْ فُؤادِي فَهِيَ مِن أحْبَابِي

أنا يَا حَبيبةُ في جُفُونِكِ نَائِمٌ

وَلَقَدْ ضَمَمْتُكِ قَبْلُ في أهْدَابِي

*     *     *

وَطَنَ الشّهيدِ وأيُّ قَوْلٍ لِيْ هُنَا؟..

فالطُّهْرُ مَمْزوجٌ بِجُلِّ خَرَابِ

أيْنَ الَّذينَ قَد اسْتَضَافوا هَمَّنَا

وَعَبيرُهُمْ مِن عِطْرِ خَيْرِ تُرابِ؟!..

أيْنَ العَصَافِيرُ المُغَرِّدَةُ الَّتي

ظَلَّتْ تُغَنِّي فِي هَشيمِ خِضَابِي؟!..

أيْنَ النُّجُومُ اللاَّمِعَاتُ عَشِيَّةً

أنُوَارُهُنَّ تُضيءُ شَرْخَ شَبَابِي؟!..

أيْنَ الأزَاهِيرُ المُلَوَّنَةُ الَّتي

قَد فَاحَ عِطْرُ رَحِيقِهَا بِرِحَابِي؟!..

أيْنَ الضِّفَافُ الخُضْرُ مَا بَرِحَتْ هُنَا

تَرتَاحُ بَيْنَ التّينِ والأعْنَابِ؟!..

أيْنَ الحَمَامَاتُ اللَّوَاتِي طِرْنَ لِي

يَشْمُخْنَ فَوْقَ مَآذِنٍ وقِبَابِ؟!..

*     *     *

يَا شَامُ .. يَا شَهْدَ البِلادِ جَمِيعِهَا

يَا مَوْئِلَ الأرْوَاحِ والأطْيَابِ

أوَّاهُ يَا أرضَ الخِلافَةِ نُورُهَا

حَجَبُوهُ عَنْ شَعْبِي بِألْفِ حِجَابِ

يَا شَامُ .. يَا أمَّ الجِبَاهِ الشُّمِّ يَا

بِنْتَ العُلا أرْدَاكِ طَعْنُ حِرَابِ

يَا مَوْطِنَ الأحْرَارِ هَلْ مِن دَمْعَةٍ

تَجْرِي بِرِفقٍ فَوْقَ خَدِّ سَحَابِ؟!..

يَا شَامُ مَاذا سَوْفَ أنْزِفُ من دَمِي

مَا بَيْنَ حَشْدِ قَذَائِفٍ وذِئَابِ؟!..

يَا شَامُ يَا دَارَ الصَّلَاحِ تَحيَّةً

وَطَنُ الحَضَارَةِ عَجَّ بِالأَذْنَابِ

*     *     *

مِن مُهْجَتِي أنسَلُّ يَا مَروَانُ سَيْ

فَاً باحِثاً عَن أمَّةِ الأحبَابِ

هِيَ ذِي حَضَارَةُ شَرِّهِم بِظَلاَمِهَا

شَعَّتْ عَلَيْكِ بِظُلْمَةِ الإرْهَابِ

لَمْ يَبْقَ في الدُّنيَا سِوَى أحْقَادِهِم

قَدْ سَعَّرَتْهَا شِرْعَةُ الأغْرَابِ

بِالأمْسِ كَانتْ أرضُهُمْ بِكِ جَنَّةً

واليَوْمَ قَد سَامُوكِ بَحْرَ عَذَابِ

أرْضَ الشّهِيدِ إلَيْكِ جِئتُكِ مُتْعَبَاً

وَلَسَوْفَ أبْقَى مُتْعَبَاً بِذَهَابِي

وسوم: العدد 737