رسائل في فقه الرباط والجهاد
د. "محمد علي" الأحمد
أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر
د. محمد سعيد بكر
صدر هذا الكتاب عن مركز أمية للبحوث والدراسات الاستراتيجية بطبعته الأولى مطلع العام 2014م 1435هـ ، وذلك ضمن سلسلة الإصدارات الهادفة التي يحرص المركز من خلالها على تدعيم مسار الثورة السورية بالتربية والتوجيه وتقديم الرأي والمشورة والنصيحة لها ، وقد أوكل إلى دار عمار للنشر والتوزيع في كل من بيروت وعَمّان بطباعته ، شأن سائر الكتاب الأخرى التي اعتمدت دار عمار كناشر لها.
عنوان الكتاب واضح الدلالة على مضمونه ، وهو كما تقول مقدمته : محاضرات ست جمعت في هذا الكتاب اللطيف ، وهي من أدب الوقت كتبها المؤلف لتكون معالم للمرابطين والمجاهدين في هذه الظروف الدقيقة التي تحتاجها المنطقة العربية عامة ، وسورية العروبة والإسلام ، لها خاصة ، إذ تعرضت طوال العقود الخمسة الأخيرة إلى مظالم نظام علوج آل أسد الفاسد المستبد الطاغي ، ولم تعرف البشرية في تاريخها القديم والحديث مثيلا ً لها .
تحدث الموضوع الأول في هذا الكتاب عن بناء الذات لطالب العلم الشرعي ، وشرح من خلاله أبعاد مفهوم بناء الذات لهذا الطالب ، وبيـّن المؤلف أن هذا المفهوم يتجلى في حديث النبي صلى الله عليه وسلم : خيركم من تعلم القرآن وعلَّمه، ومستمد من قوله تعالى : ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تـُعلـِّمون الكتاب وبما كنتم تدرُسون . آل عمران 79 ويتحقق بناء الذات بأن يكون طالب العلم ربانيا ً يربي نفسه بالاتصال بالله .
وأبان المؤلف في الموضوع الثاني عن عقيدة المسلم ، وهي تقوم في أساسها على أركان الإيمان ، وبيـّن في الموضوع الثالث صفات المجاهد وعوامل النصر، وأوضح هذه الصفات بأنها إدراك وحراك، ورباط واحتياط ، وصبر ومصابرة ، وثقة وطاعة ، ووحدة وتوحيد ، وإرادة وإدارة ، وشرح في الموضوع الرابع معنى الرباط وفكره من خلال توضيح مفهوم الرباط بالمعنى الخاص والعام ، وذكر أهمية الرباط وفضله ، وكيف يكون المسلم من المرابطين ؟ واستعرض المؤلف في الموضوع الخامس معالم التحريض على القتال كما هو وارد في سورة محمد صلى الله عليه وسلم التي تشتهر بأنها سورة القتال ، وقد قصد بشكل خاص التحدث عن معاني التحريض الواردة في هذه السورة ، لأنها كما يقول المؤلف تحكي عن الجهاد والقتال في سبيل الله وعن تحريض المؤمنين عليه ، لما لها من صلة بالواقع السوري ، لأن سورية في حالة ثورة ، وتحتاج بيان كل جوانب القتال وأحكامه ، وهي تكتسب أهمية خاصة ، لأن الثوار بحاجة ماسة لاستيعاب هذه المعاني ، لما يواجهونه في الميدان وعلى أرض الواقع من تحديات وأحداث وملابسات تقتضي معرفتهم بهذه الأحكام ، حتى يتحروا الحق والصواب ، ويفرقوا بين الحق والباطل في ثورتهم ومعاركهم مع النظام المجرم وأعوانه وأتباعه ، وهم في هذا التحري يسيرون بالاتجاه الصحيح نحو الانتصار لهذه الثورة المجيدة .
أما الموضوع الأخير في هذا الكتاب فيركز على ثمرات الثورات ، من خلال الثورة السورية كنموذج لهذه الثورات ، ويشير إلى أن بعض تلك الثمار يظهر في اجتباء الله عز وجل لأهل الشام السوريين ليكونوا طليعة الأمة ورأس حربتها في مواجهة البغي العالمي المتمثل بالروافض الشيعة والنصيريين القارمطة ، المتواطئين مع الصهيونية العالمية على محاربة الإسلام وأهله من أهل السنة والجماعة في العالم الإسلامي كله بلا استثناء ، وكانت سورية وثورتها هي الواجهة الأولى لهذا التواطؤ والتحالف بين الشيعة واليهود ومن ورائهم الأمريكان ومن ثمارهذه الثورة أن الكفرة الروافض ومن تحالف معهم في قتل الشعب السوري ، هم في كرب وشدة ، وليس المجاهدون المصابرون المؤمنون من أبناء سورية ، عملا ً بقول الله تعالى : " إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون ، وترجون من الله ما لا يرجون " . سورة النساء /الآية 104 .
ويعدد المؤلف في خاتمة الكتاب ثمار الثورة السورية ، والتي تبلغ إحدى وسبعين ثمرة ، وهي تكسب الكتاب أهمية كبيرة ، وتستحق من كل ذي بصر وبصيرة أن يحرص على قراءة هذا الكتاب القيم ليرتقي في مدارج السالكين نحو النصر لهذه الثورة إن شاء الله ، ويشارك المرابطين والمجاهدين في الأجر والمثوبة والدرجات العلى يوم الدين .