"النهضة الأمازيغية": سيرة نضال.. سيرة حياة

"النهضة الأمازيغية": سيرة نضال.. سيرة حياة

مبارك أباعزي

[email protected]

صدر عن الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي كتاب لإبراهيم أخياط، اختار له عنوان "النهضة ألأمازيغية كما عشت ميلادها وتطورها"(ط.1، 2012). ويقع الكتاب في 392 صفحة، موزعة على خمسة فصول ، جاءت عناوينها على الشكل التالي: - فترة الطفولة والشباب (1941- 1965) – بداية العمل الأمازيغي الجمعوي فترة التكوين والتحضير (1965- 1979) – المبادرات المختلفة الجمعوية والثقافية أواخر السبعينات، فترة الاختيارات الفكرية للعمل الأمازيغي (1980- 1990) – فترة بداية التغيير والمواجهات الفكرية (1991 -2000) – فترة التحولات الجذرية على مستوى المؤسسات (2001- 2003).

وبإصدار هذا الكتاب، يكون لصاحبه إبراهيم أخياط قصب السبق في التأريخ للنضال الأمازيغي. إن هذا الكتاب يجمع بين الإمتاع الجمالي المستند على لغة بسيطة وجميلة، والإمتاع المعرفي المعتمد على الحدث التاريخي المحمل بأسماء تاريخية لها ثقلها النضالي، مع احتمال بسيط مفاده أن التلذذ بهذا النص قد يكون من نصيب "قارئ مفترض"، هو القار ئ المهتم بالأمازيغية ومشكلاتها.

إن هذا الكتاب يثوي حقائق وأحداثا تاريخية قد لا يكون المناضل الأمازيغي عارفا بها، أذكر هنا أمرا واحدا؛ بماذا نفسر مواقف سعد الدين العثماني الإيجابية تجاه الأمازيغية؟ ألن يكون ذلك نتيجة تأثره بأبيه "امحمد  العثماني" الذي كان من المؤيدين للقضية الأمازيغية؟ (أنظر: ص.68).

إن ذكر أسماء من قبيل الصافي مومن علي وحسن ادبلقاسم وأحمد بوكوس وأحمد عصيد ومحمد شفيق وعلي صدقي أزايكو والمختطف بوجمعة هباز، وما كانوا يقومون به في بدايات النضال الأمازيغي من تضحيات، له وقع خاص على الذات التي تقرأ هذا النص بالعاطفة والقلب. الذي يحدث هو أنك تقرأ الكتاب أحيانا متحسسا نبضات قلبك المتسارعة، وتتساءل: هل حدث كل ذلك؟ ما أجمل ذلك الزمن ! يا ليتني عشت ذلك الزمن.

كانت للكتاب غاية إنصاف أشخاص تفانوا في خدمة الأمازيغية هي تلك التي ذكرناها، والتي كان لها الفضل في زرع بذرة النضال الأمازيغي في السنوات التالية للاستقلال.

أظن الآن، بعد إتمامي قراءة هذا الكتاب، أنه لا مفر لكل مناضل أمازيغي باحث عن الحقائق التاريخية للنضال الأمازيغي لمر حلة بعد الاستقلال، أن يطلع عليه ليقيس ما جاء فيه بما جاء في كتب أخرى ويقارن الحقائق بعضها ببعض.

ومع أهمية كتاب "النهضة الأمازيغية" وجدواه، فهو لا يعكس إلا واجهة واحدة من واجهات النضال الأمازيغي، لأنه يركز على التاريخ النضالي لجمعيات ومناضلي سوس من خلال توارد ذكر أسماء مناضلين ينتمون إلى هذه المنطقة، والتأريخ لأعمال جمعية "البحث والتبادل الثقافي" وجمعية "الجامعة الصيفية". لهذا يعتبر تقديم عمل يضارع هذا الكتاب في الجدوى والجودة ذا أهمية عظيمة لو تكرر في نسختين أخريين تؤرخان للنضال في الريف والأطلس المتوسط لكي تكتمل صورة النضال الأمازيغي بالمغرب. وما أحوجنا إلى تجارب أخرى تغطي التاريخ النضالي  لكل من الجزائر وليبيا ومصر والدياسبورا.