الأقلية السعيدة
الأقلية السعيدة
يوميات الصراع بين التمرد والتسامح
أ.د. حلمي محمد القاعود
[email protected]
اسم المؤلف : أ . د . حلمي محمد القاعود
الناشر : مكتبة جزيرة الورد – القاهرة .
تاريخ النشر : 2011م
عدد الصفحات : 176 صفحة .
***
يقول المؤلف في المقدمة :
عاش المسلمون مع غير المسلمين في المنطقة العربية الإسلامية أربعة عشر قرنا ، في تفاهم وانسجام ، ومشاركة في السرّاء والضراء باستثناء فترات قصيرة عارضة ، حاول فيها بعضهم أن يحقق بعض الطموحات الشيطانية التي يغذيها التعصب ، مع غواية الأعداء الخارجيين ، وضعف الأمة العربية الإسلامية ، وسقوطها تحت سطوة الغزاة أو الخصوم ..
كانت الأمة تتعافي ، وتنهض مرة أخرى ، وتبني نفسها من جديد ، وتعود حركة المجتمع الإسلامي بمن فيه إلى طبيعتها الأولى ، ويتشارك المسلمون وغيرهم في العمل والبناء والإنتاج ؛ لدرجة أن وصفت الأقلية النصرانية في مصر بأنها أسعد الأقليات في العالم بما تحوز من امتيازات ، وبما تحظى به من مكانة على المستويات كافة .
ولا ريب أن العقود الأخيرة شهدت تدهورا ملحوظا في أحوال الأمة ، ووصول القوات الاستعمارية إلى أكثر من مكان في قلب العالم الإسلامي وأطرافه ، وقد شجع هذا بعض الطوائف ، أو بالأدق أفرادا فيها لتقوم بتمرد على السلطات المحلية ، أو ابتزاز لها ، ورفع السلاح أحيانا ، مما أهرق كثيرا من الدماء البريئة في صراعات لا سبب لها إلا التعصب والغواية بتحريض الغرباء عن الأمة ..
ولم يكن الأمر في مصر بمنأى عن هذه المحنة ، فقد ظهرت عقب هزيمة 1967م ، بوادر التمرد الطائفي الذي قاده بعض المنتسبين إلى جماعة الأمة القبطية الإرهابية ، وبدأ على شكل شكوى من الاضطهاد ، ثم تبلور في مطالب غريبة تتلخص في تغيير الدستور الذي ينص على إسلامية الدولة ، وضرورة بناء الكنائس بلا ضوابط ولا حدود ، والمطالبة برئاسة السلطة التنفيذية من قبل غير المسلمين ، وإلغاء الإسلام والتاريخ الإسلامي في التعليم والإعلام والثقافة ، وتدريس الهيروغليفية
بوصفها اللغة الأصلية للمصريين ، وتاريخ النصارى على أساس أنهم أصل مصر .. وغير ذلك من مطالب غير منطقية وغير واقعية ، لدرجة التحكم في الأزهر الشريف وإرغامه على سحب بعض الكتب التي نشرها لتصحيح أمور العقيدة ..
ومن نقطة إرغام الأزهر هذه ، كانت تلك اليوميات التي سجلتها أسبوعيا ، لتكشف للناس طبيعة الصراع الذي يقوده الطائفيون في مصر لتغيير هويتها الإسلامية ، وبين التسامح الذي يصنع السلوك الإسلامي ويحكم المنتمين إليه .
لقد استطاع التمرد الطائفي أن يعزل الطائفة عن المجتمع ، وأن يجعل الكنيسة بدلا من الدولة في كل شيء يخص حياة الفرد النصراني ، وهذه محنة كبيرة على مستوى الأفراد ، ومستوى الوطن كله ..
وهذه اليوميات كشف للحقائق بقدر المستطاع ؛ من خلال الأحداث التي يصنعها التمرد الطائفي ، ودعوة إلى شركاء الوطن العقلاء ؛ كي يتنبهوا إلى جريمة كبرى تراد بهم أولا وبالوطن ثانيا ، ثم يعودوا إلى الاستمتاع بالطبيعة المتسامحة التي يفرضها الإسلام ويتميز بها العرب ، والشعب المصري خصوصا .
أسأل الله أن ينفع بهذه الدعوة ،وأن يقي بلادنا شر المؤامرات الخارجية والداخلية .
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وأصحابه وسلم .