قبيلة مزينة العدنانية

نبيل عواد المزيني

عنوان اطروحة دكتوراة تاريخية

نبيل عواد المزيني

[email protected]

باحث- الولايات المتحدة

في دراسة تاريخية غير منشورة لنيل درجة الدكتوراة وصل الي مركز المزيني للدراسات والابحاث نسخة منها ، قامت الباحثة العراقية الدكتورة نهله الكناني بإجرائها تحت عنوان " قبيلة مزينة قبيل الاسلام وحتي نهاية العصر الراشدي " أرخت من خلالها عن نسب القبيلة وعن دورها السياسي والاجتماعي والاقتصادي والديني خلال تلك الفترة ، وحصلت بذلك علي درجة الدكتوراة في فلسفة التاريخ من كلية الاداب جامعة البصرة.

وقد أحتوت هذة الاطروحة الموثقة عن قبيلة مزينة العدنانية علي مقدمة وتمهيد وثلاثة فصول ثم ملخص وخاتمة ، فبعد ان بدأت الباحثة اطروحتها بمقدمة أوضحت فيها دور القبيلة الحيوي في المجتمع العربي , حيث تعد القبيلة الوحدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية للمجتمع العربي قبيل الإسلام ، كما أشارت الي ان سبب الاهتمام بدراسة تاريخ هذة القبيلة العدنانية وأنشطتها المتعددة في مختلف نواحي الحياة يرجع الي تأثيرها الواضح في التاريخ العربي خلال هذه الحقبة ، فقد لعبت مُزينة دوراً هاما في صناعة تاريخ المجتمع العربي بدأ من فترة قبيل الإسلام واستمر هذا الدور وتزايد بعد الإسلام عندما شارك أبنائها في عمليات تحرير الأرض العربية ونشر راية الإسلام من اقصي المشرق في بلاد العراق وفارس الي اقصي المغرب في بلاد افريقيا والاندلس .

تعرضت الباحثة بالدراسة والتحليل في الفصل الاول من أطروحتها الي كل مايتعلق بنسب قبيلة مُزينة وبطونها , ويضم هذا الفصل أربعة مباحث اساسية ، تناولت في المبحث الأول التعريف بالقبيلة وما تعنيه مُزينة لغة , ثم اوضحت نسب القبيلة وبطونها مع تبيان أهم الشخصيات البارزة التي كان لها دور في أحداث التاريخ قبيل الإسلام وبعده ، وجاء المبحث الثاني عن نسب بنوعثمان بن عمرو بن أد من نسل عدنان ، حيث فصلت في نسب بنو لاطم بن عثمان ثم نسب بنو عداء بن عثمان ، وفي المبحث الثالث جاء نسب بنو أوس بن عمرو بن أد ،أما المبحث الرابع فقد كرستة الباحثة لدراسة التوزيع الجغرافي لمواطن قبيلة مزينة قبيل الاسلام .

ثم تناولت بنت الرافدين الدكتورة الكناني في الفصل الثاني من اطروحتها حياة القبيلة وعلاقاتها بالقبائل الاخري ، وقد تم تقسيم هذا الفصل الي أربعة مباحث اساسية تناولت فيها احوال أبناء القبيلة قبيل الاسلام ، فتحدث المبحث الاول عن حياتهم الاجتماعية , واستطرد المبحث الثاني في الحديث عن احوالهم الدينية ، وتناول المبحث الثالث احوالهم الاقتصادية ، ثم استعرض المبحث الرابع علاقاتهم السياسية مع القبائل العربية المجاورة لهم مثل الأوس والخزرج وجهينة وغيرها من القبائل .

بعد ذلك كرست الباحثة الفصل الثالث للحديث عن إسلام قبيلة مُزينة ودور ابنائها البارز في عصر الرسالة وفي عمليات التحرير والفتوحات العربية الإسلامية ومواقفهم الخالدة في العصر الراشدي ، وقد تم تقسيم هذا الفصل إلى  ثلاثة  مباحث اساسية , تناول المبحث الأول موقف قبيلة مُزينة من الدعوة الإسلامية مع استعراض أهم الشخصيات البارزة التي اعتنقت الإسلام منذ وقت مبكر, أما المبحث الثاني فكان عن مشاركتهم في الغزوات مع النبي (ص) قبل فتح مكة , وتضمن كذلك دورهم في فتح مكة ثم مشاركتهم في الغزوات بعد الفتح ، كما استعرض المبحث وفد قبيلة مُزينة علي الرسول (ص) ، وكذلك مواقفهم المشرفة من الردة بعد انتقالة (ص) الي الرفيق الأعلي ، ثم تخصص المبحث الثالث لإظهار دور مُزينة في حروب التحريرالعربية الإسلامية و فتوح مناطق المشرق ، حيث كان لأبناء هذة القبيلة النبيلة الدور الكبير في تحرير العراق و بلاد فارس ، وكذلك تناول المبحث نفسه منازل مُزينة الجديدة بعد معارك التحرير الإسلامية وانتشار أبنائها واستيطانهم في عدة بلاد منها الكوفة العراقية والفسطاط المصرية ، وانتهي هذا الفصل بإلقاء الضوء علي دور قبيلة مزينة الإداري في العصر الراشدي وكذلك مواقف أبنائها من الأحداث السياسية في تلك الفترة.

وقد تعرضت الدكتورة نهلة الكناني في دراستها الي دخول ابناء قبيلة مزينة الي ارض مصر ، فذكرت بعض رجالها ممن شاركوا في فتحها مع عمرو بن العاص ، وذكرت بعض اعلام مزينة في مصر ممن تولوا القضاء ، وممن احتلوا مناصب علمية وفقهية رفيعة في المجتمع المصري مثل الإمام ابو ابراهيم اسماعيل المزني صاحب الإمام الشافعي ، ولا زال ابناء قبيلة مزينة منتشرين في مصر حتي عصرنا الحاضر ومعاقلهم الرئيسية في شبة جزيرة سيناء ، كما انتشرت عائلاتهم واشتهرت في مختلف ربوع المحافظات المصرية ، حيث يذكر الباحث عبد الحكيم الوائلي في كتابه موسوعة قبائل العرب عائلة كاتب هذة السطور بمحافظة  القليوبية قائلا  "عائلة أبو عبيد عائلة مصرية معروفة في القليوبية بمصر يرجع نسبها إلى مزينة ، ضمن طابخة (عمرو) من مضر من العرب العدنانية " .

وقبل ان يتشدق الغرب بحقوق المرأة في العصر الحديث يخبرنا التاريخ عن احترام قبيلة مًزينة للمرأة وحقوقها وصون مكانتها قبل نحو الفي عام ، ولا أدل علي ذلك من ان القبيلة بكل تاريخها وأمجادها حملت اسم مزينة ( زوجة عمرو الجد الاكبر للقبيلة ) عاليا عبر كل تلك القرون ، وقد أيقنت الباحثة الفاضلة الدكتورة نهلة الكناني بحسها الفطري هذة الحقيقة ، ولهذا نجدها مشكورة لم تألو جهدا في التأريخ للمرأة المًزينية ودورها في صناعة التاريخ العربي ، فقالت الباحثة في وصف نساء القبيلة "نساء قبيلة مًزينة أشتهرن بالحكمة والمعرفة" وذكرت امثلة عديدة لنساء بارزات في تاريخ العرب منها "حكيمة المزنية" التي أرشدت زيد بن حارثة في غزوة بني سليم سنة 6هـ ، وكذلك "عرفطة المزنية" زوجة عبيد السلمي أم أبي وجزة يزيد الراجز الشاعر، وايضا "كريمة بنت الحسحاس المزنية" التي سمعت أبا هريرة في بيت أم الدرداء، وروى عنها إسماعيل بن عبد الله بن أبي المهاجر وغيرهن الكثير.

وختمت الدكتورة الكناني دراستها بذكر المصادر والمراجع التي استعانت بها ، حيث بلغ عدد المصادر الاولية بعد القرآن الكريم ١٥٣ مصدر ومرجعا تارخيا ، كما ضمت الي قائمة مصادرها مراجع حديثة بلغ عددها ٢٩ مصدرا ومرجعا تارخيا ، مما اعطي اطروحتها مرتبة عالية ، هذا وقد ثمن أبناء قبيلة مًزينة وعنهم كاتب هذا المقال للباحثة العراقية حسن اختيارها لموضوع أطروحتها ، وقدروا عاليا ما بذلتة من جهد في التأريخ لهذة القبيلة العريقة وتوثيق أمجادها وأعلامها ، الجدير بالذكر ان جامعة البصرة تعد من المراكز البحثية الهامة في ارض الرافدين حيث تضم كوكبة من الاساتذة المشهود لهم بالكفاءة علي المستوي الدولي مثل الاستاذ الدكتور عكاب الركابي استاذ التاريخ العربي الحديث والمعاصر، فهو ليس استاذ اكاديمي فحسب بل صاحب قلم ايضا ولة العديد من الكتب والمقالات المنشورة .