مقالات في الأناسة

رغداء زيدان/سوريا

[email protected]

أحببت أن أقدم للقارئ الكريم هذا الملخص لكتاب جميل ومهم برأيي, وهوكتاب مقالات في الأناسة, لكلود ليفي شتراوس, وقد اختار هذه المقالات ونقلها للعربية د. حسن قبيسي, ونشرتها في بيروت دار التنوير, وصدرت الطبعة الأولى من الكتاب عام 1983م.

وتأتي أهمية هذا الكتاب برأيي, كونه يقدم بحثاً علمياً يؤكد أن التنوع الحضاري والثقافي هو الأمر الطبيعي وهو من سمات الإنسانية, وأن محاولة فرض نظام واحد (هو النظام الغربي بمعاييره التي باتت مقياساً لتقدم وتخلف البلدان والحضارات) هو أمر خاطئ وينطلق من منطلق قاصر لا ينظر إلى الحضارات والظواهر الاجتماعية بمنظار سليم.

وأرى أننا بحاجة لتذكر هذا في عصر بتنا فيه نحتقر ثقافتنا ونعتبرها متخلفة ونسعى بكل جهدنا لتمثل الحضارة الغربية بكل ما فيها دون اعتبار للاختلافات البشرية والصيرورات التاريخية والاجتماعية للحضارات المتنوعة.

مقالات في الأناسة:

كلود ليفي شتراوس : (1899 ـ 1973م), أنثربولوجي وسيوسولوجي فرنسي, من أعلام البنيوية, من كتبه, العرق والتاريخ, مداريات حزينة, الفكر البري, الأسطورة والمعنى, وغيرها.

د. حسن قبيسي, باحث ومترجم لبناني, ترجم كتباً كثيرة في البنيوية والفلسفة توفي قبل عدوان تموز على لبنان عام 2006م, و كان واحداً من قلائل من المترجمين العرب الذين يمكن الوثوق بهم, في ترجمة متقنة وجميلة من غير  تأليف وتأويل, وقد اخترع مصطلحات كثيرة في ترجماته.

يقدم د. حسن قبيسي في كتاب "مقالات في الأناسة" ست مقالات من مقالات كلود ليفي شتراوس في الأناسة وهي:

1 ـ علم العياني, وهو الفصل الأول من كتاب "الفكر البري", باريس, 1962م.

2 ـ حقل الأناسة, من كتاب "الأناسة البنيانية" القسم الثاني, الفصل الأول.

3 ـ المعايير العلمية في فروع المعرفة الاجتماعية والإنسانية, من كتاب "الأناسة البنيانية" القسم الثاني, الفصل السادس عشر. المجلة الأممية للعلوم الاجتماعية, المجلد 14, 1964م, عدد 4, ص 579 ـ 597.

4 ـ الانقطاعات الثقافية والنمو الاقتصادي والاجتماعي, من كتاب "الأناسة البنيانية" القسم الثاني, الفصل السابع عشر. مداخلة ألقاها المؤلف في "الطاولة المستديرة حول المقدمات الاجتماعية العامة للتصنيع" التي نظمها المجلس الأممي للعلوم الاجتماعية في أيلول 1961م.

5 ـ العرق والتاريخ, منشورات غونتييه, باريس, 1961م, (كتب عام 1952م), من مجموعة "المسألة العرقية أمام العلم الحديث" الأونسكو, باريس 1952م, أعيد نشره بترخيص من الأونسكو.

6 ـ العرق والثقافة, المجلة الأممية للعلوم الاجتماعية, المجلد 28, رقم 4, 1971م.

ملخص الكتاب:

1 ـ علم العياني:

هناك أمثلة تشهد على أن الغنى بالكلمات المجردة ليست وقفاً على اللغات الحضارية وحدها. ويتحدث المقال عن القبائل البدائية واهتمامها مثلاً بالنباتات, وكيف أن عندهم تسميات كثيرة لأنواع كثيرة جداً من النباتات وهذا يدل على غنى لغوي.

ثم يتحدث عن أشياء أخرى مثل الفن, وكيف أن رسماً لإمرأة مثلاً (لوحة كلّويه الرسام الفرنسي) التي تلبس ثوباً عليه ياقة من الدانتيلا, وكيف أن معاينة هذه الياقة تظهر لنا أشياء كثيرة, مثلاً ناقش فكرة ما هي الفضيلة التي ترتبط بتصغير الشيء, ويقول إن هذه الفضيلة تنشأ عن ضرب من القلب لمساق المعرفة, فلمعرفة الشيء الفعلي بكليته نجد أنفسنا ميالين دائماً للعمل انطلاقاً من أجزائه, وكلما كانت كلية الشيء أصغر بدت لنا أقل مدعاة للرهبة, يكفي أن يقل كمياً حتى يبدو لنا نوعياً على نحو أبسط, (نعرف كيف صُنعت الدانتيلا مثلاً).

وبعد شرح مفصل يقول إن هذا التحليل يتيح لنا أن نفهم على نحو أفضل لماذا تبدو لنا الأساطير تارة كسساتيم من العلاقات المجردة وطوراً كموضوعات للتأمل الجمالي.

ويقول إن الإبداع الذي يولد الأسطورة هو مناظر ومعاكس لذلك الذي نجده في أصل العمل الفني, ففي هذه الحالة الأخيرة يصار إلى الانطلاق من مجموعة تشكل من شيء واحد أو عدة أشياء , ومن حادثة واحدة أو عدة حادثات فيضفي الإبداع الجمالي على هذه المجموعة طابع الكلية بأن يبرز فيها بنية مشتركة واضحة. والأسطورة تتبع نفس المسار ولكن بالإتجاه الآخر فهي تستخدم بنية من البنى لكي تنتج موضوعاً مطلقاً يتخذ الطابع الذي تتخذه مجموعة من الحادثات لأن كل أسطورة تروي تاريخاً فالفن ينطلق والحالة هذه من مجموعة (موضوع + حادثة) ثم يسعى لاكتشاف بنيتها أما الأسطورة فتنطلق من بنية ثم تسعى بواسطتها إلى بناء مجموعة (موضوع + حادثة).

2 ـ حقل الأناسة:

لمحة عن تاريخ الأناسة الاجتماعية:

في عام 1958م أُقترح إنشاء كرسي خاص بالأناسة الاجتماعية, وقبل ذلك بخمسين عاماً كان سير جيمس جورج فرازر يلقي في جامعة ليفربول الدرس الإفتتاحي لأول كرسي في العالم للأناسة الاجتماعية, وفي عام 1858م وُلد فرانز بواس وأميل دركهايم وهما مؤسسا علم الأناسة.

أما مارسل موس فهو أول من أدخل كلمتي أناسة إجتماعية في المصطلحات الفرنسية وهو تلميذ دركهايم.

وكان دركهايم أول من أدخل على علوم الإنسان شرطاً تخصصياً كان من شأنه أن يتيح تجديداً استفادت منه معظم هذه العلوم ولاسيما اللسانية في مستهل القرن العشرين.

لا يسعنا أن نطرح أسئلة حول طبيعة وأصل أي شكل من أشكال التفكير أو النشاط البشريين قبل أن نكون قد عمدنا إلى تعيين الظاهرات وتحليلها, واكتشفنا إلى أي حد تستطيع العلاقات التي تقوم فيما بينها أن تكون كافية لتفسيرها. فقبل التأكيد على أن المنطق واللغة والحقوق والفن والدين هي انعكاسات الاجتماع يجب أن ننتظر تبلور علوم مخصوصة تتناول كلاً من هذه الفروع ونتعمق في دراسة أسلوب تنظيمه ووظيفته المميزة مما يتيح لنا أن نفهم طبيعة العلاقات التي ترعاها الفروع جميعاً مع بعضها بعضاً.

إن مبدأ وغاية الاجتماعيات كما يقول موس, يقومان على إدراك الجماعة بأسرها وسلوكها بأسره.

شارك مالينوفسكي موس في أبحاثه, فبينا كيف يمكن إقامة البينة والدليل في العلوم النياسية (موس ينظّر, مالينوفسكي يختبر).

فالوقائع الاجتماعية ليست أجزاء مبعثرة بل هي معاشة من قبل البشر, وهذا الوعي الذاتي يشكل صيغة من صيغ واقعها لا يقل قيمة عن خصائصه الموضوعية.

أما الأناسة الاجتماعية فقد حدد معناها بصورة دقيقة فردينان دي سوسور فجعل إسم (السيامة) وجعل له موضوعاً دراسة حياة الدواليل داخل الحياة الاجتماعية, فهو أول من قارن بين اللغة والخط وأبجدية الصم والطقوس الرمزية واللغة الأسطورية والدواليل الشفهية والإشارية التي يتكون منها طقس من الطقوس وقواعد الزواج ونظام القربى والعادات والتقاليد....

يقدم شتراوس قكرة جميلة فيقول: إن المجتمعات المسماة بدائية هي ضمن التاريخ فماضيها يضارع ماضينا في القدم, وخضعت خلال آلاف السنين إلى كل أنواع التحولات, ومرت بفترات من التأزم والازدهار, كما أنها عرفت الحروب والهجرات والمغامرات, لكنها تخصصت في سبل مختلفة عن السبل التي اخترناها, ويبدو أن هذه المجتمعات قد بلورت أو احتفظت بحكمة خاصة تحثها على إبداء مقاومة يائسة لكل تبديل يطرأ على بنيتها ويتيح للتاريخ أن ينبثق في صلبها..

والمجتمعات التي تمكنت من حماية خصائصها تبدو لنا بمثابة مجتمعات محكومة بهم المحافظة على كينونتها, فالطريقة التي تتبعها في استغلال بيئتها تضمن لها مستوى متواضعاً من المعيشة كما تضمن حماية الموارد الطبيعية, وكذلك في الحياة السياسية فالقرارات تتخذ بالإجماع مما يستبعد إعتماد ذلك المحرك للحياة الجماعية التي يستخدم فروقات بين السلطة والمعارضة.....

فرق شتراوس بين مجتمعات باردة وأخرى ساخنة, وقال إن هذا التقسيم نظري فقد لا يوجد مجتمع يتطابق بكليته وبكل جزء من أجزائه تطابقاً تاماً مع أحد هذين النمطين من المجتمعات, فالتمييز نسبي.

عندما تميز الأناسة بين الثقافة والمجتمع تحول من نمط حضاري كان قد استهل الصيرورة التاريخية, لكن لقاء تحويل البشر إلى آلات, إلى حضارة مثلى من شأنها أن تحول الآلات إلى بشر, عندئذ تضطلع الثقافة بمهمة صنع التقدم فيتخلص المجتمع من تلك اللغة الأبدية التي كانت تضطره إلى تسخير البشر لكي يتم التقدم.

الأناسة تقول إن أشد المجتمعات البدائية تحفظاً ليست متناقضة مع الإنسانية, ولولا أن هناك في بقاع نائية من الأرض أقواماً لم يكلوا من مقاومة التاريخ مقاومة عنيدة ولم يظلوا باقين بمثابة دليل حي على ما نريد إنقاذه.

3 ـ المعايير العلمية في فروع المعرفة الاجتماعية والإنسانية:

يعترف شتراوس بأن العلوم الاجتماعية والإنسانية ليس بينها وبين العلوم الدقيقة والطبيعية تكافؤاً حقيقاً بل إن الأخيرة علوم والأولى ليست علوماً. وإذا كنا نقول عنها أنها علوم فذلك من باب الوهم الدلالي ومن قبل الرجاء الفلسفي الذي ما يزال يفتقد للشواهد التي تؤيده.

يحدد شتراوس الفرق المبدئي لاستعمال لفظة علم في كلتا الحالتين:

إن العلوم الدقيقة والطبيعية تعريفها الاتساعي ينطبق على تعريفها الإحتوائي, فالخصائص التي تجعل علماً من العلوم جديراً بهذا الإسم تتصل كذلك عموماً بمجمل النشاطات العينية التي تنطبق قائمتها من الناحية التجريبية على مجال العلوم الدقيقة والطبيعية. أما في العلوم الاجتماعية والإنسانية فإن تعريف الاتساع والإحتواء قد كفّا عن التطابق.

بعد عرض لأبرز الالتباسات والغوامض التي تشكو منها دراسة العلوم الاجتماعية قال شتراوس إنه ينبغي الشروع بنقد عرفاني لعلومنا هذه حتى نتوصل لتوضيح خصوصية كل علم وتكامله مع العلوم الأخرى.

ويقول إن أفضل السبل الممكنة هو القيام بسبر أولي لدى الإختصاصيين في جميع الفروع حيث يُسألوا سؤالاً مبدئياً: هل يعتبرون أم لا أن النتائج التي حصلوها في مجالهم الخاص أو بعضها تستجيب لنفس المعايير التي تستجيب لها النتائج المحققة من قبل العلوم الدقيقة والطبيعية؟ وفي حال الإجابة بالإيجاب يُرجى منهم عندئذ أن يعددوا هذه النتائج.

ويتوقع عندها الحصول على لائحة تتصدرها مسائل ومشكلات يؤكد أصحابها أنها تنطوي على نسبة معينة من قابلية المقارنة من حيث المنهجية العلمية في أعم مستوياتها.

4 ـ الانقطاعات الثقافية والنمو الاقتصادي والاجتماعي:

يقول شتراوس إن العلاقة بين الرأسمالي والبروليتاري عند ماركس ليست سوى حالة خاصة من العلاقة بين المستعمِر والمستعمَر ومن هذه الزاوية قد يذهب المرء إلى حد القول بأن علم الاقتصاد والاجتماعيات في الفكر الماركسي يولدان بوصفهما منوعين من منوعات النياسة.

هذه الطروحات تلفت النظر إلى وجهين من أوجه مشكلة النمو, فالمجتمعات التي نسميها اليوم متخلفة ليست هي المسؤولة ذاتياً عن تخلفها, ونحن نخطئ إذ نعتبرها خارجة عن نطاق النمو الغربي أو باقية بلا حراك أمامه فتدمير هذه المجتمعات مباشرة أو بشكل غير مباشر هي التي جعلت نمو العالم الغربي أمراً ممكناً.

ويجب أخذ الشروط التاريخية بالحسبان وبالتالي لا يمكن أن نعتبر النمو كناية عن حصيلة لوقع ثقافة أرفع وأنشط على ثقافة أبسط وأجمل (على حسب تعبير مالينوفسكي)

إن تبني أداة أشد إتقاناً قد أدى إل انهيار التنظيم الاجتماعي وإلى تفسخ الجماعة.

أما الأسباب العميقة لمناهضة النمو فتتلخص في ثلاثة أمور:

تفضيل الوحدة على التغيير, احترام المجتمعات البدائية لكل القوى الطبيعية, نفورها من الإنخراط في صيرورة تاريخية.

5 ـ العرق والتاريخ:

العرق والثقافة: هو مقال عن مساهمة الأعراق البشرية في الحضارة العالمية, وهناك حديث عن المساهمات الثقافية لا تستمد أصالتها من الأعراق, فالأصالة تعود إلى ظروف جغرافية وتاريخية وإجتماعية لا إلى ملكات مختلفة مرتبطة بالتكوين التشريحي أو الجسدي للسود أو للصفر أو للبيض.

إن الحياة البشرية لا تنمو وفقاً لنظام مضطرد الرتابة, بل عبر صيغ من المجتمعات والحضارات عجيبة التنوع.

تنوع الثقافات: إن مقولة تنوع الثقافات لا ينبغي أن تؤخذ بصورة جامدة فهذا التنوع ليس كناية عن تنوع العينات الساكنة أو عن تنوع الجردة الجافة.

المحورية القومية: البشر نادراً ما ينظرون إلى تنوع الثقافات كما هو عليه, أي بمثابة الظاهرة الطبيعية الناجمة عن علاقات مباشرة أو غير مباشرة بين المجتمعات, بل إنهم رأوا في هذا التنوع أمراً شنيعاً.

الثقافات الغابرة والثقافات البدائية: فكرة التقدم: التقدم لا يمكن ترتيبه وفقاً لسلسلة منتظمة ومتصلة فصقل الحجر ونحته وجدا أحياناً جنباً إلى جنب, فالأمر لم يكن بمثابة نتيجة لتقدم تقني ينبثق بصورة عفوية عن المرحلة السابقة بل بمثابة محاولة لصنع أسلحة وأدوات من الحجر نسخاً عن الأسلحة والأدوات المعدنية التي تملكها حضارات أكثر تقدماً على الأرجح لكنها في الواقع معاصرة لمقلديها

كل هذا لا يرمي إلى إنكار واقع تقدم البشرية لكنه يهيب بنا إلى أن ننظر إلى هذا التقدم نظرة فيها المزيد من الحيطة.

التاريخ التراوحي والتاريخ التراكمي: علينا أن نتساءل عما إذا لم يكن هذا الجمود الظاهر ناتجاً عن جهلنا بمصالحها الحقيقية سواء كانت واعية أو واعية (لها معايير غير التي لنا)

موقع الحضارة الغربية: الصدفة والحضارة: يتحدث شتراوس عن أثر الصدفة في تعليم الإنسان, مثلاً إشتعال حريق أنضج اللحم فتعلم الإنسان الطهي.

تآزر الثقافات: ليس ثمة مجتمع تراكمي بذاته ولذاته, التاريخ التراكمي ليس ميزة تمتاز بها بعض الأعراق أو بعض الثقافات عن غيرها إنه ينشأ عن سلوكها لا عن طبيعتها, وهو يعبر عن صيغة من صيغ وجود الثقافات التي ليست سوى طريقة كونها مجتمعة.

المعنى المزدوج للتقدم: التقدم الثقافي متوقف على التآزر بين الثقافات, وهو يقوم على وضع الحظوظ التي تصادفها كل ثقافة عبر نموها التاريخي موضع المشاركة, وهذا التآزر يؤتي ثماره على نحو أفضل كلما كان قائماً بين ثقافات يحكمها تنوع أشد, فاللعب المشترك الذي ينشأ عنه كل تقدم ينبغي أن يفضي في حصيلته عاجلاً أم آجلاً إلى تجانس الموارد لدى كل اللاعبين.

وليس لهذه الحصيلة الحتمية إلا علاجان : أن يحرص كل لاعب أثناء لعبه على الاحتفاظ بفروقات تفاضلية.

والثاني هو اللجوء طوعاً أو كرهاً إلى إدخال فرقاء جدد على التحالف من خارجه على أن تكون مراهناتهم مختلفة تمام الاختلاف عن تلك التي يتصف بها التجمع الأساسي.

5 ـ العرق والثقافة:

في هذا المقال يحاول شتراوس تحديد معنى العرق, ويتحدث عن مشكلات الصلات بين العرق والثقافة, ويبين أن هناك حضارات متنوعة بتنوع الثقافات في المجتمعات, وكيف أن لها ضرورة تاريخية, ويدافع في مقاله هذا عن هذا التنوع الثقافي والحضاري. 

ويختم شتراوس مقاله بقوله : ربما لا نزال نحلم بأن يسود الإخاء والمساواة في يوم من الأيام بين البشر دون أن يقضيا على تنوعهم........إن العصور الخلاقة الكبرى كانت تلك التي صار فيها التواصل كافياً إلى حد توليد الحوافز بين أطراف متباعدة ولم يصبح بعد شائعاً وسريعاً بحيث يلغي الحواجز التي لا غنى عنها بين الأفراد كما بين الجماعات ويمكّن التبادلات اليسيرة الهينة من القضاء على تنوعهم.