العهد والبيعة وواقعنا المعاصر

تأليف: د.عدنان رضا النحوي

إلى المؤمنين العاملين في الميدان ، إلى المجاهدين في سبيل الله ، إلى الجماعات المؤمنة العاملة ، ليتذكر كل مؤمن ولاءه الأول لله ، وعهده الأول لله ، وعهده  الأول مع الله ، وبيعته الأولى لله ، ولتنهض العهود في حياة الناس ، وليمتدّ الولاء بين المؤمنين ، وليستقيم ذلك كله على أساس من منهاج الله ـ قرآناً وسنة ولغة عربية ـ عسى أن يجمع الله الصادقين على عهد أمين ، وميثاق رباني كريم في لقاء المؤمنين ، في الدعوة الإسلامية ، دعوة الحق .

هذا العهد مع الله ، العهد المرتبط بالولاء ، والعهد المرتبط بالبيعة ، غفل عنه المسلمون قروناً طويلة ، وغاب عن حقيقة ممارستهم في الواقع ، وبهتت معانيه وظلاله في النفوس شيئاً فشيئاً . إنه عهد قائم في فطرة الإنسان ، ممتدّ في حياته ، ماض إلى يوم القيامة .

وعلى أساس من هذا العهد الحق الثابت يمكن أن تقوم في حياة الإنسان عهود منبثقة منه ، خاضعة لشروطه، يحكمها منهاج الله ، ويقتضيها واقع الإنسان المؤمن . ومن هذا التصور يمتدّ الولاء بين المؤمنين ليكون منبثقاً عن الولاء لله ، مرتبطاً به ، وكذلك تمضي البيعة في حياة الناس بيعة نابعة من العهد والولاء والبيعة لله ، متصلة بها ، مترابطة معها ، الإخلال بأحدهما هو إخلال بالأخرى ، فبرّ الوالدين عهد مع الله في حياة المؤمن ، عهد مع والديه نابع من عهده مع الله ، سواء في ذلك عهود التجارة وعقودها ، وعهود الزواج وعقودها ، والمعاهدات السياسية والدولية ، وعهد الإمارة والإمامة ، ووفاء المؤمن بعقد العمل وأمانة الوظيفة ، وحق الجار ، وصحبة السفر ، إلى غير ذلك مما يلقاه المؤمن في حياته  الدنيا ، حيث يؤدي أمانةً حملها ، واستخلافاً جُعِل له ، وعبادة خُلِق لها ، وعمارة أُمِر بها . وينتهي بذلك زعم من يحسب التجارة مهارة غشّ  ، والسياسة فنّ خداعٍ، والحياة الاجتماعية كذباً ونفاقاً .

هذا التصور الإيماني للعهد والميثاق ، والولاء والوفاء ، والبيعة والأداء ، هذا التصور نحتاج اليوم إلى أن نعيده برونقه القرآني ، وجماله الإيماني ، وصدقه الربّاني . نحتاج اليوم إلى أن نعيده ليأخذ مكانه في الدعوة إلى الله ، وفي البناء والتربية ، وفي الممارسة والتطبيق . فلا بدّ من أن تنشأ أجيال المؤمنين في الأرض على فطرتها السليمة السوية ، واعية لعهدها مع الله ، وفيّة لولائها لله ، صادقة في بيعتها مع الله ، ترتبط عهودها كلها مع عهد الله ارتباط إيمانٍ وعلمٍ  .

وحتى يصدق التصور منذ البداية فإننا نوضح طبيعة الارتباط والتناسق بنقاط أساسية ، ستزيد وضوحاً وجلاءً في أبواب وفصول هذا الكتاب .

يقع الكتاب في (160) صفحة من الحجم المتوسط ، ويحوي ثلاثة أبواب ، الأول بعنوان : " العهد مع الله وامتداده " والثاني بعنوان : " أسس العهود في حياة الإنسان " أما الباب الأخير فبعنوان : " العهد في لقاء المؤمنين " .