مملكة حماة الأيوبية في مواجهة الحملات الصليبية والزحوف المغولية
مملكة حماة الأيوبية في مواجهة
الحملات الصليبية والزحوف المغولية
|
كتاب من تأليف الأستاذ عدنان سعد الدين، صاحب الباع الطويل في الحركة والفكر والكتابة، فقد سبق أن أصدر ثلاثة كتب، هي: حوار مع رجاء جارودي – والصفوة من صفة الصفوة – و – البعد الإنساني في الرسالة الإسلامية -ثم أصدر هذا الكتاب الذي يهدف إلى تذكير إخواننا وأبنائنا من الأجيال الصاعدة، بما سطّره الآباء والأجداد من تاريخ أغرّ، وصفحات ناصعة، وأمجاد تليدة، وبما قدموه من تضحيات غالية للذود عن أمتهم، والدفاع عن أرضهم، عندما دهمت أوربا بلادنا من الغرب، فيما أطلقوا عليه اسم الحروب الصليبية التي استمرت أكثر من أربع مئة سنة (1098 – 1522) وحينما اجتاحت جيوش التتار والمغول من الشرق، في الوقت نفسه، فكانوا ألعن من الجراد المنتشر، الذي لا يبقي ولا يذر.
تحدث المؤلف في كتابه هذا عن مملكة حماة التي أسسها الأيوبيون، وجعل منها القائد البطل صلاح الدين الأيوبي، قاعدته الأولى في مواجهة الصليبيين الغزاة القادمين من الغرب، والمغول المتوحشين الغزاة من الشرق، والأرمن المتربصين في الشمال، فكان لهذه المملكة الأيوبية دورها الكبير في كل المعارك الحاسمة في بلاد الشام، وأرض الكنانة، مثل: حطين، وعين جالوت، والمنصورة، وتحرير القدس، وعكا وسائر المدن الشامية الساحلية التي احتلها الصليبيون، وتحرير قلاع الجبل، مما كان له أعظم الأثر في الحفاظ على الوطن العربي، وتحرير شعوبه وتطهير أرضه من الغزاة الذين ارتكبوا من الجرائم ما تقشعر له الأبدان.
جاء الكتاب في بابين، وخمسة عشر فصلاً امتدت على مساحة 216 صفحة من القطع الكبير.
كان الباب الأول في عشرة فصول، تحدث فيها عن قيام الدولة الأيوبية، وقيام مملكة حماة الأيوبية، وتعيين واليها تقي الدين ملكاً عليها.
وفي الفصل الرابع تحدث عن الحكم الوراثي في مملكة حماة، وانتقال الملك إلى المنصور الأول ابن تقي الدين.
ثم تحدث – في الفصل الخامس- عن الملك المظفر الثاني تقي الدين محمود، ثم عن الملك المنصور الثاني، فالملك المظفر الثالث محمود، كل واحد في فصل.
ثم تحدث في الفصل الثامن عن خروج الملك من البيت الأيوبي.
وفي الفصل التاسع تحدث عن أعظم ملوك حماة: الملك عماد الدين إسماعيل أبي الفداء الذي مثّل ظاهرة ثقافية وحضارية بارزة في التاريخ العربي، ويُعَدُّ الشخصية الثانية في هذه المملكة المجاهدة، بعد صلاح الدين الأيوبي، رحمهما الله تعالى، فقد شارك أبو الفداء في مجريات الأمور في وقت مبكر، وكان يصحب أباه المجاهد في حلّه وترحاله.. شارك أباه في تحرير قلعة المرقب من الصليبيين وهو ابن اثنتي عشرة سنة.. وهكذا..
وفي الفصل العاشر تحدث عن الملك الأفضل ناصر الدين محمد آخر الملوك الأيوبيين في مملكة حماة.
وفي الباب الثاني المؤلف من خمسة فصول، تحدث الكاتب في الفصول الأربعة الأولى منها عن الحياة الإدارية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية في العصرين: الأيوبي والمملوكي، وفي الفصل الخامس تحدث عن مملكة حماة الأيوبية في عيون الرحالة: ناصر خسرو، وبنيامين التطيلي الأندلسي، وابن جبير الأندلسي، وابن بطوطة.
وختم الكاتب كتابه بملحقين، تحدث في الأول عن ثلة من الشخصيات الحموية الفذة، مثل: الزاهد الورع محمد بن مظفر بن بكران الحموي المتوفَّى عام 448هـ، والفقيه النحوي تاج الدين البرمكي الحموي، وابن رزين العامري الحموي، قاضي القضاة في الديار المصرية المتوفَّى سنة 680هـ، وإبراهيم بن أبي الدم (ت 632 هـ) وشرف الدين الأنصاري المعروف بشيخ الشيوخ (ت 662 هـ) وعبد الرحيم البارزي (ت 683 هـ) وشرف الدين البارزي قاضي القضاة (ت 738 هـ) وسواهم، يرحمهم الله تعالى.
لقد بثّ الكاتب في هذا الكتاب الكثير من روحه، وتساءل:
"فهل يواجه الأبناء هجمات الأعداء اليوم، كما واجهها آباؤهم بالأمس؟
وهل يحافظ الأحفاد على الأرض والعرض والمقدسات، كما فعل الأجداد من قبل؟"
ومن هذه الروح الطيبة، نسمات هذا الإهداء الجميل البديع:
1 – إلى روح الإمام الشهيد حسن البنا، طيّب الله ثراه، الذي جدّد للأمة الإسلامية دينها، وأحيا أملها، وأيقظها من سباتها، وأسمعت صيحته أرجاءها، والذي أعطى من نفسه القدوة في العطاء والفداء ونكران الذات.
2 – وإلى روح القائد الكبير الشيخ مصطفى السباعي الذي أحيا بجرأته وجهاده روح التضحية والإخلاص لرسالة الإسلام، وأعاد في بحوثه الرائدة، للسنة مكانتها، وللمرأة كرامتها، وللحضارة الإسلامية ألقها، فرحمه الله وأعلى مقامه.
3 – وإلى روح المفكر الداعية الأستاذ محمد المبارك، أحد السابقين في تأسيس الحركة الإسلامية في بلاد الشام، وصاحب العطاء الفذ في ساحات الفكر والتربية والثقافة، والتي امتدت إلى الحجاز والسودان وغيرهما، بمحاضراته وكتاباته ودراساته واستشاراته في المناهج الجامعية والبحوث العلمية.
4 – وإلى روح العالم الرباني الشيخ محمد الحامد، كبير العارفين، وشيخ الصادقين، الإمام الورع الزاهد، القدوة لجيل من الدعاة الذين حملوا مصباح الهداية من مدينته الصابرة إلى كل مكان بلغوه في الوطن العربي والعالم الإسلامي.
نشدّ على أيدي الأستاذ المفكر الكبير عدنان سعد الدين، ونطالبه بالمزيد في ميادين الفكر الناضج، بأسلوبه الجزل، وموضوعاته المتميزة.