من أعلام الدعوة

من أعلام الدعوة

د. أحمد نوفل  

 المستشار عبدالله العقيل

نهنئ الأخ العزيز المستشار عبد الله العقيل "أبو مصطفى" على رائعته: كتابه القيم والسفر النفيس: "من أعلام الحركة والدعوة الإسلامية المعاصرة" الذي صدرت طبعته الأولى هنا في الأردن سنة 1422هـ/2001م والذي جاء في (713) ثلاث عشرة وسبعمئة صفحة، وابتدأ التراجم بعمر التلمساني وختمها بالشهيد عبد الله عزام رحمة الله عليهم أجمعين. وعدد من ترجم لهم واحد وسبعون من الأعلام الكرام، الذين كان للمؤلف صلة مباشرة بهم وذكريات معهم.

وامتدت الذكريات على مساحة زمنية نيفت على نصف قرن، ومساحة مكانية زادت على نصف مساحة الأرض، وتكلم عن أعلام من أقطار ممتدة من أندونيسيا إلى الهند والشام وفلسطين ومصر ولبنان والعراق والخليج بأقطاره، والشمال الإفريقي بأمصاره والجزيرة..

وقد اختار الكاتب الكريم أعلامه كلهم ممن ارتحلوا إلى الله، حتى لا يكون في الكلام إطراء لبشر ما زالوا على قيد الحياة، واختار أعلامه ممن تركوا بصمات وآثاراً واضحة في مسيرة الدعوة إلى الله في القرن العشرين، قرن هدم بنيان الخلافة، ومحاولات استعادتها، التي كان أبرزها مجهودات الشيخ البنا رحمه الله.

وقد حظي المجاهدون من بين الأعلام بأهمية بارزة. وقد جاء الكتاب موثقاً بالصور، مما يعني أن المؤلف أكرمه الله كان منتبهاً من مرحلة مبكرة إلى هذه المسألة: التوثيق والتأريخ وكتابة المذكرات.

وما أحوجنا إلى من يؤرخ من الميدان، كمثل الجبرتي علامة مصر الذي كان يؤرخ للحملة الفرنسية على مصر ويكتب وقائعها يوماً بيوم وأولاً بأول فصار أهم مراجع التاريخ لهذه المرحلة، وهذه الدعوة التي يتكالب العالم على طمس معالمها وأعلامها، ما أروع أن يتصدى علم من الأعلام لإبراز دور الأعلام بإنصاف وموضوعية دون مبالغة ولا ادعاء، وإنما بعرض الحقيقة المجردة لتكون هذه الصفحات عبرة ووقائع تتدارس ويستفاد منها بمعرفة مرحلة حساسة من تاريخنا في هذا القرن.

وممن ترجم لهم وكلهم كما أسلفت ممن لقيهم وعايشهم: الأمير عبد الكريم الخطابي بطل الريف بالمغرب الأقصى وهو من الأمازيغ ولد سنة 1300/1882، وبعد أن ذكر نفيه بعد جهاده للأسبان والفرنسيين، وذلك حين قرر الفرنسيون إبعاده "كما هي إسرائيل اليوم" إلى مصر سنة 1947، وهناك لقيه المؤلف، أقول كثيراً ما كان الأخ أبو مصطفى يذكر النتاج الفكري للعلم وشيئاً من عيون أقواله وكلماته، وهو جهد كبير وعمل مبرور كريم.

ومن أعلام شمالي أفريقيا الذين ترجم لهم: الفضيل الورتلاني، والبشير الإبراهيمي، ومحمد الخضر حسين، ومالك بن نبي، ومحيي الدين القليبي، وعلال الفاسي.

ومن أعلام الجهاد في فلسطين ترجم كلاً من الدكتور عبد الله عزام وصلاح حسن "أبو عمرو" وإبراهيم عاشور "أبو حسن" وأحمد الخطيب "أبو محمد" ومحمد صالح عمر "وزير أمن السودان" ومحمد سعيد باعباد "من عدن".

ومن أعلام مصر: البهيّ الخولي، سعيد رمضان، محب الدين الخطيب، ومحمد فرغلي، ومحمد أبو زهرة وعبد المنعم عبد الرؤوف، وعبد القادر عودة، وسيد قطب.. إلخ.

ومن أعلام العراق: عبد العزيز البدري، وعبد العزيز الربيعة، وأمجد الزهاوي، وصالح الدباغ، ومحمد محمود الصواف.. إلخ.

ومن أعلام الجزيرة: أحمد محمد جمال، وعبد الرحمن السعدي، وعبد الله الكليب، ومحمد آل الشيخ، ومحمد نصيف، وعبد الله بن حميد.

ومن أعلام الهند: مسعود الندوي، وأبو الأعلى المودودي.

ومن أعلام أندونيسيا: د. محمد ناصر.

ومن أعلام فلسطين وبلاد الشام: نزار الصباغ، وأمين الحسيني، وعمر بهاء الدين الأميري، والشاعر عبد الرحيم محمود، ورسلان الخالد، ومصطفى السباعي، وعبد الفتاح أبو غدة.

وبعد، فهذا الكتاب مكتبة جديرة بالاقتناء، حقيق أن يقرأ ويعاود فيه النظر، فهو حصيلة عمر، وعصارة فكر، وخلاصة تجربة، وثمرة صحبة وملازمة، ونتيجة طول معايشة.

بارك الله في عمر أستاذنا وشيخنا أبي مصطفى عبد الله العقيل، وحفظه ومتع إخوانه ومحبيه به، وأكثر من أمثال هذه الأسفار التي تغني في الأسفار وتغني عن الأسفار، فمثل هذه الأخبار لا تتأتى إلا لعقل واع وهمة عالية ونفس ذكية وكم كنا نأسى على أحداث ووقائع لم تجد مثل قلم أبي مصطفى لتدوينها فتكون عبرة ومدرسة للأجيال القادمة.