الشيعة والتصحيح الصراع بين الشيعة والتشيع

الشيعة والتصحيح

الصراع بين الشيعة والتشيع

د.موسى الموسوي

عبد الله الطنطاوي

المؤلف:

مؤلف هذا الكتاب هو العلامة الدكتور موسى الموسوي، ولد في مدينة النجف عام 1930 في بيت علم ودين، فأبوه كان عالماً، وجده السيد أبو الحسن الموسوي الأصبهاني كان أكبر علماء الشيعة في عصره.

درس المؤلف في جامعة النجف، وحصل على الشهادة العليا في الفقه الإسلامي.

ثم حصل على شهادة الدكتوراه في التشريع الإسلامي، من جامعة طهران عام 1955.

وعلى الدكتوراه في الفلسفة من جامعة السوربون في باريس عام 1959.

وقام بتدريس الاقتصاد الإسلامي في جامعة طهران (1960-1962).

وبتدريس الفلسفة الإسلامية في جامعة بغداد (1968-1978).

ثم انتخب رئيساً للمجلس الإسلامي الأعلى في غرب أمريكا منذ عام 1979.

كما عمل في جامعة: هاله بألمانيا الديمقراطية.

وجامعة طرابلس بليبيا.

وجامعة هارفارد.

وفي جامعة لوس أنجلوس في الولايات المتحدة الأمريكية.

وله أكثر من خمسة عشر كتاباً كتب في الفلسفة والسياسة والفكر منها كتاب (الثورة البائسة) الذي أصدره عام 1983 وتحدث فيه عن الثورة الخمينية.

وهذا يعني أن المؤلف ذو باع طويل في العلم والسياسة والدين، وفي التأليف، وعلى اطلاع واسع حول قضايا الشيعة والتشيع، وهو ليس متهماً بالتعصب ضد الشيعة لأنه واحد منهم بل من عليتهم نسباً وعلماً ومركزاً..

ومن هنا وهناك تأتي أهمية هذا الكتاب الذي استهل المؤلف صفحاته بهذا الإهداء:

"هذا كتاب يدافع عن الإسلام والإنسان والعقل، ابتغيت به وجه الله ورضاه وعونه وغفرانه، وقصدت به الشيعة في كل زمان ومكان، فإلى كل من يتبع نداء التصحيح، ويسعى لأجل مبادئه وأهدافه، أهدي هذا الكتاب".

الكتاب:

طبع هذا الكتاب في ولاية لوس أنجلوس عام 1987، وهو يقع في 190 صفحة من القطع الوسط، ويتألف من مقدمة وبضعة عشر فصلاً جاءت في صورة أبحاث هي: الإمامة والخلافة - التقية - الإمام المهدي (الاجتهاد والتقليد، والخمس، وولاية الفقيه) - الغلو - زيارة مراقد الأئمة - ضرب القامات في يوم عاشوراء - الشهادة الثالثة - الزواج المؤقت (أو زواج المتعة) - السجود على التربة الحسينية - الإرهاب - صلاة الجمعة - تحريف القرآن - الجمع بين الصلاتين - الرجعة - البداء - التصحيح بين القبول والرفض.

فإلى هذه الرحلة الممتعة في هذا الكتاب الذي يهدم ويبني في منهجية وعقلانية..

"إنه نداء للشيعة، مبعثه الإيمان المطلق بالله وبرسالة الإسلام الخالدة، وبقوة المسلمين وكرامة الإنسان. إنه نداء يدعو إلى الطرق الإصلاحية الكبرى، لمحاولة إنهاء الخلاف الطائفي بين الشيعة والفرق الإسلامية الأخرى إلى الأبد، وإلى أن تقوم الساعة. إنها صرخة لله ولاستيقاظ الشيعة من  نوم عميق دام ألفاً ومئتي عام. إنها قصة الصراع  المرير بين المسلمين حتى يومنا هذا. إنه نداء العقل والإيمان إلى الشيعة كي تنفض عن نفسها  غبار السنين، وتثور ثورة لا هوادة فيها ولا انتظار على تلك الزعامات المذهبية التي سببت لها هذا التخلف الكبير في الحياة الدينية والفكرية والاجتماعية.

وهكذا يدفعني اعتقادي وواجبي أن أوعي ملايين الشيعة وأؤكد عليهم قراءة هذا الكتاب:

)فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين( ص6-7.

الإمامة والخلافة

بدأ المؤلف هذا الفصل بقوله:

"بدأ الصراع بين الشيعة والتشيع عندما حرفت الشيعة معنى التشيع من حب الإمام علي وأهل البيت، إلى ذم الخلفاء الراشدين وتجريحهم بصورة مباشرة وتجريح الإمام علي وأهل بيته بصورة غير مباشرة" ص8.

ويتحدث المؤلف عن عقيدة الشيعة الإمامية في الخلافة فيقول:

"كلما تعمقت في الشيعة والتشيع وعقائد الإمامية، أجد أن هناك هوة عظيمة تفصل بين الشيعة والتشيع، قد تصل في بعض الأحيان إلى التناقض الصارخ، حيث أرى بوضوح أن التشيع شيء، والشيعة شيء آخر" ص9.

ويحدد المؤلف تاريخ الصراع الفكري بين الشيعة والتشيع بالغيبة الكبرى (غيبة الإمام المهدي الثاني عشر عند الشيعة الإمامية الذي غاب عن الانظار في عام 329هـ).

ثم كان العصر الثاني للصراع بظهور الدولة الصفوية سنة 907هـ وتأسيس الدولة الشيعية في إيران.

ثم كان "العصر الثالث والأخير وهو عصر الصراع الذي نشاهده في حياتنا المعاصرة بين الأفكار الشيعية الحديثة والتشيع، تلك الأفكار التي عصفت بالمجتمع الشيعي وأدت إلى نتائج حزينة خطيرة لا تحتملها الأرض ولا السماء". ص9.

ويبين المؤلف مدى أهمية (الإمامة) لدى المذهب الشيعي الإمامي، وأنها أصل لكل ما يتفرع عنها من إشكالات مثيرة للنقاش والجدل مع الفرق الإسلامية الأخرى، فالشيعة الإمامية تعتقد أن الخلافة في علي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن بعد علي في أولاده حتى الإمام الثاني عشر الذي هو محمد بن الحسن العسكري الملقب بالمهدي، ثم تطور  الخلاف الفكري بين الشيعة والسنة، حتى "تجاوز حدود البحث العلمي والاختلاف في الرأي، بل اتخذ طابعاً حاداً وعنيفاً عندما بدأت الشيعة تجرّح الخلفاء الراشدين وبعض أمهات المؤمنين، وذلك بعبارات قاسية وعنيفة لا تليق بأن تصدر عن مسلم نحو مسلم، ناهيك أن تصدر عن فرقة إسلامية نحو صحابة الرسول وأزواجه" ص10.

"لكن الحيرة كل الحيرة هي الطريقة التي اتبعتها الشيعة في معالجتها لمشكلة الخلافة، فهي تتناقض كل التناقض مع سيرة الإمام علي وسيرة أولاده من أئمة الشيعة، ولذلك تتملكني الحيرة والدهشة عندما أرى أن شعار الشيعة هو حب الإمام علي وأولاده، ولكنهم يضربون عرض الحائط سيرة علي والأئمة من ولده". ص11.

ويوضح المؤلف فكرة التشيع بأنه كان "يعني أن الإمام علياً أولى بالخلافة وأحق بها من غيره، ولكن المسلمين –نزولاً لأوامر القرآن الكريم الذي يقول: وأمرهم شورى بينهم- ارتضوا أبا بكر خليفة، والإمام علي ارتضاه كما ارتضاه غيره، وبايعه كما بايعه غيره وهكذا كان موقفه مع الخليفتين: عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان، فبايعهما وأخلص لهما في المشورة والرأي" ص12.

بداية الانحراف في الفكر الشيعي:

يقول المؤلف:

"وبعد الإعلان الرسمي عن غيبة الإمام المهدي في عام 329هـ حدثت في التفكير الشيعي أمور غريبة أدعوها بالصراع بين الشيعة والتشيع، أو عهد الانحراف، وكان أول هذه الأمور في الانحراف الفكري ظهور الآراء القائلة بأن الخلافة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم كانت في علي وبالنص الإلهي، وأن الصحابة –ما عدا نفراً قليلاً منهم- خالفوا النص الإلهي بانتخابهم أبا بكر، كما ظهرت في الوقت نفسه آراء أخرى تقول: إن الإيمان بالإمامة مكمل للإسلام" ص14.

"وظهرت روايات تنقل عن أئمة الشيعة، فيها تجريح بالنسبة للخلفاء الراشدين وبعض أزواج النبي" ص15.

مع أننا لا نجد قبل الغيبة الكبرى "أثراً لدى المتشيعين لعلي وأهل بيته للآراء الغريبة التي ظهرت فجأة في المجتمع الإسلامي.. تلك الآراء التي ساهم بعض رواة الشيعة، وبعض علماء المذهب في بثها ونشرها وغرسها في عقول الساذجين من أبناء الشيعة، وظهرت في الوقت نفسه فكرة التقية التي كانت تأمر الشيعة بأن تعلن شيئاً وتضمر شيئاً آخر، وذلك لحماية الآراء الحديثة التي كانت بحاجة إلى الكتمان.. ولكي يكون لهذه الآراء الغريبة رصيد ديني لا يجوز التشكيك فيها، نسب رواة الشيعة تلك الروايات الغريبة إلى أئمة الشيعة، ولاسيما إلى الإمامين: الباقر والصادق، ولتثبيت صحة تلك الروايات وعدم الخوض في مضامينها وقبولها كما ذكرت، فقد ظهرت فكرة عصمة أئمة الشيعة.. لتجعل من تلك الروايات الغريبة روايات مقدسة لا تخضع للنقاش والجدل والبحث والنقض" ص14 – 15.

ويتحدث المؤلف –في حزن- عن تلك الروايات الغريبة فيقول:

"إن المتتبع للروايات التي جاء بها رواة الشيعة في الكتب التي ألفوها بين القرن الرابع والخامس الهجري، يصل إلى نتيجة محزنة جداً، وهي أن الجهد الذي بذله بعض رواة الشيعة في الإساءة إلى الإسلام، لهو جهد يعادل السموات والأرض في ثقله" ص15.

بل إن أولئك الرواة "أساؤوا للإمام علي وأهل بيته بصورة هي أشد وأنكى عما قالوه ورووه في الخلفاء والصحابة، وهكذا تشويه كل شيء يتصل بالرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) وبعصره مبتدئاً بأهل بيته ومنتهياً بالصحابة، وهنا تأخذني القشعريرة وتمتلكني الحيرة وأتساءل: أليس هؤلاء الرواة من الشيعة ومحدثيها قد أخذوا على عاتقهم هدم الإسلام تحت غطاء حبهم لأهل البيت؟" ص16.

الإمام علي يؤكد شرعية بيعة الخلفاء:

تحت هذا العنوان أكد المؤلف عدم وجود نص إلهي بتعيين علي لخلافة الرسول، وهذا ما كان يعتقده الإمام وسائر صحابته والذين عاصروه، وقد استمر هذا الاعتقاد حتى عصر الغيبة الكبرى، وهو العصر الذي حدث فيه التغيير في عقائد الشيعة، وقلبها رأساً على عقب. ص19

ثم يقدم المؤلف شواهد من أقوال الإمام بالخلفاء الراشدين الثلاثة الذين سبقوه وبايعهم وأخلص لهم وأسمى أولاده بأسمائهم، وزوّج بنته لواحد منهم، وكلها إطراء ومديح وإعجاب بهم، وكل هذه النقول من كتاب نهج البلاغة لأن الكاتب يريد محاجة الشيعة باستخدام منطقهم والاستشهاد من كتبهم، يقول المؤلف بعد دحض فرية ورود النص الإلهي في الخلافة:

"وهنا يأتي دور أولئك الذين أرادوا تحطيم الإمام علي وشخصيته والطعن فيه بصورة غير مباشرة، وهكذا تحطيم كل ما يتعلق بعصر الرسالة وصحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، لأن الطريق الوحيد في إظهار عصر الرسالة، بما فيه كبار صحابة رسول الله بالمظهر القاتم، هو إعطاء صورة عن خروج ذلك المجتمع الإسلامي عن أوامر الله الصريحة، وهذا الأمر يتوقف على تصوير الخلافة في علي بنص إلهي، ومخالفة الصحابة كلهم لهذا النص، مع علمهم بذلك، وإبلاغ الرسول (صلى الله عليه وسلم) إياهم، ثم إعطاء صورة عن الإمام علي، وهو صاحب الحق، في صورة رجل مخادع مداهن مجامل، كان مع الخلفاء الثلاثة الذين سبقوه طيلة خمسة وعشرين عاماً، في ظاهر الأمر، كمستشار أمين، وكصديق حميم، مطنباً في مدحهم، وقائلاً خير الكلام بحقهم، ولكنه في واقع الأمر غير معتقد بما يقول، وغير مؤمن بما يفعل، حتى إنه زوّج ابنته أم كلثوم لعمر بن الخطاب وهو مرغم عليه، وسمى أولاده: أبا بكر وعمر وعثمان وهو غير راض عن تسميتهم، وهكذا دواليك.." ص37 – 38.

ثم يعقب المؤلف بقوله:

"ولست أدري ماذا يكون موقف هؤلاء يوم القيامة إذا احتكم الإمام ربه فيهم" ص38.

ويعود المؤلف إلى التأكيد على اعتقاده بوجود فئة مخربة، ساهمت في تغيير مسار الفكر الإسلامي الموحد إلى طريق الشقاق والنفاق، ولضرب الإسلام والمسلمين، بما فيهم علي وعمر وكان غرضهم هدم المذاهب كلها، وإن شئت فقل: الطعن في الإسلام.

أقوال أئمة الشيعة في الخلافة والخلفاء الراشدين:

وبعد أن يناقش المؤلف مسألة الإمامة، وما إذا كانت إلهية، يقدم صورة واضحة المعالم عن موقف أئمة الشيعة من الخلافة، وكلهم يعتقدون بعدم وجود نص إلهي فيها، فيذكر مواقف الإمامين: الحسن والحسين رضي الله عنهما، ومواقف الإمام علي بن الحسين، والإمام محمد الباقر، والإمام جعفر الصادق الذي افتخر مراراً بجده أبي بكر الصديق في العديد من المواطن، فكان يقول: (أولدني أبو بكر مرتين) ومواقف هؤلاء الأئمة واضحة في اعتقاد شرعية خلافة أبي بكر وعمر وعثمان، وأقوالهم تنضح بحبهم والإعجاب بهم، ويا ويل الخائنين الذين قوّلوهم ما لم يقولوه يا ويلهم من حساب يوم شديد.

التصحيح:

وفي ختام هذا الفصل المسهب في منطقية وعقلانية، يحدد المؤلف النقاط الأساسية للتصحيح وهي نقاط مهمة، نرجو أن تستجيب لها الفئة الواعية المثقفة من أصحاب العقول النيّرة من أبناء الشيعة وهي:

1 – أن موضوع الخلافة يجب وينبغي أن لا يخرج عن إطاره الحقيقي الذي نص عليه القرآن الكريم: (وأمرهم شورى بينهم) وأن تنظر الشيعة إلى الخلفاء الراشدين بنفس النظرة والطريقة التي أقرها الإمام علي.

2 – غربلة الكتب الشيعية التي ذكرت روايات عن أئمة الشيعة في ذم الخلفاء الراشدين.

3 – على الشيعة أن تعتقد جازمة أن كل الروايات التي ذكرتها كتب الشيعة حول الخلفاء، وفي وجود نصوص إلهية في موضوع الخلافة هي روايات وضعت بعد عصر الغيبة الكبرى.

4 – أن تخرج الشيعة من الانطواء على نفسها، وتسلك طريق الإمام علي إن كانت حقاً من أنصاره، وتسمي أولادها بأسماء الخلفاء الراشدين، وتسمي بناتها بأسماء أزواج النبي وأقصد السيدة عائشة وحفصة بالذات.

5 – أن تعلم الشيعة في كل مكان تتواجد فيه على هذا الكوكب، أن السبب الحقيقي والأساسي لتخلفها الفكري والاجتماعي هو السير وراء زعاماتها المذهبية، وإطاعتها إطاعة عمياء جعلتهم كالأغنام تساق إلى حيثما تريد، وأن تلك الزعامات هي التي سببت للشيعة شقاء وعناء ومحنة سعتها سعة السماوات والأرض.. وجعلت منها أمة يسخر بها العالم، وتضحك منها الأمم. ص46 – 50.

التقية:

يستهل المؤلف هذا الفصل بقوله:

"إنني أعتقد جازماً، أنه لا توجد أمة في العالم، أذلت نفسها وأهانتها، بقدر ما أذلت الشيعة نفسها في قبولها لفكرة التقية والعمل بها، وها أنا أدعو الله مخلصاً وأتطلع إلى ذلك اليوم الذي تربأ الشيعة حتى عن التفكير بالتقية ناهيك عن العمل بها" ص51.

ويعجب المؤلف من ورود التقية في الكتب الشيعية وتثبيتها منذ الغيبة الكبرى، وهي تتناقض مع سيرة أئمة الشيعة، فقد كان هؤلاء أبعد الناس عن التقية، وأكثر الناس مقتاً لها، وليس من المعقول أن يأمر الأئمة أتباعهم بالعمل بالتقية، وهم لا يعملون بها.

ثم يقرر المؤلف أن فكرة التقية –بالمفهوم الشيعي الخاص- إنما ظهرت في أواسط القرن الرابع الهجري، أي بعد الإعلام عن غيبة الإمام الثاني عشر، أي في مستهل ظهور عصر الصراع بين الشيعة والتشيع، ولأغراض سياسية ومالية فقد كانت الأموال تصل إلى الزعامات الشيعية تحت غطاء التقية أيضاً، وبالتقية تميز سائر الشيعة بازدواجية الشخصية، بعد أن أخذت التقية تسري في الفكر الشيعي والعمل الشيعي طوال قرون، وأخذت طابعاً حزيناً في تكوين الشخصية الشيعية.

ويختم المؤلف الفصل بالدعوة إلى اجتناب التقية، ويخاطب الشيعة فيقول:

"وليعلموا أن ما نسبوه إلى الإمام الصادق من أنه قال: (التقية ديني ودين آبائي) إن هو إلا كذب وزور وبهتان على ذلك الإمام العظيم" ص59.

الإمام المهدي:

يبدأ المؤلف هذا الفصل بهذه الكلمات الطيبات الحزينات:

"إن فكرة ظهور رجل من آل محمد يملأ الأرض قسطاً وعدلاً فكرة جميلة ومليئة بالآمال الخيرة ولكن علماء الشيعة ألصقوا بالإمام المهدي جناحين أثقلا كاهل الشيعة في كل زمان ومكان وهذان الجناحان هما: بدعة الخمس في أرباح المكاسب وبدعة ولاية الفقيه، فالأولى تعني دفع ضريبة عالية ما أنزل الله بها من سلطان، والثانية تعني عبودية الإنسان للإنسان بلا قيد ولا شرط" ص60.

ثم يشرع المؤلف في عرض تاريخي لفكرة المهدي عند الشيعة التي تعتقد أن الإمام الحسن العسكري عندما توفي عام 260هـ كان له طفل اسمه محمد وله من العمر خمس سنين، هو المهدي المنتظر، كما أن هناك روايات أخرى تقول: إن المهدي هذا ولد بعد وفاة والده الإمام العسكري، وأنه تسلّم منصب الإمامة بعد والده وبنص منه بقي مختفياً عن الأنظار طوال خمسة وستين عاماً، (وهذه هي الغيبة الصغرى) وكانت الشيعة تتصل به عن طريق أربعة نواب عينهم هو لهذا الغرض، وفي عام 329هـ بدأت الغيبة الكبرى، عندما أرسل الإمام المهدي إلى نائبه الأخير (علي بن محمد السميري) قبل وفاته بشهور قليلة رقعة إليه بتوقيع الإمام المهدي جاء فيها:

"لقد وقعت الغيبة التامة، فلا ظهور إلا بعد أن يأذن الله، فمن ادعى رؤيتي فهو كذاب مفتر".

ثم يتحدث المؤلف عن الاجتهاد والتقليد لدى الشيعة الذين فتحوا باب الاجتهاد قبيل الغيبة الكبرى، وأوجبوا على العوام تقليد المجتهدين، ثم يقول:

"ومن أغرب الأمور أن فقهاء الشيعة ينسبون أنفسهم إلى المذهب العقلي في استنباط الأحكام الشرعية، ولكنهم في الحقيقة أبعد الناس عن استعمال العقل في طريقة الاستنباط" ص64.

ثم يبدي المؤلف عجبه ويتساءل:

كيف يستند علماء الشيعة على العقل في فهمهم للأحكام الشرعية ولاستنباط المسائل الفقهية وهم يسلمون بلا جدل ولا نقاش بروايات نسبت إلى أئمة الشيعة وجاءت في الكتب التي يعتبرونها صحيحة وموثوقة وهي تتناقض مع العقل؟ ص64.

الخمس:

ثم يتحدث المؤلف عن الخمس، وينقل قول الطبري في تفسير الخمس الوارد في القرآن الكريم بقوله:

"إن الخمس واجب في كل فائدة تحصل للإنسان من المكاسب وأرباح التجارة وفي الكنوز والمعادن والعرض وغير ذلك مما هو مذكور في الكتب" (الطبري: مجمع البيان في تفسير القرآن – ج4 ص543).

ويعلق المؤلف على ذلك بقوله:

"إن تفسير الغنيمة بالأرباح من الأمور التي لا نجدها إلا عند فقهاء الشيعة، فالآية صريحة وواضحة بأن الخمس شرعت في غنائم الحرب وليس في أرباح المكاسب، وأظهر دليل قاطع على أن الخمس لم يشرع في أرباح المكاسب هو سيرة النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم) وسيرة الخلفاء من بعده، بمن فيهم الإمام علي، وحتى سيرة أئمة الشيعة، حيث لم يذكر أرباب السير الذين كتبوا سيرة النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم) ودوّنوا كل صغيرة وكبيرة عن سيرته وأوامره ونواهيه، وأن الرسول (صلى الله عليه وسلم) كان يرسل جباته إلى أسواق المدينة ليستخرج من أموالهم خمس الأرباح..

وهكذا فإن الذين أرّخوا حياة الخلفاء الراشدين بمن فيهم الإمام علي لم يذكروا قط أن أحداً منهم كان يطالب الناس بخمس الأرباح، أو أنهم أرسلوا جباة لأخذ الخمس" ص66 – 67.

ويؤكد المؤلف أن هذه البدعة ظهرت في المجتمع الشيعي في أواخر القرن الخامس، فمنذ الغيبة الكبرى إلى أواخر القرن الخامس لا نجد في الكتب الفقهية الشيعية باباً للخمس، أو إشارة إلى شمول الخمس في الغنائم والأرباح معاً.

وبعد مناقشة أصولية وواقعية ومذهبية لمسألة الخمس يقول المؤلف:

"إن تلك الأموال تؤخذ زوراً وبطلاناً من الناس".

ويقول:

"أعرف مجتهداً من مجتهدي الشيعة ما زال على قيد الحياة، وقد ادّخر من الخمس ما يجعله زميلاً لقارون الغابر، أو القوارين المعاصرين، وهناك مجتهد شيعي آخر في إيران قتل قبل سنوات معدودة، كان قد أودع باسمه في المصارف مبلغاً يعادل عشرين مليون دولار أخذها من الناس طوعاً أو كرهاً باسم الخمس والحقوق الشرعية.. هذه صورة محزنة من آثار بدعة الخمس التي تتبناها فقهاء الشيعة" ص68 – 69.

ولاية الفقيه:

"ولاية الفقيه هي الجناح أو البدعة الثانية التي أضيفت إلى سلطة الذين يدّعون أنهم نواب الإمام المهدي في عصر الغيبة الكبرى، وهذه الفكرة بالمعنى الدقيق فكرة حلولية دخلت الفكر الإسلامي من الفكر المسيحي القائل: إن الله تجسد في المسيح، والمسيح تجسد في الحبر الأعظم" ص69 – 70.

"وقد دخلت هذه البدعة إلى الفكر الشيعي بعد الغيبة الكبرى، وأخذت طابعاً عقائدياً عندما أخذ علماء الشيعة يسهبون في الإمامة ويقولون بأنها منصب إلهي أنيط بالإمام كخليفة لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) وبما أن الإمام حي ولكنه غائب عن الأنظار، ولم يفقد سلطته الإلهية بسبب غيبته فإن هذه السلطة تنتقل عنه إلى نوابه، لأن النائب يقوم مقام المنوب عنه في كل شيء" ص70.

وبعد مناقشة موضوعية وتاريخية تدحض بدعة ولاية الفقيه يقول المؤلف:

"إذن فكرة ولاية الفقيه تتعارض مع نص الكتاب، ومن يعارض النص الإلهي يعتبر خارجاً عن الإسلام" ص73.

ويقول:

"إنني أعتقد أنه لم يسبق لفكرة دينية في التاريخ البشري، كلفت البشرية من الدماء والأحزان والآلام والدموع، بقدر ما كلفته ولاية الفقيه عند الشيعة منذ ظهورها وحتى هذا اليوم. ولا أعتقد أننا بحاجة لكي نطلب من الشيعة أن نقاوم هذه الفكرة ونقف ضدها، فالفكرة ولله الحمد، بدأت تنسف نفسها بنفسها. وعندما يبدأ الهدم الداخلي يتفاعل في نظرية أو فكرة بسبب فشلها في التطبيق، أو بسبب المآسي التي ترتكب باسمها، تكون النظرية في طريقها إلى الاضمحلال والزوال التام" ص78.

الغلو:

ويقسم المؤلف الغلو إلى نظري وعملي، فالنظري هو اعتقاد الإنسان في حق إنسان آخر القدرة على الإتيان بكرامات أو معجزات أو أمور خارقة وغير عادية لا يستطيعها سائر الناس. وكذلك الإيمان بتأثير إنسان ما، حياً كان أو ميتاً، في حياة الآخرين خيراً أو شراً، وفي الدنيا والآخرة، يعتبر مظهراً كبيراً من مظاهر الغلو. وحكايات الغلو النظري المبثوثة في كتب الروايات والأحاديث، ونسبة الأمور الخارقة والعجيبة إلى الأئمة والأولياء والمشايخ كانت السبب في تنمية الغلو العملي بما يفعله العامة في مقابر الأئمة والأولياء والمشايخ من إظهار العبودية وتقديم النذور وطلب الحاجات المباشرة منهم، وأمور أخرى لا تعد ولا تحص.

ويتساءل المؤلف:

"أين موقف العقل من هذه الخزعبلات التي رواها الرواة بالنسبة لأئمتنا من المعجزات والكرامات؟

وأين العقل من هذا الغلو الجارف الذي يمنع المرء من ذكر الله والتوجه إليه؟" ص81.

"إن العصمة التي نسبت إلى الأئمة كان الغرض منها تثبيت تلك الروايات الكاذبة التي تتنافى مع العقل والمنطق، والتي نسبت إلى الإمام كي يسد باب النقاش في محتواها على العقلاء والأذكياء ويرغم الناس على قبولها لأنها صدرت من معصوم لا يخطئ" ص81-82

ثم يدحض المؤلف فكرة العصمة للأئمة بالمنطق والعقل والنص.

ويذكر المؤلف من موضوعات الغلو:

"العصمة والعلم اللدني وهو العلم الذي يحصل للمرء بالإلهام وبدون جهد ومثابرة، والإلهام، والمعاجز، والإخبار بالغيب، والكرامات والمعجزات وتقبيل الأضرحة وطلب الحاجات".

ويطالب المؤلف بغربلة كتب الشيعة من حكايات الغلو التي تنافي العقل والنقل وتسيء إلى الأئمة أنفسهم.

ويستنكر المؤلف ما يجري في زيارات الأئمة في إيران والعراق والمدينة المنورة، حيث يقرأ عشرات آلاف الزوار ما يسمى (الزيارة) ولا يقرأ واحد منهم فاتحة الكتاب أو سورة من القرآن الكريم أمام أي قبر من قبور الأئمة، ويذكر ما في (الزيارة) من خطب رنانة، وسب للخلفاء الراشدين، وسوى ذلك من الضلالات التي لا تفيد الزائر ولا المزور.

وعن (ضرب القامات في يوم عاشوراء) يقول المؤلف:

"لم تشوه ثورة مقدسة في التاريخ كما شوهت الشيعة ثورة الحسين بذريعة حب الحسين" ص97.

فضرب السلاسل على الأكتاف، وشج الرؤوس بالسيوف والقامات في العاشر من المحرم حداداً على الإمام الحسين إنما جاء إلى المناطق الشيعية في إيران والعراق من الهند إبان الاستعمار الإنكليزي لها منذ مئتي عام، وإلى عهد قريب كانت السفارات البريطانية في طهران وبغداد تمول المواكب الحسينية التي كانت تظهر بذلك المظهر البشع في الشوارع والأزقة، وذلك من أجل إعطاء مبرر معقول للشعب  البريطاني في استعمار البلاد الإسلامية المتخلفة، لتمدين أهلها المتوحشين.

الشهادة الثالثة:

ينقل المؤلف فتوى الإمام المرتضى – من أكابر علماء الشيعة في القرن الخامس- :

"(إن من قال في أذان الصلوات: (أشهد أن علياً ولي الله) فقد أتى بعمل محرم".

ويرى المؤلف أن هذه الشهادة دخلت في أذان الصلوات بعد الغيبة الكبرى، ولم تظهر رسمياً إلا بعد أن أدخل الشاه إسماعيل الصفوي إيران في التشيع، وأمر المؤذنين بإدخالها في أذان الصلوات من على المآذن.

ويقول المؤلف:

"ومن الغريب في هذه الظاهرة أن فقهاءنا –سامحهم الله- يجمعون إجماعاً مطلقاً وتاماً على أن هذه الشهادة أدخلت في أذان الصلوات في وقت متأخر، وأنها لم تكن معروفة حتى القرن الرابع الهجري، وأنهم يجمعون أيضاً على أن الإمام علياً إذا كان على قيد الحياة وسمع اسمه يذكر في أذان الصلوات لكان يجري الحد الشرعي على من يقول ذلك" ص104.

ولكن "العصبية العمياء التي تسود قلوب بعض الفقهاء" تمنعهم من إعلان ذلك.

ويدعو المؤلف –في يأس- فقهاء الشيعة أن يعودوا إلى الأذان الذي كان شائعاً في عهد الرسول (صلى الله عليه وسلم) والإمام علي وأئمة الشيعة.. الأذان الذي رفعه بلال الحبشي رضي الله عنه.

الزواج المؤقت (المتعة):

يبدأ المؤلف هذا الفصل بقوله:

"كيف تستطيع أمة تحترم شرف الأمهات اللواتي جعل الله الجنة تحت أقدامهن، وهي تبيح المتعة أو تعمل بها"     ص107.

ويعرّف المؤلف المتعة بقوله:

"إن هذا الزواج ليس أكثر من إباحة الجنس بشرط واحد فقط وهو أن لا تكون المرأة في عصمة رجل، وحينئذ يجوز نكاحها بعد أداء صيغة الزواج التي يستطيع الرجل أن يؤديها في كلمتين، ولا تحتاج إلى شهود أو إنفاق عليها، وللمدة التي يشاؤها مع الاحتفاظ بسلطة مطلقة لنفسه، وهو الجمع بين ألف زوجة بالمتعة تحت سقف واحد". ص108-109.

ويفند المؤلف حجج القائلين بجواز المتعة ذات الأخطار الهائلة اجتماعياً وإنسانياً وأخلاقياً، ثم يسأل الفقهاء الذين يفتون بجواز المتعة واستحباب العمل بها:

هل يرضون شيئاً كهذا بالنسبة لبناتهم وأخواتهم وقريباتهم أم أنهم إذا سمعوها اسودت وجوههم، وانتفخت أوداجهم، ولم يكظموا لذلك غيظاً؟

إنهم يبيحون أعراض المسلمات، ولكنهم يحصنون أعراضهم..

إنهم يهدرون شرف المؤمنات، ولكنهم يصونون شرف بناتهم..

وفي كل هذا عبرة لمن كان له قلب. ص113.

السجود على التربة الحسينية:

يؤكد المؤلف أن الرسول الكريم والإمام علياً والأئمة من بعده لم يسجدوا على شيء اسمه تربة كربلاء، ويرى أن على الشيعة أن يعملوا على ما أجمع عليه فقهاء المسلمين بمن فيهم فقهاء الشيعة في صحة السجود على الأرض ومشتقاتها، ويتركوا هذه البدعة المهينة.

الإرهاب:

وينعى المؤلف على الزعامات الشيعية دفع بعض الجهلة والسذج للقيام بأعمال الاغتيال والإرهاب، ويتساءلٍ:

"أليست الفكرة الإرهابية التي ظهرت منذ مئة عام في إيران، وباركها بعض فقهائنا، هي من بقايا (قلعة الموت) التي اتخذها حسن الصبّاح في القرن السادس الهجري مقراً لنشر المذهب الإسماعيلي بالقوة تارة، وبالحشيش ومشتقاته تارة أخرى؟" ص122.

صلاة الجمعة:

خلاصة الرأي عند المؤلف في ترك الشيعة لصلاة الجمعة قوله:

"أعتقد جازماً أن فقهاءنا اجتهدوا أمام النص الصريح بسبب واحد، ألا وهو إيجاد الفرقة في الصف الإسلامي الكبير، وحمل الشيعة على عدم التلاحم مع الفرق الإسلامية الأخرى في صلاة يوم الجمعة" ص126.

فأكثرية فقهاء الشيعة قالوا بالخيار بين صلاة الظهر والجمعة، وأضافوا أن شرط إقامة الجمعة إنما هو حضور الإمام  الذي هو الإمام المهدي، ففي عصر الغيبة تسقط الجمعة.

كما أن فئة أخرى من فقهاء الشيعة حرموا صلاة الجمعة في عصر الغيبة، وأقاموا صلاة الظهر مقامها.

ويقول المؤلف:

"إن كل ما قيل ويقال في إسقاط صلاة الجمعة في عهد غيبة الإمام يصطدم بنص صريح لا اجتهاد فيه، وذلك إذا كنا ملتزمين بدستور الإسلام، فنحن أمام دستور ثابت وصريح وواضح ولم يكن مقيداً بقيود، أو مشروطاً بشروط" ص127.

تحريف القرآن:

يقول المؤلف:

"القول بتحريف القرآن يناقض الإيمان به" ص130.

ويقول:

"كيف يستطيع المرء أن يقول بتحريف القرآن وهو أمام نص صريح يدحض كل الأقوال حول التحريف... والآية الكريمة:

(إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون).

تغنينا عن الاستدلال بعدم تحريف القرآن المنزل على محمد رسول الله (صلى الله عليه وسلم).

فالوعد الإلهي صريح بأنه تعالى يحفظ الذكر الحكيم من أي تلاعب أو تحريف أو إضافة... ولكن ذهب بعض علماء الشيعة إلى التحريف بإصرار وعناد، منهم النوري الذي ألف كتاباً أسماه (فصل الخطاب في تحريف الكتاب) وذكر فيه عبارات زعم أنها آيات قرآنية محرفة" ص131.

كل ذلك من أجل الاستدلال (بآيات) منصوصة في إمامة علي..

ويدحض المؤلف هذه الفرية بعد أن يناقشها مع قائليها، ويكذب القائلين بوجود مصحف للإمام علي، وآخر للسيدة فاطمة رضي الله عنها وأرضاهما.

الجمع بين الصلاتين:

تنفرد الشيعة الإمامية بالجمع بين صلاتي الظهر والعصر، وبين صلاتي المغرب والعشاء، بينما فرضت الصلوات الخمس في أوقات محددة، وسميت بها.

ولا شك أن هناك حكمة بالغة إلهية في فرض الصلوات في هذه الأوقات، وجعلها عمود الدين، ومن أهم الشعائر الإسلامية. ويدعو المؤلف الشيعة إلى ترك بدعة الجمع بين الصلاتين في غير السفر، لأنها عمل سنه أناس كان غرضهم عزل الشيعة عن كل مظاهر الوحدة الإسلامية.

الرجعة والبداء:

"وعندما تمتزج الأسطورة بالعقيدة، والأوهام بالحقائق، تظهر البدع التي تضحك وتبكي في آن واحد" ص140.

وتعني الرجعة في المذهب الشيعي أن أئمة الشيعة، مبتدئاً بالإمام علي، ومنتهياً بالحسن العسكري الذي هو الإمام الحادي عشر عند الشيعة الإمامية، سيرجعون إلى هذه الدنيا ليحكموا المجتمع الذي أرسى قواعده بالعدل والقسط الإمام المهدي الذي يظهر قبل رجعة الأئمة ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً ويمهد الطريق لرجعة أجداده وتسلمهم الحكم، وأن كل واحد من الأئمة حسب التسلسل الموجود في إمامتهم سيحكم الأرض ردحاً من الزمن، ثم يتوفى مرة أخرى ليخلفه ابنه في الحكم حتى ينتهي إلى الحسن العسكري، وسيكون بعد ذلك يوم القيامة" ص141.

وأما البداء فهو أن الإمامة تنتقل من الأب إلى الابن الأكبر، وقد استثني من هذه القاعدة الحسن والحسين، وكذلك حدث أن إسماعيل الابن الأكبر للإمام جعفر الصادق قد توفي في عهد أبيه فانتقلت الإمامة إلى أخيه موسى بن جعفر وهو الابن الأصغر للصادق.

وهذا التغيير في مسار الإمامة التي هي منصب إلهي يسمى بداء حصل لله تعالى. ص148 أي أنها تريد أن تلقي مسؤولية انتقال الإمامة من إسماعيل إلى موسى على الله سبحانه، أي أن الله –سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبيراً- كان يريد شيئاً ثم بدا له غيره.

ويفند المؤلف هاتين البدعتين ولا يرى لهما أصلاً في الكتاب والسنة وسيرة الأئمة.

وبهذا ننتهي من عرض هذا الكتاب القيم الذي نعتبره خطوة جادة على طريق التصحيح الذي يدعو إليه عالم من علماء الشيعة المعدودين...

إننا نشد على يد المؤلف، وندعو معه الطبقة المثقفة من الشيعة أن تعي ماضيها وحاضرها لتكون في عداد الصف الإسلامي المتلاحم في مستقبلها.

(إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب).