(سورية لا خبز ولا حرية)

عرض لكتاب

(سورية لا خبز ولا حرية)

عدنان الحكيم 

اختار الكاتب البريطاني آلان جورج عنوان كتابه هذا بعناية، فهو متخصص بالشؤون السورية حيث حصل على درجة الدكتوراه من جامعة درم حول سورية عام 1978، وقد زار سورية وبلدان الشرق الأوسط عدة مرات منذ عام 1967 حاول الكاتب رصد مرحلة ما بعد موت حافظ الأسد وانتقال السلطة إلى ابنه بشار منتصف عام 2000 رصد الكاتب أيضاً وبشكل خــاص حركـة  المجتمع المدني والتي تكونت مع بداية استلام بشار مقاليد الحكم  ربيع دمشق الذي لم يدم طويلاً جاءت نهايته متوقعة وغير مستغربة على يد نظام  اعتاد أن يضرب بيد من حديد للإبقاء على مكتسباته وحماية مصالحه.

في مقدمة الكتاب، يتحدث الكاتب بإسهاب عن مطالب حركة المجتمع المدني والتي إلى حد بعيد تشابه المطالب التي قامت بها حركات مشابهة في أوربا الشرقية.

الفصل الأول من الكتاب يعطي لمحة عن سورية بمكوناتها الدينية والعرقية والطائفية المعقدة. كما أنه يسرد أهم الوقائع التاريخية الحديثة منذ الاستقلال وحتى الآن.

الفصل الثاني: مخصص لربيع دمشق وانبثاق حركة المجتمع المدني والتي بدأت حسب رأي صبحي الحديدي – كما يذكر الكاتب – بعد ساعات من موت حافظ الأسد، وليس في سورية فقط وإنما في لبنان ومناطق أخرى في الشرق الأوسط. وكان إحساس الناس بشكل عام:

"لقد مات الرجل القوي، ولدينا الآن فرصة" كما يسرد الكاتب أسماء العديد من الذين شاركوا وقادوا هذه الحركة. كما يتحدث الكاتب عن عريضة الـ 99 في سبتمبر 2000على أنها علامة مهمة في التاريخ السياسي السوري. هذا بالإضافة إلى عريضة الـ 1000 والتي قدمت للنظام.

الفصل الثالث: يتحدث عن شتاء دمشق وقمع حركة المجتمع المدني، هذه الحملة بدأت بتصريحات عدنان عمران وزير الإعلام في ذلك الوقت والذي اتهم بها الحركة بالتبعية للأجنبي.

عبد الحليم خدام كان العقل المدبر لهذه الحملة. ويصل الكاتب  إلى النتيجة التالية: إن بشار الأسد اختار لهذه المرحلة أن يقدم أولوية "الخبز" على أولوية "الحرية". أي بمعنى آخر، محاولة الإصلاح الاقتصادي قبل الإصلاح السياسي. اعتقالات ومحاكمات أعقبت ذلك، ومع خريف عام 2002 أصح واضحاً أن ربيع  دمشق صار في ذمة التاريخ.

الفصل الرابع: ركز على حزب البعث باعتباره الحزب القائد في الدولة والمجتمع، تحدث ا لكاتب عن تاريخ الحزب ومراحل ارتقائه للحكم والعلامات المهمة منذ بداية حكم البعث لسورية خاصة مرحلة حافظ الأسد.

يتحدث الكاتب في الفصل الخامس عن البرلمان السوري وكيفية موقعه في النظام السياسي في سورية، يبرز الكاتب وبشكل واضح محدودية تأثير هذه المؤسسة وكيف استطاع النظام أن يحول البرلمان إلى تابع لصاحب القرار بدلاً أن يكون ممثلاً للشعب يمارس رقابه على مؤسسات اتخاذ القرار.

في الفصل السادس، يتناول الكاتب بالبحث النظام القضائي ومسألة سيادة القانون في ظل حكم البعث. فقانون الطوارئ، والمحاكم الخاصة، والانتقائية في توجيه التهم، والفساد هي كلها معالم عامة لهذا النظام. ولا تغير يذكر منذ استلام بشار للحكم.

الفصل السابع مخصص للمؤسسات الإعلامية، حيث يتحدث الكاتب عن الجرائد اليومية والتلفاز الرسمي ووكالة الأنباء السورية وكيف تحولت هذه المؤسسات إلى أبواق دعاية وحسب للنظام القائم.

يرصد الكاتب في الفصل الثامن مسيرة التعليم في سورية سواءً المدرسي منها أو الجامعي وكيف وصلت هذه المسيرة حالياً إلى مستوى متدني سواء من حيث الكادر أو  الطلاب.

يختتم الكاتب في الفصل التاسع جامعاً أفكاره وتحليلاته حول مسألة الإصلاح وآفاق حركة المجتمع المدني فالمشكلة الأساسية التي تواجه بشار الأسد هي نفس المشكلة التي واجهت والده من قبل وهي مشكلة الحصول على الشرعية. فقد ورث بشار نظاماً لا يتمتع بالشرعية من كافة قطاعات المجتمع السوري.

هذا بالإضافة إلى التحدي الاقتصادي الكبير الذي تواجهه سورية، أما الأخطار الخارجية فهي بحسب رأي الكاتب تدعم موقف المتشددين الرافضين لأي محاولة للإصلاح الحقيقي. كما يعتقد الكاتب أن الإصلاحيين سيربحون الجولة في النهاية. ولكن هذا لم يمنع الكاتب من الوصول إلى القناعة التالية كمحصلة نهائية للكتاب: "حتى الآن لم يستطع حكم البعث في سورية – سواءً في عهد حافظ الأسد أو ابنه – أن يوفر للشعب السوري "الخبز" أو "الحرية" في المستقبل يمكن لهذا النظام أن يقدم بعض الخبر وشيء من الحرية، ولكن ما يدعو للحزن أن هذا النظام وإن لم يقدم شيء يذكر فإن لديه الإمكانية في الاستمرار. وإذا ما استطاع نظام كنظام كوريا الشمالية أن يستمر وكذا الحال امبراطورية جورج أورويل 1984 من المطاولة لعقود، فلماذا لا تكون سورية جزء من هذه القاعدة".