مذكرات فتاة ألمانية
آن فرانك فتاة ألمانية يهودية. فرت مع عائلتها من ألمانيا إلى هولندا، وعندما اجتاحها النازيون اضطرت العائلة للاختباء في منزل في أمستردام لمدة سنتين، إلى أن اكتشف النازيون مخبأهم، فساقوهم إلى المعتقل، وهنالك لقيت آن فرانك حتفها.
خلال فترة الاختباء وكانت في الثانية عشرة من العمر بدأت آن فرانك بكتابة مذكراتها، واستمرت في كتابتها إلى أن تم اعتقالها مع أسرتها، وبعد اندحار النازيين وخروج والدها من المعتقل قام بنشر هذه المذكرات، ومباشرة ترجمت إلى معظم لغات العالم، وتم تحويل البيت الذي اختبأت فيه إلى متحف يزوره يومياً آلاف الناس.
منذ فترة وجيزة زرت هذا البيت/المتحف، وكتبت النص القصير التالي الذي نُشر بالألمانية في موقع schreib jetzt Geschichte in Iserlohn:
(كاد خفقان قلبي يقعدني، وأنا أتجول في بيت آنا فرانك، أو بالأحرى في مخبئها الذي توارت فيه لمدة سنتين عن عيون العدو النازي! فقد غدوتُ كأمّ ثكلى، يعلو وجيب قلبها لدى كل شرارة تصادفها.
وما الشرارة؟ إنها كل حادثة، كل نشاط، كل خبر، كل قصة، كل مشهد، حزيناً كان أم سعيداً، بهيجاً أم كئيباً.
فعلى مدار ست سنوات جفّف إجرام النظام السوري إهابنا، ماضينا، حاضرنا، مستقبلنا، أما سكوت العالم بدوله وأنظمته وتغاضيها عن الجريمة إبان حدوثها فقد يبّس أحلامنا وأرواحنا.
حزنت لقصة آن فرانك أيّما حزن، وأنا الغاصّ به، والغائص فيه، وتعاطفت معها أيما تعاطف، وأنا الذي أنشد التعاطف، ليس من أجلي، بل من أجل أن يدلل المتعاطفون على إنسانيتهم وأخلاقهم وضميرهم، وكان شعوري مصعّداً ومضروباً بأُسٍّ، لأنني رأيت في عيون آن، وفي بسمتها، وفي قلقها، وفي شغفها، وفي بوحها، وفي آمالها، وفي الإمكانات الهائلة التي كان من المفترض أن تكونها!! رأيت في ذلك كله: رزان زيتونة، وطل الملوحي، وسميرة خليل، ورانيا عباسي، وآلاف المعتقلات في سجون النظام الأسدي، ممن لا نعلم عنهن شيئاً، ولا نريد أن نعلم، ولا نجرؤ على تصور أو تخيل ما هم فيه من محنة وكرب وظلم واضطهاد...
إنها لمن أروع اللحظات الإنسانية أن نستحضر فيها ذكرى طفلة وشابة عانت الظلم والاضطهاد في أبشع صوره، منذ قرابة 75 عاماً، لكن هذه الروعة لا تكتمل إلا إذا سعينا بجد وصدق وإخلاص للمساهمة في رفع الظلم الحالي والجريمة الآنية التي تحدث في هذه اللحظة بالذات بحق نساء في شرقنا الأوسط، وتحديداً في سورية على أيدي نظام أسدي شبيه جداً بالنظام النازي، وعلى يد قوى شر وظلام تسمى داعش، والتي تستخدمها جميع الاستخبارات العالمية بلا هوادة... وتلعب بها بلا استثناء).
وسوم: العدد 721