زهرة وأزواجها الخمسة
مُحسن العبيدي الصفَّار
عندما أطل علينا الحاج متولي قبل عدة سنوات مع زوجاته الأربع ليُعيد لكل الرجال أحلامهم في العيش بسعادة وسط عدة نسوان على طريقة "سي السيد" وكل واحدة من الزوجات تتفانى لتحصل على رضاه؛ فتلك ترقص وهذه تغسل قدمه والأخرى تطبخ له ما لذَّ وطاب، ليستيقظ الرجال بعد انتهاء المسلسل على واقع أن الرجل اليوم لا يستطيع تحمل أعباء زوجة واحدة، فما بالك بأربع!؟ وأن نساء اليوم لسن جواري الأمس اللواتي يرقصن ويتمايلن طرباً حول "سي السيد" المزعوم أو الحاج متولي.
ولكن النساء لم يغفرن للرجال حتى حلمهم بالعودة إلى تلك الأيام فقررن أن يردن الصاع صاعين وإذا كان الحاج متولي قد تزوج بأربع فزهرة تزوجت خمسة ـ في عين العدو ـ وأخذت تُغيّر الأزواج أسرع من تغييرها لفساتينها في المسلسل لتُثبت للمرأة العربية تفوقها ومجاراتها للرجل لا بل والتفوق عليه بزواج إضافي!!
وعلى الرغم من أني لا أشاهد أي مسلسل عربي بسبب خوفي على مستوى ذكائي أو ما يُعرف بال IQ الذي ينخفض عندي 10 درجات كلما شاهدت أي مسلسل عربي بسبب تفاهة النصوص والمعالجة وإسفاف الممثلين ومكياج الممثلات، ولكني وخلال إجازتي السنوية مع أسرتي اضطُررت مجبراً لمشاهدة بعض حلقات مسلسل "زهرة وأزواجها الخمسة" لعدم وجود مكان آخر أهرب إليه، وبغض النظر عن الحبكة السخيفة للمسلسل من مقتل أحد الأزواج ثم عودته فاقداً للذاكرة وما تبقى من هذا الهراء فقد جذب انتباهي مقابلة أجرتها إحدى قنوات التلفزيون مع بطلة المسلسل "غادة عبد الرازق" التي دافعت عن المسلسل بقولها أنه يُعالج مشكلة شرعية قد تحدث في أي وقت، وبالتالي يُعتبر مسلسلها "مفيداً وتعليمياً" لكل امرأة قد تستيقظ يوماً لتجد نفسها على ذمة 5 أزواج!!!
وبما أن لها، الأستاذة غادة، لها أنف طويل ـ أقصد باع طويل ـ في الشرع وحيثياته وليس هناك أفضل منها ومن زميلاتها الراقصات والمطربات والممثلات كي نستوحي منهن أصول الفقه، وبما أن الفقهاء اليوم قد وجدوا حلولاً متكاملة لكل المسائل الشرعية بجوانبها الاقتصادية والسياسية وعلاقة رب العمل بالعامل والخلافات المدنية وصولاً إلى إرضاع الكبير والتبرك بالبول وقُبلات ما قبل الزواج، فما المانع من إيجاد حلول لمشكلة النساء اللواتي يتزوجن 5 رجال ـ كمان في عين العدو ـ على أساس أن العنوسة قد انقرضت في عالمنا العربي "والعُرسان على قفا من يشيل" كما يقول المصريين، وكل فتاة لديها الفرصة لتُثني وتُثلث وتُربع وتُخمس ـ كمان مرة في عين العدو ـ، وبما أننا دخلنا في فقه الخيال العلمي فعندي أفكار لمسلسلات مبنية على افتراضات مثل أزواج "الحاجة زهرة" أتمنى أن يتم تنفيذها كي نُشاهدها في شـهر رمضان القادم!!!
الفكرة الأولى لمسلسل عنوانه "أكلت ابني"؛ حول عالم أحياء يقوم بدمج جيناته مع جينات بقرة ليولد من هذا التزاوج عجل يحمل الخصائص البشرية والبقرية ثم يقوم أحد اللصوص بخطفه وذبحه وبيع لحمه لأحد المطاعم وبينما يأكل العالم شطيرة (هامبورجر) يتعرف على لحم ابنه وينهار باكياً!! ويكون على الفقهاء معرفة إن كان اللص يجب أن يُعاقب كسارق عجلٍ أو قاتل لنفس بشرية!!!
الفكرة الثانية لمسلسل اسمه "زنا بلا خطيئة"؛ عن رجل كان يرقد عارياً في فراشه ويحدث زلزال قوى فينهار السقف ليسقط على امرأة في الطابق الأسفل ترقد عارية هي الأخرى، فيُواقعها وتحبل منه ويحتار الفقهاء في اعتبار المولود ابن حرام ام ابن حادثة!!!
الفكرة الثالثة لمسلسل اسمه "البحث عن القِبلة في مركز الأرض"؛ وهو عن مجموعة علماء يقومون برحلة إلى باطن الأرض حتى يصلوا إلى مركزها، فيحتارون في إتجاه القِبلة في مركز الأرض وإلى أي جهة يُصلون وهل يُصلون بأي إتجاه كان أم يمتنعون عن الصلاة!؟
ومهما كانت أفكار المسلسلات التي اقترحتها تافهة وغير واقعية فهي ليست أكثر تفاهة من فكرة مسلسل "زهرة وأزواجها الخمسة" بحلقاته الثلاثين، وأقول لمُنتجي هذه المسلسلات: ارحموا ما تبقى من عقول الناس وإلا دعونا عليكم بأن يُصبح لكل منكم ضُرة في زوجته!!
وكل مسلسل وأنتم بخير