مسرح الطفل في عين البيضاء 2

مسرح الطفل في عين البيضاء

(2)

(هواية أسامة نموذجا)

ياسين سليماني

[email protected]

إذا كان الفن يقدم بفضل جهود أصحابه أولا، فبفضل النقد ينتشر ويرتقي، والناقد هو الذي يعطي أحكامه القيمية على العمل الإبداعي فيحكم بأن هذا من السمين وذاك من الغث.

والنقد الذي نقصده هنا، هو النقد البنّاء، الذي يذكر المحاسن من أجل الاستمرار على تتبعها وتطويرها إلى الأفضل، ويذكر المساوئ ( و الأحسن أن نصطلح عليها بلفظة الهفوات لأننا في ميدان يحكمه المعيار، لا دقّة الرياضيات) من أجل التقليل منها، بل وتلا فيها كاملة إن كان في ذلك إمكان...

أو هذا على الأقل ما يجب أن يكون، وإذا كان برغسون قال "الشعب الذكي هو الشعب المهتم بالمسرح"، فإننا نقول: " الشعب الذكي هو الشعب المتقبل للنقد"، ونصر على البنّاء لا الهدام، والذي يذكر المحاسن كما يذكر الهفوات، غير أنّ الفنانين ذوي الباع الطويل في المجال، والذين سيطرت عليهم في لحظة من اللحظات، فكرة "النجاح" أو الوصول إلى المجد بحيث لا يمكن أن يتجاوزوا – في اعتقادهم- يرفضون النقد، رفضا قاطعا، خاصة إذا جاء هذا النقد من الأجيال التالية، ذلك أن هذه الأجيال – حسبهم- لا تعرف شيئا، لم تجرب شيئا، ولهذا لا يحق لها أن تقول شيئا أيضا، فإن يأتي شاب يتساءل – كما تساءلنا نحن- في ندوة مسرحية هواية أسامة (09 جويلية 2009): " من هذه السنة: 1936م إلى 2009م، ما الذي قدمناه للمسرح؟ كم مسرحية قرأ قراؤنا؟ و شاهد جمهورنا؟ (....) وفي رأي أن هذه المسرحيات ربحت جوائز، فيما خسرت جمهورها عين البيضاوي".

هذه الكلمات، رغم أن البعض اعتبرها استفزازية، لأنها قدمت أمام أساتذة المسرح، إلاّ أنها لا تعكس سوى الواقع الذي يعيشه فن المسرح عندنا... يجب ألا نكون مكابرين، ليس لدينا مسرح حقيقي، فلنعترف بهذا...

أساتذتنا الأفاضل قدموا جهودا كبيرة في الميدان، وتعبوا وضحوا كثيرا، بوقتهم ومالهم وجهدهم، وهذه ضريبة الفن، وهم لا شك مشكورون على ذلك، ولا نقصد أن نشكرهم نحن، ولكن يشكرهم التاريخ، فلا نظن أن مثل رشيد شلبي، وزميله بلقاسم بوعكاز وغيرهما لم يقدما شيئا، بل قدموا أعمالا مميزة حقا، وربحوا جوائز وطنية، غير أن وجه الاستفسار هنا، أين عين البيضاء من هذا؟، كان سؤالنا فقط: هل هناك جمهور عين بيضاوي؟

الجواب: لا، قطعا وأما الجواب عن "لماذا؟" فكنا ننتظر أساتذتنا الأفاضل أن يجيبونا عنه...

هذا التساؤل الذي طرحناه في الندوة، آثار حفيظة جهات كثيرة، من فنانين ومسؤولين، ولكن: هل إلى هذا الحد نريد أن نحجر آراء الناس؟ أمازلنا في عهد " أنا ربكم الأعلى" و " رأي صواب لا يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ لا، وألف لا، لا يحتمل الصواب"؟.

إذا كان هذا هكذا، فليذهب المسرح في عين البيضاء إلى الجحيم.

كان رأينا ونحن نستخدم نون الجماعة رغم تكلمنا باسمنا الخاص لا باسم أحد سوانا هو أن نحاول إعادة الاعتبار للمسرح، بحيث نشترك جميعا - نقصد المبتدئين قبل المحترفين- في خدمة هذا الفن النبيل، تأليفا وإخراجا، وفي رأينا أن لدينا من الإمكانيات على الأقل الحد الأدنى الذي يمكننا من بعث مسرح حقيقي مستمر،  فآفة الأمر عندنا، هو التشتت في الإبداع، بدل التكتل في سبيل فن حقيقي في عين البيضاء.

يؤرقنا – نحن الشباب- أن نسمع عن عطاءات كبيرة لهؤلاء الأساتذة دون أن يصلنا منها شيء.. نحن الجيل الجديد لم نر ما قدّمه هؤلاء، هل العيب فيهم؟ هل العيب فينا؟ لا نعرف، كل ما نعرفه هو أن مسرحية "هواية أسامة" في عرضها، لم تتوفر على خشبة، ولا على مكبرات صوت، وتكفلت مجموعة من الشباب - رغم محدوديتهم – بمصاريفها جميعا من بدايتها إلى نهايتها. وعرضت في يومها المحدد سلفا في حين ألغيت مجموعة من الأنشطة في المركز ذاته لسبب أو أسباب لا نذكرها هنا كما ونشر النص على الشبكة المعلوماتية وقرأه المئات، بل وتناقلته المواقع الالكترونية وبعث البعض بآرائه حوله. ثم نشر في إحدى الصحف الجزائرية على أكثر من حلقة.

ألا نستطيع فعل مثل هذا؟ بل أكثر منه؟ هذا ما نسأل عنه أساتذتنا ويا ليتهم يعتبروننا أبناء لهم، فيثلجونا صدورنا بجواب منهم، حرام أن يتعب هؤلاء  كل هذا التعب، ثم لا يصل إلى جمهور المدينة شيء...

هل نحن مخطئون في هذا الطرح؟ نرجو التصحيح...

هل ذنبنا نحن أن نهتم بالمسرح فلا نجد هذه الأعمال؟ ما الذي يجب علينا فعله نحن الشباب لنستفيد من هذا الزخم؟ وهو لا يزال- مع كامل الأسف الذي يقطع الكبد- حبيس الأدراج عند الفنان الفلاني أو العلاني...

نحن نرجو من هؤلاء الأساتذة أن يعينونا على التعريف بإبداعاتهم الجيدة، أن يقبلوا بإشاعتها في اليوتيوب، في المواقع الإلكترونية التي تتعامل بالكلمة، وعن طريق نشرها في كتب...هل النشر في الانترنت صعب؟ هل يكلف؟ ما الذي يحجمهم عن فعل هذا؟

إننا لا نقول هذا إلا خوفا على هذا الإبداع من الضياع في مجاهل الزمن العربيد الذي لا يحفظ للمبدعين ذممهم، وكان يجب علينا قبل طرح مثل هذه الأفكار على مسامع الأساتذة الكرام أن ننشر نحن ما أبدعناه حتى لا نكون من الذين يقولون ولا يفعلون، وهكذا تم نشر المسرحية كما تم نشر غيرها قبلها.