تقييم حفلة العزاوي وحوى

تقييم حفلة العزاوي وحوى

ووقفة مراجعة مع النشيد الإسلامي

نجدت لاطـة

[email protected]

       كم تعبت من نقد النشيد والمنشدين .. وإلى متى يظل المنشدون لا يتقنون فن الإنشاد ؟ ومتى يدرك المنشدون أن إنشادهم جهاد ، ولا يختلف عن الجهاد في فلسطين والعراق ؟ ألم تكن القصيدة التي كان يلقيها حسان بن ثابت رضي الله عنه أشد على المشركين من وقع النبل كما جاء ذلك في الحديث الشريف ؟ وقد جاء أيضاً على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخاطب حسان بن ثابت : اهجهم وروح القدس معك . أي وجبريل معك . فهل ـ يا ترى ـ تقف الملائكة اليوم مع المنشدين مثلما وقفت مع حسان ؟ أنا أظن أن أصغر ملَك من الملائكة لا يقف معهم .. لأن الملائكة لا تقف إلا مع من يتقن فنه وعمله .. وحين يتقن المنشدون فن الإنشاد كما يتقنه جهابذة المطربين كأم كلثوم وعبد الحليم حافظ وفيروز وصباح فخري فسوف أعتقد تماماً أن الملائكة ستقف مع المنشدين ، بل إن جبريل عليه السلام سيقف معهم .. نسأل الله لهم ذلك .

       وفيما يخص الحفلة التي أحياها المنشدان محمد العزاوي ويحيى حوى في عمان الأردن في الأسبوع الماضي .. فقد ذكر مقدّم الحفل أن هذه الحفلة هي العمل المضاد على السوبر ستار الغنائي الذي يُقام في نفس اللحظة في مدينة عمان نفسها .. أي أن حفلة العزاوي وحوى كانت السوبر ستار الإسلامي أو الإنشادي .. فهل كانت هذه الحفلة كذلك ؟

       أنا أحيي ـ في البداية ـ المنشدين محمد العزواي ويحيى حوى ، وكذلك القائمين على الحفل ، على هذه المبادرة الطيبة في فكرة السوبر ستار الإنشادي .. والعمل الإسلامي بحاجة ماسة إلى مثل هذه الأفكار في إثبات كل ما هو إسلامي . وأرجو أن يعذروني في كتابة هذه الملاحظات التي تهدف إلى دفع الفن الإنشادي نحو الأمام .  

       نبدأ بجمهور الحفلة .. فأقول ـ وللأسف ـ إن الكراسي الخاصة بالذكور لم تمتلئ ، وإنما كانت إلى النصف ، والحاضرون كان نصفهم من الأطفال . مع أن الكراسي لم تكن كثيرة ، لأن الحفلة كانت في مسبح ، أي على الهواء الطلق ، فكانت الكراسي حول هـذا المسبح .. ومع ذلك فقد كان الحضور قليلاً ولا يناسـب حجم كلمة ( سوبر ستار إسلامي ) . أما النساء فقد كان حضورهم أكبر من الذكور . وهذا يعني أن الإسلاميين الذكور ما زالوا غير  مستوعبين ما معنى المساهمة في إنجاح السوبرستار الإنشادي .. ولم تأتِ شخصيات ولا قيادات إسلامية .. لأن المنشدين هم مطبّلون ومزمّرون في أعين هؤلاء القيادات ليس أكثر .. أما الرسول صلى الله عليه وسلم فقد كان ينظر إلى حسان بن ثابت على أنه أعظم المجاهدين ، وهل يقف جبريل عليه السلام مع مجاهد عادي ؟ وكان عليه الصلاة والسلام أول من يشجع حسان على شعره .

       وبالنسبة إلى الأدوات والأجهزة الخاصة بالمنشدين فلم يكن هناك إلا طبلان .. وللعلم إن أسوء الأجهزة الموسيقية هما الطبل والدف ، لأنهما يصمّان الأذن ، ويُعيقان وصول الكلمات إلى أذن السامع . فلماذا لم يأتوا بالأجهزة الموسيقية الأخرى ؟ لأن المنشدين أصبحوا يستخدمون الآلات الموسيقية في أناشيدهم ؟ فهل حين تكون الحفلة سوبرستار إنشادي لا نستخدم هذه الآلات ؟

       وفيما يخص المنشد محمد العزاوي .. فأنا كنت أسمع عنه ، ولكن لم أسمع صوته من قبل .. وحين سمعته شعرت بأنه صاحب صوت جبار ، ويتنقّل في طبقات الصوت كما يشاء دون أية صعوبة ، فيشعر الذي يسمعه أنه أمام منشد متمكن ومحترف . ولكن هناك مأخذ على ألحانه فهي ليست بقوة صوته ولا على مستوى موهبته ، وعنصر الطرب يغيب كثيراً عن هذه الألحان . وأن أعلم أن مشكلة الألحان هي المشكلة الكبرى التي يعاني منها المنشدون . وقد دعوت في أحد مقالاتي أن يستعير المنشدون بعض الألحان من الأغاني ، ولو أن المنشد العزاوي استعار بعض ألحانه من المقامات العراقية المشهورة لكانت أناشيده أكثر طرباً .

       وعلى سبيل المثال : أنشد المنشد فريد سرسك أحد الموالات في نفس الحفلة ، وكان لحن هذا الموال مأخوذاً من ألحان ناظم الغزالي .. فكان موال فريد سرسك مطرباً جداً . ولو أن المنشد محمد العزاوي فعل ذلك أيضاً لكان أفضل . لأن الصوت الجميل يضيع في الألحان الضعيفة ، والعكس صحيح ، والأصوات القوية والجميلة تزداد حسناً وجمالاً في اللحن الجميل .

       وما المانع من أن يستعير المنشدون من ألحان المقامات العراقية ؟ أليست هي ـ بشهادة الكل ـ ذات قيمة فنية عالية . والمقامات العراقية أصبحت ملكاً للتراث ، والاستعارة منها إحياء لها وليس سرقة كما يظن البعض .   

       والمنشد يحيى حوى أنشد أنشودتين ( إفراديات ) من أناشيد أبي دجانة ، ولكن ـ للأسف ـ لم يستطع أن يتقنهما ، فكان يهبط في صوته في الطبقات التي لا يستطيعها ، فظهرتا وكأنهما تقليد في تقليد . ولو سمعه أبو دجانة نفسه لشعر أنه أساء جداً لأناشيده .

       وكان المنشدان يحملان مجموعة أوراق فيها الأناشيد التي سينشدونها .. فأتساءل : لماذا لا يحفظ المنشدون أناشيدهم ، بدلاً من هذا المنظر غير اللائق ؟ مع أن عدد الأناشيد التي ينشدونها في الحفلات قليلة جداً قد لا تتجاوز أربع أو خمس أناشيد .

       هل وجدتم يوماً مطرباً يحمل الأوراق لكي يغني القصائد المكتوبة فيها ؟  وظاهرة حمل الأوراق والدفاتر موجودة عند كل المنشدين .. ففي كل عرس أو حفلة أو مهرجان نجد المنشدين يحملون الأوراق والدفاتر . فلماذا لا يقوم المنشد بعمل بروفات قبل الحفلة ، بحيث يكون جاهزاً تماماً للإنشاد . وعلى سبيل المثال ذكرت المطربة نانسي عجرم ـ في مقابلة معها ـ أنها تأتي قبل يوم من الحفلة الغنائية إلى نفس مكان الحفلة ومعها الطاقم الموسيقي وتقوم بعمل بروفات لكل الأغاني التي ستغنيها .  

       وحين كان المنشدان ( العزاوي وحوى ) ينشدان أنشودة مشتركة ويقرآن من الأوراق هبّت نسمة هواء فطارت الأوراق وجرى وراءها أحد المنشدين .. فهل هذا المنظر يليق بسوبر ستار إسلامي ؟