طيور الجنة
طيور الجنة
من دمشق إلى القدس
خليل الصمادي
[email protected] عضو اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين/ الرياض
هناك كثير من المحطات الفضائية وربما بلغت الألاف في هذا الفضاء الرحب، والعربية منها بلغت المئات ،فما من شهر يمضي إلا ويشهد ميلاد محطات عديدة ؛ بعضها ترفيهي وبعضها سياسي ومنها الديني ومنها الاجتماعي، ومنها قنوات للأطفال، وبعض هذه المحطات انتشرت انتشارا عظيما ،وأصبحت على قوائم المفضلة ومنها محطات تم حذفها من جهاز الاستقبال وهي لا شك كثيرة ، وبالنسبة لمحطات الأطفال لم أجد اجماعا عربيا وقوة في الانتشار مثل محطة " طيور الجنة" التي لم يتجاوز عمرها سنوات قليلة إلا أنها حازت إعجاب الكبار قبل الصغار وأصبحت الشغل الشاغل لأطفال العرب ، كنا قبل هذه المحطة نتحايل على صغارنا في تقديم المفيد لهم إلا أنهم كانوا يعرضون عن الكثير منه بسبب الجفاف والوعظ المباشر ، إلا أنه في محطة طيور الجنة صرنا نحتال على أطفالنا من أجل إغلاق المحطة والخلود للنوم أم الأكل أو الدراسة إلا أنهم يصرون على المتابعة بالرغم من تكرار موادها ، فهنيئا للأستاذ خالد مقدام ولسرته ولوزملائه في العمل بهذه القفزة التي تعد فتحا في الإعلامي الهادف
فمؤسسة طيور الجنة للأطفال : مؤسسة فنية تربوية تقوم بإنتاج الوسائل التعليمية والتثقيفية السمعية والمرئية والبرامج التلفزيونية الهادفة للأطفال ، ويديرها الأستاذ خالد مقداد بصحبة كادر فني وإداري متخصص في الإنتاج الفني والإعلامي ، وتملك المؤسسة عددا كبيرا من الإصدارات السمعية والمرئية المميزة والتي تنتشر في عدد كبير من دول العالم وتتميز هذه الإصدارات ببعدها العقدي والتربوي إذ تغرس في نفوس أطفالنا مجموعة من القيم والفضائل بشكل غير مباشر عن طريق الترفيه واللعب والتسلية .
وهذه الفرقة تعمل بشكل مبرمج ومدروس بالإضافة إلى إصداراتها المتميزة ومحطتها الرائدة يقوم فريقها بجولات على بعض المدن العربية كما شاهدنا في حمص السورية وطرابلس اللبنانية ، وكما حدث مؤخرا في جولتها بمدينة دمشق أيام 9و10 و11 من شهر نيسان من عام 2009 فقد افتتحت الفرقة في قصر الفيحاء بدمشق "مهرجان الأطفال الغنائي " الذي نظمته مؤسسة القدس الدولية " سورية " ضمن الحملة الأهلية السورية لاحتفالية القدس عاصمة الثقافة العربية 2009 برعاية السيدة أسماء الأسد قرينة الرئيس السوري بشار الأسد، وقد بلغ الحضور من الأطفال وأبائهم وأمهاتهم الآلاف ملؤوا مدرج صالة الفيحاء منتظرين أبطال القناة ليطلوا عليهم بأناشيدهم واغانيهم التي جاؤوا من أجلها
وقد شارك آلاف الأطفال السوريين إخوانهم من أطفال فلسطين فرحتهم بالقدس التي تحتفل هذا العام باختيارها عاصمة للثقافة العربية.
وما بين أغانٍ وتمثيليات عبر أطفال فرقة طيور الجنة المؤلفة من 12 فرد ما بين طفل وشاب عن محبتهم للقدس وتقديسهم لها فكانت كلماتهم التي رسمتها شفاههم تقول : " يا قدس أنت حرة ,منصورة منصورة بإذن الله , شدي عزمك يا ميمه يوم العودة قرب" وغيرها من الأغاني التي امتزجت فيها وطنية الأطفال بعروبتهم وبعقيدتهم فراحوا يغردون باسم والقدس وسورية وفلسطين صدحت بهم القاعة الكبيرة وامتزج تغريدهم مع أغاريد الحاضرين وصيحاتهم.
وتضمن الافتتاح كلمات معبرة مهداة للقدس عاصمة الثقافة العربية لهذا العام وقد عبر الجمهور الكبير عن تجاوبه لهذه الكلمات بالهتاف والتصفيق والأناشيد الفلسطينية التي أكدت مفهوم القدس وعروبتها وإسلاميها " على القدس راحين شهداء بالملايين" ، وبالروح وبالدم نفديك يا اقصى..."
ومن خلال هذه المشاهد المؤثرة يبرز للمراقب عدة أكور أهمها:
1. أن الفن النظيف له جمهور نظيف ، "فمقولة الجمهور عايز كدة " قد تنقلب إلى الضد أي الأحسن إذا أحسنا مخاطبة الجمهور وقدمنا له أعمالا راقية.
2. هناك جنود مجهولون يسعون إلى الرقي بالفن وتقديم رسالة مميزة ، فعلى الجهات التربوية والإعلامية تشجيعها نحو الأفضل.
3. ستبقى قضية فلسطين ولا سيما القدس محور القضية العربية والإسلامية ولا شك أن رسالة المؤسسات الإعلامية النظيفة تغرس هذه القضية في أذهان أطفالنا فكم هو منظر الأطفال رائع من فلسطينيين وسوريين وعراقيين وغيرهم وهم يرددون أغاني واناشيد لفلسطين والأقصى والقدس وغزة ، بالرغم من المؤسسات المضادة التي تعمل على طمس هوية القدس وفلسطين والعروبة والإسلام.
4. لا ما نع من اقتران الفن النظيف مع الربح المعقول فكما هو معروف تحتاج مثل هذه المؤسسات الإعلامية إلى مصاريف باهضة من أجل إتمام مسيرتها الإعلامية والفنية ، وعلى المشككين أن يعرفوا أن مثل هذه الأعمال تحتاج إلى مال ، والذي يؤمن بمثل هذه الأعمال يدفع المال من أجل حماية اطفاله من الغزو الفكري الغريب ، وأذكر في هذا المقام أنه من أكثر من عشر سنوات قام شركة " آلاء" بإنتاج الفلم الكرتوني الفاتح وطرح الشريط في الأسواق بسعر مرتفع وقد لاقى إقبالا جيدا من أولياء الأمور إلا أن بعضهم اشتكى من ارتفاع سعره ، وقبل أيام أجى أحمد منصور في الجزيرة حوار مع مدير الشركة وذكر أن التلفزيونات العربية تدفع ثمنا بخسا لمثل هذه الأعمال مما يضطرهم إلى رفع سعره.
5. مثل هذه الأعمال بحاجة إلى دعم مؤسساتي خاص أو حكومي فعلى المسؤولين الإعلاميين أن يدعموا مثل هذه المؤسسات ليكون أعمالها بمتناول أكثر الأسرى التي تبحث عن أمان لأطفالهم.
6. لا يصح إلا الصح ولا يدوم إلا من كان له أثر لدى الناس ، وحتى في الفن كذلك فكثير من الأغاني الهابطة هبطت سريعا دون رجعة وكثير من الأغاني الراقية ما زال الأولاد يتوارثونها من الأباء والأجداد ومنها ما يصاغ بأسلوب حديث يتناسب مع الذوق الجديد ، فأبناؤنا اليوم ما زالوا يتغنون بدلعونا وميجنا وظريف الطول بالرغم من عشرات الأغاني التي كأنها دخلت في الأذن اليمنى لتخرج من اليسرى على عجل هي وأصحابها.