مسلسل "سيف بن ذي يزن"

ركز على الأسطورة وأقوال المستشرقين

بدل تناوله للحقائق التاريخية

"مسلسل "سيف بن ذي يزن" يثير

غضب خبراء يمنيين والرئيس يشكل لجنة

صنعاء - خدمة قدس برس

(سعيد ثابت)

أثار المسلسل التلفزيوني السوري "سيف بن ذي يزن"، الذي عرضته الفضائيتان السورية واليمنية، خلال شهر رمضان المبارك، استياء وغضبا في أوساط اليمنيين، الذين اعتبروا مادته التاريخية مشوهة، ومخالفة لما هو معروف في كتب التاريخ المعتبرة، إلى جانب ما تتداوله بعض الأوساط عن مبالغ مالية كبيرة أنفقت عليه، وقيل إن نحو مليون دولار تم دفعه للجانب السوري، مقابل عرضه على الفضائية اليمنية.

وقد دفع ذلك بالرئيس اليمني علي عبد الله صالح إلى تشكيل لجنة للاطلاع على مدى تطابق سيناريو المسلسل مع الحقائق التاريخية. وأكد علي صبره، المكلف من رئيس الجمهورية بالإطلاع على مدى تطابق النصوص مع الحقيقة التاريخية في مسلسل سيف بن ذي يزن، أن المسلسل قد أظهر تجاوزاً واضحاً للمغزى التاريخي السياسي للتاريخ اليمني، واستبعاداً لمرحلة الصراع القبلي على السلطة، وحالة التشرذم السياسية والطائفية، التي مرت بها اليمن، وأدت إلى قدوم الاستعمار واحتلاله وسيطرته على البلاد، وأحدث تلك الكارثة المعروفة"، موضحاً أن "ذلك أدى إلى أن يفقد المسلسل أكبر مقوماته وهدفه الرئيسي، الذي سعى الجانب اليمني من خلاله إلى التنبيه إلى ضرورة الاستفادة من تلك المرحلة في الوقت الحاضر، وتجنب تكرارها".

وأشار صبره، في تصريحه، إلى أن الطرف السوري الموقع على العقد، استعجل إنتاج المسلسل، وتدريب أفراده، وسرعة إخراجه، لغرض تسويقه وبيعه في دول أخرى، وتجاهل شروط الإنتاج، ومحضر الاجتماع، الذي وقع عليه الطرفان في دمشق، أثناء إعداد المسلسل، والذي يقضي بأن يكون كاتب النص والسيناريو من اليمن، وبأن يعرض النص على متخصصين تاريخيين على علم دقيق بتاريخ اليمن، وهي الفكرة التي اقترحها رئيس الجمهورية اليمنية ووجه بها.

وأضاف "إن الأخوة السوريين تجاوزوا الاتفاقية، والتفوا عليها، فكاتب السيناريو غير متشبع بتاريخ اليمن وطبيعته وأحداثه، واستقى غالبية النصوص والمشاهد والمواقف من الأساطير القديمة ومن كتب الآثار والمستشرقين غير العرب، والمملوءة بالخيال، أكثر منها بالواقع".

وقال صبره "من خلال متابعتي والمكلفين معي لمراقبة فقرات المسلسل، استبعدنا إحدى عشر حلقة لا تتوافق مع حقيقة تاريخ اليمن، وتفتقر إلى الأسلوب الدرامي، وصيغته الفنية، على أن تستبدل بحقائق تاريخية صحيحة، ووافق عليها الجانب السوري، ولكن لم تستبدل من المسلسل، وأبعدت من محضر الاتفاق".

وأضاف "كان من المفترض عندما تتم الكتابة أن تعرض علينا مرة ثانية، لنرى مدى تطابق هذه الصيغة الجديدة مع الحقيقة، مما جعل الأخوة السوريين يهددون بانسحابهم إذا استمر إصرارنا على ذلك، لأن نظرتهم ترويجية تسويقية، بينما نظرتنا وطنية ثابتة".

وأكد صبره أن مسؤولي الفضائية اليمنية والمؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون ساهموا من جانبهم بكثير مما حدث من ظهور المسلسل بهذا الأداء غير المتوقع، من خلال تجاوزهم الاتفاقية، ومحضر الجلسة، وشروط الإنتاج، واستعجالهم في بثه وعرضه، في الوقت الذي لم يعرض بعد على مثقفين وأدباء يمنيين ومتخصصين تاريخيين لمراجعته وتقويمه، وتصحيح الروايات الخيالية فيه، إذ كان المسلسل يحتاج إلى فترة أطول لتدريب أفراده، وتصحيح مساره،  مشيرا إلى أن هذا العمل ليس تاريخياً تعليمياً فقط، ولكنه عمل درامي، يتناول الحقائق التاريخية، في إطار العمل الدرامي، في ما يسمى بالمقاربة التاريخية.

من جانبه تنصل أحمد طاهر الشيعاني مدير عام المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون، من مسؤوليته، مؤكدا أن ليس له دخل في هذا كله، ناصحا بالرجوع إلى اللجنة المختصة، والمؤلف والمخرجين، قائلا "عندما يكتمل المسلسل سنتحدث".

يذكر أن الكثير من الأوساط الشعبية والمثقفين والمهتمين بتاريخ اليمن قد أبدوا تذمرهم الشديد من طريقة أداء المسلسل، الذي غلب عليه جانب الخيال والوهم، والأسطورة، وأهمل الواقع الحقيقي لتاريخ اليمن، واهتم بالجانب الاستعراضي، على حساب الحقائق التاريخية، كما يقولون.

الأربعاء 26 تشرين ثاني 2003