مسلسل مصري ضخم عن الإخوان المسلمين

نجدت لاطة

[email protected]

سيتم في شهر نيسان القادم بدء تصوير مسلسل مصري ضخم عن جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وهو بعنوان (الجماعة) وسيتناول المسلسل نشأة الإخوان المسلمين، أي مرحلة الإمام حسن البنا مؤسس الجماعة.

والمسلسل من إنتاج شركة (جود نيوز جروب) التي ذكرت أنه سيكون من أضخم المسلسلات في تاريخ السينما المصرية، وسيقوم بكتابة القصة والسيناريو الكاتب وحيد حامد، وإخراج عادل أديب، وبطولة الممثل الأردني الكبير إياد نصار الذي سيجسد شخصية حسن البنا باعتباره الأقرب شبهاً له، وسيشارك في البطولة ممثلون كبار من مصر وبقية الدول العربية.

والمشكلة في هذا المسلسل هو كاتب السيناريو وحيد حامد، لأن هذا الكاتب هو من أشد كتّاب السيناريو في مصر في الهجوم على الإسلاميين، فقد كان كثيراً ما يستهزئ بهم ويجعلهم أضحوكة في أعماله الفنية، وذلك من خلال الممثل عادل إمام، الغني عن التعريف، كما في فيلم ( الإرهاب والكباب) وفيلم (طيور الظلام).

وأضرب مثالاً عما كتبه وحيد حامد عن الإسلاميين في فيلم (طيور الظلام)، فقد طرق في هذا الفيلم قضية دور الإسلاميين في الوصول إلى أغراضهم وأهدافهم بطرق غير شرعية وغير رسمية كالرشوة والخدمات المشبوهة مقابل قضاء طلباتهم من قِبل المسؤولين في الدولة. وطيور الظلام هم الخفافيش، والخفافيش تعيش حياتها في ظلام الليل ولا تحب النور والضياء، والمعني هنا بطيور الظلام هما شخصان، الأول: المحامي علي (وهو الممثل رياض الخولي) وهو الإسلامي. والثاني: المحامي فتحي نوفل (وهو الممثل عادل إمام) الذي يترافع في قضايا مشبوهة كالجنس وغيره. والمحامي علي (الإسلامي) لا يقوم بأعمال غير أخلاقية كالتي يفعلها المحامي فتحي نوفل، وإنما يظهر عفيفاً أمام إغراءات النساء ولا يشرب الخمر وما إلى ذلك، ولكن الأحداث تُشعِر المُشاهد بأنه يقوم بأعمال سياسية مشبوهة في غاية الدناءة، فيقف المُشاهد منه موفقاً سلبياً تماماً. وفي نهاية الفيلم تظهر الشخصيتان (المحامي فتحي نوفل والمحامي علي) وهما يقتسمان المسؤوليات في البلد، الأول وهو المحامي فتحي نوفل وله الوزارات، والثاني وهو المحامي علي (الإسلامي) وله النقابات، فيشعر المُشاهد ـ وقد تولّد في نفسه كره شديد للشخصيتين ـ أن البلد تحت سيطرة أخطبوطين كبيرين، أحدهما الإسلامي ومن ورائه الجماعات الإسلامية، لأن المحامي علي كان كثيراً ما يتكلم بصيغة الجمع (نحن، نريد..)     

فهل سيكون وحيد حامد في مسلسل (الجماعة) كما كان في فيلم (طيور الظلام) في هجومه على الإسلاميين؟ وهل سيكون هذه المرة موضوعياً في كتابته لتاريخ الإخوان المسلمين، ما لهم وما عليهم مثلاً؟ أم أنه سيرى ما عليهم فقط؟

وفي حال كان الكاتب متجنياً على جماعة الإخوان المسلمين فأنا لن ألومه، لأنه ليس من الإسلاميين ولا حتى من المتدينين.. وإنما هو كاتب علماني لا يختلف عن أي مفكر علماني أو ماركسي، والأعمال الفنية التي كتبها خرّبت أجيالاً بكاملها. وبما أن الأفلام والمسلسلات يراها الملايين من الناس، فالكاتب وحيد حامد أشد تأثيراً وخطراً على الناس من ألف مفكر علماني ومن ألف فاسد ومن ألف فاجر، لأنه لا يوجد فيلم أو مسلسل كتبه وحيد حامد إلا وهو مليئ بالمشاهد العاطفية الساخنة التي يخجل منها أي إنسان فيه ذرة من شرف.

وإنما ألوم جماعة الإخوان المسلمين نفسها، لأنها هي الأولى بكتابة تاريخها في الأعمال الفنية، والمثل يقول (ما حكّ جلدك مثل ظفرك) فحين نترك جلدنا لغيرنا لكي يحكه فهو قطعاً لن يحكّه وإنما سوف ينهشه. وحين تقف جماعة الإخوان المسلمين مثل الأطرش في الزفة وهي ترى تاريخها يزيّف أمام الملايين، ومن خلال أكثر الوسائل تأثيراً في الناس، عندها نضع اللوم كله على قادة الإخوان المسلمين، ونقول للمرشد العام: ليس من الأمانة أن ترى الإمام حسن البنا تشوّه صورته وأنت لا تفعل شيئاً.

ومما يؤلمني أن البابا شنودة أقام الدنيا وأقعدها حين علم بأنه سيتم تشويه صورة متديّن مسيحي في فيلم (الإرهابي) فتدخّل بنفسه، وتمّ تحسين صورة هذا المتديّن المسيحي. فهل يفعل المرشد العام ذلك؟ أنا لا أظن، فأنا في مثل هذه الأشياء أحب أن أسيء الظن، لأن سوء الظن في مثل هذه الحالات يكون هو الصواب.

وشيء آخر: سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه علّمنا أن الله سيسأله يوم القيامة عن أية شاة تتعثر في العراق لِمَ لم يُعبّد لها الطريق.. فهل يا ترى لن يسأل الله تعالى المرشد العام حين يتعثر الفن الإسلامي، وحين تتعثر السينما الإسلامية، وحين نترك لأعدائنا يكتبوا تاريخنا بصورة مشوّهة ويقدمونه للأجيال تشاهده في كل بيت؟ أنا لا أدري لماذا كانت الشاة عند عمر بن الخطاب أعظم شأناً من الفن الإسلامي عند المرشد العام!!! ولماذا كانت صورة المتديّن المسيحي عند البابا شنودة أعظم شأناً من صورة حسن البنا عند المرشد العام للإخوان المسلمين!!!

المشكلة الكبرى في هذا المسلسل أنه سيُعرض في معظم القنوات الفضائية، أي سيشاهده معظم الناس، في شتى الدول العربية، في القرى والمدن، النساء والرجال، الصغار والكبار، العمال والفلاحون والطلاب، وسائر شرائح المجتمع، أي قد يشاهده مئتان وخمسون مليوناً من الناس، وسيتكرر عرض المسلسل دوماً، وعبر سنوات طويلة. وبما أن معظم القنوات العربية مشبوهة ولا تحب الإخوان المسلمين، فسيتم عرض المسلسل في أفضل ساعات البث. وبما أن معظم الناس لا يعرفون طبيعة جماعة الإخوان المسلمين، فسيأخذون صورة خاطئة ومشوهة عن الإخوان المسلمين، ولا أظن أن أحداً سيخطر بباله أن ينتمي إلى هذه الجماعة بعدما رأى ما رأى في هذا المسلسل.