الحظ يبتسم مرة
علي إبراهيم دغيم
طن ... طن ... طن ....
طن ... طن ... طن ....
صوت الجرس المزعج أوقف الحاج ( محظوظ ) .
نهض متثاقلاً .
- مين إلي جاي من عبكرة الصبح , قال الحاج ( محظوظ) متأففاً
فتح الحاج ( محظوظ ) الباب , لكنَّ الطارق كان قد مضى بعد أن تأخر الحاج بفتح الباب ., وإذا بجريدة أمام الباب .
- كم قلت لهالولد يترك الجريدة على الباب ويمشي بس مصر أنو ما يفهم , ردد الحاج ( محظوظ ) هذه الكلمات بغضب .
جلس الحاج يقلّب أوراقها كعادته , والنعاس أثقل عينيه .
- الأخبار ....الأخبار .... الأخبار أوووف ما أكثر صفحات الأخبار ..
- أريد صفحتي المفضلة .. الأبراج ... هاي صفحة الأبراج ... القوس ... القوس ... هاد برج القوس :
- انتبه !!!
- يوم شؤمٍ ستمر به اليوم .
- الوقت غير مناسب لأية صفقة تجارية , أو عاطفية .
- احذر جدال الناس في هذا اليوم .
رمى الحاج ( محظوظ ) الجريدة بعد أن أرعبته الأخبار المتوقعة لهذا اليوم .
نهض الحاج كي يضع الفطور متردداً .
- والله الأفضل آخذ إجازة اليوم .
- لكن مبارح كنت في إجازة واليوم إجازة , لا ... لا ... سأذهب للشركة وسأحذر من هذا اليوم ومن جدال الناس . ردد الحاج ( محظوظ ) بينه وبين نفسه .
ارتدى الحاج ( محظوظ ) ثيابه وخرج وهو يقرأ التعويذات والأذكار , ويطلب من الله أن يحفظه من هذا اليوم المشؤوم .
وفي طريقه إلى الشركة عرضه بائع اليانصيب :
- سبعة مليون يا حاج ... سبع مليون يا حاج ... اليوم السحب ... تفضل ياحاج ... جب حظك ...
- هزَّ الحاج ( محظوظ ) رأسه قائلاً :
- يا حبيبي لأن اليوم الدنيا ضحكانة إلي حتى اسحب يا نصيب , ما النحس مرافقني في كل مكان ... , تابع الحاج ( محظوظ ) سيره بعد أن تخلص بأعجوبة من بائع اليانصيب .
وصل الحاج ( محظوظ ) الشركة .
دخل مكتبه بعد أن أعطى التعليمات للسكرتيرة بعدم تحويل أي من المكالمات إليه , وعدم دخول أي من المراجعين .
وما هي إلا دقائق .
دخلت السكرتيرة , عذراً أستاذ لكن هناك مندوب شركة ( الأمل ) وألح على الدخول ومقابلتك , وقال إن الأمر ضروري .
أصدر الحاج ( محظوظ ) تنهيدة طويلة وأشار برأسه للسكرتيرة بالموافقة له بالدخول .
- عفواً يا أستاذ لكنَّ الأمر ضروري ومهم .
- تفضل .
- لقد رغبت شركتنا في تحويل الشركة إلى مصنع للغزل والنسيج , وإيقاف البيع والشراء وتصدير الأقمشة , وقد قررت إدارة الشركة بيع مستودعاتها بتخفيضات 50% , ولم نرَ في السوق من هو أحق بشركتكم لهذه البضاعة , لما هو معروف عنكم من أمانة , وصدق وشهرة في السوق بأكمله .
- هزَّ الحاج ( محظوظ ) رأسه رافضاً الطلب وقال :
لكن الشركة لا تملك السيولة لشراء مستودعاتكم .
- نصبر عليكم حتى المبيع , قال مندوب الشركة باحترام .
- رفض الحاج ( محظوظ) العرض بعد جدالٍ طويل , وخرج مندوب الشركة مذهولاً من رفض الحاج ( محظوظ) هذه الصفقة الثمينة .
أما الحاج ( محظوظ ) تبسم , وقال :
- الحمد لله خلصنا من المصيبة الثانية .
مضى النهار , وكان طويلاً ومملاً , .
عاد الحاج ( محظوظ ) إلى بيته , وفي الطريق شغل هاتفه بعد أن قفله منذ الصباح , وما هي إلا دقائق , وإذا الهاتف يدق , وإذا بصوت أخته ( بشرى ) :
- أين أنت يا حاج مقفل جوالك منذ الصباح ؟
- إلي عندك بشارة حلوة ... اليوم لقيتلك بنت الحلال , بنت بتجنن ,
- لا .... لا ... شو بنت , أنا ما رح أتزوج الآن صرخ الحاج ( محظوظ ) .
- لكن البنت حلوة , وهي مازالت في العشرين , ومن عائلة محترمة , وأخدت من أهلها موعد , وعطونا موافقة مبدئية ....
- لا .. لا ... يا يشرى اعتذري منهم , أنا شلت الفكرة من راسي هالأيام .
- لكن يا أخـ
أغلق الحاج ( محظوظ ) الهاتف على صوت أخته وهي تتكلم , وأطلق تنهيدة طويلة .
وصل الحاج ( محظوظ ) إلى منزله بعد عراكٍ طويلٍ مع أحداث يوم ٍ ثقيلٍ جداً على نفسه .
دخل المطبخ ليضع الغداء , جهّز الغداء , وحمل الفطور إلى الصالون , ووضع ورقات الجريدة , ووضع الأطباق عليه , وبدأ يتناول الغداء بنهم .
فجأةً !!
وقعت عيناه على عبارة :
اغتنم فرصتك اليوم .
اليوم يوم سعدك .
نهض مسرعاً غسل وجهه , ولبس نظاراته , وتناول الجريدة :
- القوس ... القوس ... هاد القوس :
الحياة ستضحك لك هذا اليوم .
اغتنم فرصة عمرك ... صفقة تجارية تدر عليك مرابح كبيرة , هذا اليوم هو سعدك العاطفي , وهو أنسب الأيام لاختيار شريكة حياتك .
سقطت الجريدة من يد الحاج ( محظوظ ) عندما علم أن بصره قد خانه في الصباح فقرأ البرج الذي بعد برج القوس ....
حمل الحاج ( محظوظ ) أطباق الطعام بيئس ...
وهو يحلم أن يبتسم له الحظ مرة أخرى