عمو بابا
عمو بابا
حيدر الحدراوي
عاد رائد الى البيت , محملا بقطع الحلوى كعادته , فأستقبله اولاد اخيه هاتفين ( عمو ... عمو ) , لاحظ ان ابنه الوحيد كان يهتف معهم ( عمو .... عمو ) ولم يقل ( بابا ... بابا ) كما يفترض , فنهره , وعنفه , وزجره , وطلب منه ان لا يقول ( عمو .... عمو ) , وامره ان يقول ( بابا ... بابا ) , فقد كان رائد يتمنى ان يسمع هذه الكلمة من ابنه الوحيد الصغير , الذي بالكاد قد تعلم لفظ الكلمات .
ذات مرة , عاد رائد كعادته الى البيت , فاستقبله اولاد اخيه ( عمو .... عمو ) , بينما ابنه توقف فجأة , بينما فارقت وجهه تلك الابتسامة الجميلة , وبدا انه يفكر في ايجاد حل لمشكلة ما , وبعد هنيهة ابتسم الطفل , كأنه وجد الحل لمعضلته , ومد يديه ليعانق والده قائلا ( عمو بابا ! ) .
الانتخابات
اليوم هرعت الناس لمراكز الاقتراع , سألت نفسي , هل انا غبيا كي اذهب ؟ , ام انا ذكيا كفاية كي لا اذهب ؟ , تجولت في الشوارع , مترددا بين الذهاب والعدم , فتوقفت في مفترق طرق , كانت هناك عدة حجارات على الرصيف , ركلت الاولى برجلي وقلت ( اذهب ) , ركلت الاخرى وقلت ( لا اذهب ) , وفجأة توقفت سيارة باص , وقد الصق على زجاجها صور احد المرشحين , مع رقم القائم و رقم التسلسل , كانت تقل الناس من مواطن سكناهم , الى مركز الانتخابات , المثير والغريب في الامر , ان الركاب كانوا يهتفون لمرشح اخر , في قائمه مختلفة , ترجل الراكب الذي كان جالسا قرب السائق , وانهال على الركاب سبا وشتما وطلب منهم مغادرة الباص فورا , فما كان منهم الا ان ترجلوا , وانهالوا عليه ضربا وسبا وشتما , حتى فقد وعيه , وانصرفوا , فنظرت الى الى الرصيف , لم تبق الا حجارة واحدة , فركلتها بقوة , وقلت ( لا اذهب ) ! .
الجامعة العربية لا تهش ولا تنش
اجتمع الكثير من الصحفيين بالسيد رئيس الجامعة العربية المحترم , فبادره احدهم سائلا :
الجامعة العربية ... لا تهش ولا تنش .
فأمتقع لونه , وبدا انه غرق في تفكير عميق , واجاب :
- هش .. هش ... نش ... نش ... بش ...بش .... شفت الجامعة العربية تهش وتنش وتبش كمان .
الهوية المزورة
غالبا ما اصطحب معي هوية مزورة عندما اسافر بعيدا عن مدينتي , بالاضافة الى هويتي الحقيقية , بالتأكيد , لم تكن لدي نية سوء , انما احملها بحثا عن حكاية جميلة , او موضوع هادف , هذه المرة كانت هويتي المزورة صحفي , انطلق الباص بعيدا عن المدينة , فتوقف بعد ساعتين في نقطة للتفتيش , تفحص الشرطي هويات الركاب , وتفحص هويتي وسألني :
استاذ .... هل تحمل سلاحا ؟ .
كلا .
أندهشت كثيرا , و تسائلت ( هل يحمل الصحفيون اسلحة ؟ ! ) , انطلقت السيارة مبتعدة , حتى وصلت الى نقطة تفتيش اخرى , طلب منا الشرطي الترجل , فوقفنا على شكل طابور , وبدأ الشرطي بفحص الهويات وتفتيش الاشخاص والامتعة , دقق كثيرة في هوية الرجل الذي امامي مباشرة .
الشرطي : هويتك مزورة ! .
الرجل : والله مو مزورة ! .
وحدث جدل طويل بينهما , الى ان طلب الشرطي من التنحي جانبا , فوصل دوري , تسائلت في نفسي ( يبدو انه نبيها , هل اعطيه هويتي المزورة ام الحقيقية ؟ ) , واخيرا , اعطيته المزورة , نظر اليها بتمعن , التفت الى ذلك الرجل وقال له :
الشرطي : تعال .. تعال ... شوف هاي هيه الاصليه ! ... مو هويتك .
كدت انفجر من الضحك في داخلي , فتمالكت انفاسي , وكتمت كل قواي , التفت اليّ الشرطي , ناولني هويتي وقال :
الشرطي : تفضل استاذ ... كل الصحفيون موجودين في تلك القاعة .
وطلب مني ان اذهب للقاعة , فيما يبدو كان هناك مؤتمر صحفي او ما شابه ذلك , وقد تصور اني احد الصحفيين المدعويين , واخبرته اني لست في الواجب , وقد جئت لزيارة المدينة فقط , لكنه اصرّ وبطريقة الكرم العربي الاصيل ادخلني القاعة .
الشرطي : هسه تفضل استاذ .. حتى لو تشرب استكان جاي وبعدين اخذ راحتك ! .
لم اقاوم دعوته الى تناول الشاي , فأنا احب الشاي كثيرا , دخلت القاعة , فأذا فيها الكثير من الصحفيين , القيت عليهم التحية , فردوا بمثلها , وبعضهم بأحسن منها , جلست في مكان ما , فبادرني احدهم :
هل انت صحفي ؟ .
نعم .
لطفا .. بدون زحمة .. هل استطيع ان ارى هويتك رجاءا ؟ .
نعم ... تفضل .
ناولته الهوية , نظر اليها متعجبا .
لكن هذه ليست هوية الصحفيين ! .
ماذا تقول .
وضع يده في جيبه واخرج لي هوية غريبة , لاول مرة اراها , وقال لي ( هذه هي هوية الصحفيين ) , تحججت بحجج كثيرة , واقنعته اخيرا بأني صحفي غير مسجل في نقابة الصحفيين , تركت الجمع وانصرفت .
وصلت الى مكان حساس جدا , بينما كنت اروم الدخول من احدى البوابات , كان فيها عدة اشخاص , تفحصوا هويتي , سألوني فيما ان كنت وحيدا , ام ان لدي زملاء اخرون قد حضروا معي , وطلبوا من اخر الاخبار , فقلت لهم وبدون تردد , ( هسه اجيت من مؤتمر صحفي , كلشي انتهى , وقع الاتفاق , راح يحل السلام , وجاينا الخير , الاخبار كلش زينه , الوضع بعد احسن ) فقاولوا جميعهم :
رحم الله والديك ! .... هسه ريحتنا ! .
في الواقع , شنو السالفة ؟ , مدري , ماذا فهموا من كلامي , لا اعرف ! , واصلت طريقي بين الناس , حتى وصلت البوابة الثانية , وكان فيها عدد من الرجال , تفحصوا هويتي جيدا , وضعوا كامرتي و الهاتف النقال في الامانات , فوددت ان امازحهم , فقلت :
بما اني صحفي .... هل يسمح لي بالتصوير في الداخل ؟ .
كلا ... ممنوع .
مشيت عدة خطوات , فأذا بصوت ذلك الرجل :
اذا تدفع 25 الف ... روح صور براحتك ! .
لا ... لا ... احب التزم بالقانون ...