غالية الرباب
عبد الزهرة لازم شباري
بوجهه الكئيب وقامته المنحنية إلى الأمام ، وجلبابه الرث الممزق ، يهمهم بكلمات تنبو عن بؤس ، يقول على ما تبدو عليه حركة يديه وهو يلوح بهما كمن يرسم شيئاً ما في الهواء !
سأرسم قامتي هنا ، واريق ماء الليل فوق مرآة الفجر ، وأصقل صمتي وعذابي ، ثم أرحل بعيداً إلى فجوات النجوم المنتشرة في الفضاء ،وهي تسري فوقي !
يصمت ويسكن عن الحركة في حين تبقى يده معلقة أمامه في الهواء ، يفكر يقتله الوجوم على ما أرى ، يلقي شيئاً على ما أرى على البساط ، يسبقني إلى الباب ، يلملم أسماله البالية ويهرب ، اتبعه لعلي أسترجعه إلى محله لكنه يقول لي بعنف وعصبية حادة :
أسمع يا هذا ؟
أن للشوارع هنا أصداء الشظايا ونزف الغيوم .
ألا ترى في بغداد وحدها ألف قتيل كل صباح ، والناهدات فيها يقتسمن اليباب ؟
ترى من الذي كسرها غالية الرباب ؟
يغيب عني ويختفي في ضباب الصباح الكثيف !!