كوينزكيت!
عبد الزهرة لازم شباري
في دروب مدينة الضباب الظليلة ، ترمقني من بعيد بعودها الرشيق ، وفستانها الأحمر ، ووجهها الشمسي ، خلف شجرة البلوط المنتصبة وسط الشارع الكبير وأمام نصب الحرية الشامخ ، بين الوجوه الكئيبة التي تبحث عن مبغى ، جاءوا من هناك ، من شتى العوالم ، يلبسون الهموم وفراء القرود ، ويسهرون كأرتال النمل على حبيبات السكر في الأكواخ البائسة ، جاءوا يسرقون العيون الغريبة وهي تبل كالندى شجو المغرمين ، وتسلب لب الوالهين !
يملؤون جلابيب الفجر بدبق الفواحش ، ويقتسمون الشرفات والنوافذ ويلثمون الجروح في المخافر !
أسترق السمع من بعيد لأنغام صوتها العذب وهي تردد أغنية ( أم كلثوم ) أنت عمري .
تبتسم لي وتقول :
أنت وحدك ؟
صباح الخير !
ومن معي يا ترى ألا ترين ؟
ألست مثلهم ؟
من ؟
هؤلاء الذين يلبسون الصحراء ، ويلثمون الجروح في المساء ، وفي الليل يبكون الصديد فوق المرايا !
يصفق الريح البارد شباك غرفته المطلة على الشارع ، يستيقظ على نوبة الضجيج !!