الحسناء والوحش
ناديا مظفر سلطان
عندما كتب على جدران القلعة" يسقط الوحش" تجاهله الجميع ،ولم يعبأ به أحد ،أما عندما أعلن أنه سيتزوج من الحسناء، "سجينة القلعة" ، فقد أصبح سخرية القومومحط استهزائهم .
همس أحدهم : ياله من أبله ! وهل هناك من يجرؤ على منازلة الوحش؟
همس آخر : فعلا أربعون عاما والحسناء سجينة القلعة لم يجرؤ أحد على تحدي الوحش.
ضحك ثالث ساخرا : إنه لايزال فتى غرا ...المسكين سيندم.
هز آخر رأسه أسفا : سيدفع حياته ثمنا لحلم أحمق .
في ظهيرة الجمعة اعتلى الشيخ المنبر ، حمد وشكر، هلل وكبر، بسمل وحوقل ، ثم سبح القوي الذي لا يقهر... هتف واعظا : ألا إنها فتنة....
غلبه الدمع فأجهش بالبكاء ، مسح أنفه بكم عباءته وتابع: لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه ، فكيف له أن يتزوج أحدكم زوجة أخيه؟
لا بل الأدهى أن يعلن ذلك على الملأ ، أستغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم
صاح غلام : ولكن كلنا يعلم أن الحسناء ليست" زوجة شرعية" ، لقد خطفها الوحش ، وسجنها في قلعته وشتان بين....
قاطعه أحدهم وهو يرمقه بازدراء: اتق الله يا غلام !، "أطيعوا أولي الأمر منكم " .
ارتعشت لحية الشيخ ورعا ، وأغمض عينيه التي قرحهاالدمع الهتون ، تمتم بأسى : ألم أقل إنها فتنة ؟ والفتنة أشد من القتل !
أطرقتالرؤوس البيضاء المعممة بالموافقة ، بينما انبرى صاحب العمامة السوداء فصاح بصوت مجلجل:
القتل هو الحل ! لابد من قتل الفتى لدرء الفتنة ، الدماء فقط تغسل العار!
تذكروا يا قوم ،الدم هو الحل !
لطخت الدماء أزقة القرية وحاراتها، هواؤها وماؤها .لم يتنفس صبح ، ولم يعسعس مساء ، إلا وآثار الدماء تشهد على صراع الفتى الأعزل مع الوحش، انقضت الأيام ومرت شهور، حتى استيأس القوم وظنوا أن الفتى هالك لامحالة ...
حتى أشرق صبح وليد، لم تعكر صفوه حمرة ، ولم يضرج نقاءه دماء ،ذعر القوم وهرع الجميع إلى القلعة ، بحثا عن جثة الفتى ، فلم يعثروا عليها ، اشرأبت الأنظار إلى الشرفة ، كانت الحسناء باسمة الثغر ،مشرقة القسمات ، تحيطها ساعدا الفتى القويتان.
أفاق الكل من الدهشة، وهتفت الحناجر بصوت واحد مزلزل:
لقد انتصر!