لماذا انتحر التيس

محمود أحمد الشمايله

محمود أحمد الشمايله

[email protected]

 على غير العادة ، استيقظ أهالي الحي على صراخ أبي عبدا لله ، عندما وجد حبلا مربوطا في عنق التيس داخل حظيرة الأغنام ، فأرداه قتيلا ، وفي الحال سارع الأهالي في البحث عن شبهة جنائية داخل الحظيرة ، إلا أن أبا عبدا لله أكد للجميع أنه لم يكن هناك أية آثار تدل على جناية ، فالباب كان مغلقا كما تركه بالأمس ، ولا يوجد آثار شجار أو أداة حادة على جثة التيس ، ولا يوجد منفذ اخر لدخول أي مجرمين أو قتله أو أصحاب ثأر إلى داخل الحظيرة ، لذلك أصدر أبو عبدا لله تقريرا أوليا يفيد أن التيس قد أنتحر شنقا . ولكن لماذا انتحر التيس ؟.

تعددت الآراء حول الأسباب التي أدت بالتيس إلى الانتحار ، كما أفاد السيد مندوب الصحافة، حيث قام بعدد من المقابلات مع أهالي الحي في محاولة للكشف عن ملابسات الحادث وتداعياته ، حسب ما جاء على لسان السكان .

 بائع الخضار فرحان الذي جاء توا من سوق الحسبه قال : أنا أعرف التيس حق المعرفة فهو لم يكن يعاني من أية مشاكل نفسية حسب اعتقادي ، ولم يكن لدية ثلاثة أبناء في الجامعة يقوم بتدريسهم في برنامج الموازي على حسابه الخاص، ويترك الأفواه الجائعة في البيت تقتات الفتات لذلك لا اعتقد أن هذا هو سبب انتحاره.

 أما السيد نادر رئيس الجمعية الخيرية شرع في نفض جاكيته الازرق بيده، محاولا اخفاء بقعة الزيت التي علقت على كمه الايمن منذ زمن بعيد قال :

 أن التيس لم يكن في انتظار إدراج اسمه في القائمة الثالثة لاسترجاع أموال البورصة فهو لم يكن يملك شيئا حتى يضع نقوده في البورصة لأستثمارها ، لذلك أنا لا اعتقد أن البورصة كانت سببا في انتحاره. 

 في حين أن الحاج صالح الذي ظهر على وجهه ملامح المتشفي بموت التيس لأنه على خلاف مستمر مع أبي عبد الله راح يمسّد على لحيته محاولا ازالة ما علق عليها من شوائب وبقايا طعام قال:

 علينا البحث بدقة اكبر في ظروف حياة التيس ولنسأل أنفسنا أولا هل عجز التيس عن تسديد فواتير الكهرباء والماء وأجرة المنزل؟ وكم بقي من دخله المحدود لتوزيعه على أوجه الإنفاق الأخرى ؟ وهل استطاع أن يسدد ما عليه من ديون لأصحاب المحلات التي استدان منها لسد حاجاته الأساسية كالسكر والرز والخضار؟ .وقد أقسم الحاج صالح ثلاثا أن التيس لم يكن يملك هاتفا نقالاً لا هو ولا أولاده . 

فقال : الفت نظركم أن التيس ربما قتل ببطء شديد.

الأستاذ فاخر الحزبي المعروف الذي ظهر مندهشا بهذه التظاهره الصباحية وراح يسأل عن المصاب الجلل ، وعندما عرف به ، أرسل ضحكة صفراء وهو يشعل سيجارته الرخيصة وشرع في تقديم معلومات عن سبب انتحار التيس فقد أفاد أن "ذا القرنين" ربما أصابته حاله من الجنون عندما سمع عن قانون الانتخاب الجديد وتقسيم البلاد إلى دوائر انتخابية اصغر ، وبالتالي فأن عشيرة التيوس سوف تتوزع على أكثر من منطقة انتخابية وعندها ستتضاءل فرص النجاح في الانتخابات القادمة ، وأيضا انه لن يستطيع استخدام المال السياسي في توجيه الانتخابات لمصلحته الذاتية خاصة بعد فرض عقوبات على المشتري والبائع ، ومع ذلك انا اعتقد أن التيس لم يكن ينوي ترشيح نفسه للانتخابات لأنه لا يملك المال اصلاً ولا تنطبق عليه شروط الترشيح لأنه "تيس ابن تيس "!.

ثم أعاد إلينا السؤال لماذا انتحر التيس ؟.

 أسباب غامضة وراء انتحاره أثارت حفيظة المسئولين في المنطقة وظلت علامات الاستفهام والخوف مرسومه على الوجوه ، والتي أدت إلى إثارة الرعب والخوف لدى السكان ، وظلت العيون تلاحق ابي عبدا لله لعلها تحظى بإجابة مقنعة ، لذلك اصدر أبو عبدالله تقريره القطعي بأن التيس كان مربوطا من عنقه بحبل قوي ، واراد أن يتخلص من ذلك الحبل حتى يتسنى له التحرك داخل الحظيرة ولكنه لقي حتفه فيما تمناه.