يوم أحمر
حاتم الشبلي /سوداني
وجد نفسه في قبضة الأفلاس مرة أخري ، عزا ذلك لسوء إدارته لعمله ونفقاته ، قرر أن يستدين بعض المال من أحد اصدقائه اليوميين لمعاودة نشاطه كبائع متجول،العمل الوحيد الذي وجده متاحاً وبدون واسطه ‘ جلس علي السرير الخشبي المهترئ والمتوحد في فناء غرفته المبعثرةالمزاج، أخذ يمررهم أمامه واحداً واحداً ‘ إفترض أنه وصل إلي اللاشئ ،في الصباح حاول ان يتجاوز ذلك الأفتراض ، تتوزع خطواته علي يمين ويسار الاسفلت ، يري عربات وثيره تطير ،وبنات فاتنات يجلسن دائماً في المقاعد الأماميه وهن في غاية الفرح ، صور مختلفه يتأملها لتلاميذ المدارس وهم يسعون بهمة ونشاط ‘ عند الأستوب يري عقد منظوم، عدد من الحافلات متكدسة بالجامعيات والجامعيين والموظفات والموظفين و.....، تزحف بخفه إلي وسط المدينه ‘ أكثر مااسترعي إنتباهه كان إنتشار اللون الأحمر ، علي صدور الفتيات وتنانيرهن المحذقة ، ينعطف قليلاً بأتجاه شارع رئيسي تحدق في وجهه كافتريا فخيمه أكتست في ذلك اليوم بالحمره ، حيث تظهر من علي البعد بالونات ، زهور إصطناعيه ، أقمشة زينه ،........واشياء أخري، أما عندما وصل إلي شارع النيل وجده مكتظاً بالكائنات الحمراء، يتبخترون في مشيتهم أويمشون ببطء مقصود ، يحملون بأيديهم أكياس وصناديق أنيقه ، قفزت إلي ذهنه خاطره صغيره عن العلاقات الحميميه ومتلازماتها ، ماذا لو تحرر الجميع في هذا اليوم من أقنعتهم وعقدهم وأطلقوا لصدقهم العنان ، فخرجت حالا ً صور كاركتيريه غريبه ومضحكه ، هاهو السيد المدير يتأبط سكرتيرته اللطيفه ، محلقاً كغمامه ، وزوجته الحنونه مع صديقه ، حبيبها الأول ، يحتسون لحظتهم السعيده ، داخل سياق الزمن االخاص لعلاقتهم السابقه، وهذه البنت ‘ جارتنا ألأنطوائيه تجالس أحدهم بموده كبيره منبسطة الجسد والروح،و أخيها الشاب الورع الخجول ذلك الذي لايبارح ساحة المسجد، الذي لم أره يضحك في حياتي، يجلس إحداهن علي مسافة منه ويتبادل معها البوح بشجاعة يحسد عليها ، أما الشباب الشباب فأنهم في عالم آخر عالم يخصهم وحدهم 0 وصل إلي مكتبة صديقه الصامده في قلب السوق ، مدد رجليه ، داعبه صديقه ببعض الكلمات إلا انه لم يتفاعل مع قفشاته حتي فرغ من صحن الفول الكبير ، ثم أغرقه بقصصه ومشاكله الخاصه 0 في المساء وبعد إكتمال دورة اليوم ترافقا إلي محطة المواصلات ، لا زال الأحمر هو المسيطر، تتجول أبصارهم في حواشي ومتون االعابرات ، صديقه يقول : ( كل نظريات الجوع والفقر ناقصه مالم تبحث في الأثر المباشر للفقر علي صحة الأنسان النفسيه ) ......يلكزه ، فتاة شامخه تضع خطواتها برفق وكأنها تقبل الأرض ، تمر من أمامهم ‘ وتأخذ معها خيوط الحديث والأنتباه ، افترقا ، صوت مغني يظلل المكان ، جاني طيفه طايف .... لحاظه كالقذايف ....وانا من عيونه خايف .... وصل إلي غرفته ‘ أغلق الباب تمدد علي السرير ‘ اراد مهاتفتها بقدر اللحظات التي أبتاعها من بائعي الأثير ، لايهم أن أتحدث كثيرأً أو قليلاً ‘ تلك مسأله ثانويه ، أوبالاحري غير ذات معني ، المعني والمهم هو أنني سأسمع صوتها وتسمعني ، ولكن من الأفضل أن تكون مكالمتي قصيره ، محدده الغرض ، كلماتها منتقاة وحذره ، أجل سأتجنب بقدر الأمكان الأسئله المحرجه ، مواعيد الخطوبه .... الشغل .... نتائج المعاينات ....الشله..... الشراب .. لست بحاجه إلي كل هذا الأزعاج ، يكفيني ما انا عليه ،(اعد الأتصال مرة أخري ) ... ويحاول .....( خطأ الإتصال بالشبكه ) ....(تيت ....تيت... تيت ) ، سب ولعن كل شيئ ، أكتشف عبر الراديو أن أبواب الأثير الغربيه مغلقه لأسباب.. فوق- سياسيه ، الحرب ... الصراعات ... المصالح ... القرف .... ا لسياسه........... كل شرور العالم وأوساخه حرمت العاشق التعيس الذي يسكن بداخله من مهاتفة عشيقته ،أحس وكأن السلطه وأذيالها واشباهها والظروف العامه تتآمر ضده ، بلد ....... ،زفر أنفاسه المغتاظه ، أغمض عينيه ، ثم مضي ، تراءت له من ثقب الذاكره تلك الصوره .... إمرأه بتوب أحمر وزوجها بيمينها يحمل طفله حلوة ، وبيديهما أكياس الداندرمه يتمشيان علي شارع نيل الخرطوم .
تمت