المغدور
م. زياد صيدم
اختفى من المخيم فجأة مع صديق له ذات ليلة.. مرت بضعة أيام.. عاد الصديق يمشى متثاقلا وقد تلوح هيكله العظمى وانتفخت وجنتاه !.. ولم يعد هو ؟.. توالت الأيام كثقل الجبال على أطفاله وزوجه وإخوته وأخواته .. دق الهاتف .. فسارعوا إلى المستشفى تسبقهم دموعهم ودعواتهم اليائسة لشفائه.. مر زمن قصير حتى رن الهاتف ثانية .. لكن رنته كانت بصوت الغربان والبوم .!!.
***
حشود مؤلفة .. وحناجر صاخبة غاضبة .. وأكتاف يعلوها جثمان مسجى وقد لف براية صفراء.. ينعكس عليها ضياء ووهج غريب يزيدها لمعانا .. وقف شيخ لا يكاد يصلب طوله متكئ على عكازه متسائلا ماذا حدث؟ أجابه احدهم على عجالة شهيد مغدور.!!
***
كان طيب القلب حسن المعشر .. كان على موعد ليحتفل هذا العام بعقده الرابع.. هكذا تحضر أطفاله وأهل أسرته.. لكنهم لم يحتفلوا وحدهم ! كان المدعوون حشود بالآلاف جائت بلا دعوة .. تحتفل معهم في ذاك اليوم المحتوم .. أثر طعنات الزمن الغادر .!!
***
لحق بالحشود والتحم بها حتى أصبح في منتصفها تماما.. وعلى يمينه كان الشهيد مرفوعا على الأكتاف.. طاف بشوارع المخيم .. زار أسرته وأطفاله اللذين لم يستوعبوا الحدث بعد.. أرادوا الصلاة عليه فأغلقت مساجد في ذاك الوقت أبوابها ؟.. وفتحت أخرى .. وتمت الصلاة ووري الثرى.. وما تزال الحشود تذرف دمعها لهيبا .. في طريق العودة بعد مراسم الدفن.. شُوهد ذاك المسجد يشرع أبوابه .. وبعض المصلين يهرعون للصلاة فيه .!!
إلى اللقاء.