ثوب العيد

أحمد صرصور

[email protected]

غداً عيد الفطر, ونوران تنتظر حلوله بفارغ الصبر, ليس لا سمح الله لانها لا تحب رمضان, او قصرت في تأدية  فرائضها اتجاه  ربها!!!!! فهي داومت على الصيام من بداية شهر رمضان المبارك حتى هذا اليوم, اليوم الاخير في الشهر الفضيل. واقامت الصلاة طرفي النهار, وزلفا من الليل. وكانت تتصدق على الفقراء والمساكين. لكنها تنتظر العيد كي تلبس الثوب الجديد, الثوب الذي اهدتها اياه الجنية, مكافأة لعبادتها لله على احسن وجه.

قالت لها الجنية عندما زارتها في المنام : قد رضي الله عنك يا نوران, لذا قررنا في مملكة الجنيات, ان نُهْديكِ ثوبا يليق في مقامك, ايتها العابدة الطائعة المؤدبة. هذا الثوب عجيب ,غريب, ومطرز باشكال كثيرة  من الطيورالجميله. هذه الاشكال تأخذ بالغناء اذا لامستيها. فالبلبل يصفر ويسمع شداه. والهدهد  تنطلق هدهدته الموسيقية. والدجاج يسمعنا نقنقته. والحمام هديله. والديك صياحه.

وما اعذب الحان الجوقة الموسيقية, التي تصدر عن الثوب, اذا لامست كل الاشكال مرة واحدة. الحان تختلط فيها كل اصوات الطيورالعذبة, لتنتشر عبر امواج الأثير, تطرب مسامع الصاغين.  

واعلمي يا نوران, ان الثوب يعمل فقط في حالة واحدة. ان يكون كل من حولك راضين عنك. فان غضب احدهم, سيكف احد هذه الاشكال عن  الغناء. واعلمي ان كل قريب لك يمثل شكل من الاشكال. فالبلبل يمثل اباك, فاذا اغضبتيه, سيكف البلبل عن التصفير, ولا يعود له صوته, الا بعد ان يرضى عنك ابوك. وايضا سيكف الهدهد عن  هدهدته اذا اغضبت امك, وكذلك يفعل الدجاج اذا اغضبت اختك, والحمام لن يسمعك هديله ان لم تحترمي اخاك. وهكذا دواليك...

فرحت نوران بهديتها الجميلة والفريدة, وشكرت الله عليها. وهاهي تنتظر بفارغ الصبر, اول ايام العيد لتلبس ثوبها, وتستمع لاصوات الطيور .

وفي صبيحة اول ايام العيد, توضأت نوران, وصلت ركعتي شكر لله, وهرعت الى ثوبها, واخرجته من دولابها, وارتدته.

كان الثوب ملائما لجسمها, وجميلا عليها, وزاده جمال على جمال, نقوش وتطريزات اشكال العصافير عليه.

 كادت نوران ان تطير من الفرحة, عندما سمعت غناء واناشيد العصافير عليه, ما اجمل هذه الاصوات, اصوات موسيقية, تدغدغ الآذان, وتطرب القلوب, وما زادها فرحة على فرحة, هو علمها ان ما دامت هذه العصافير تغرد, فهذا يعني ان كل من حولها راضٍ عنها.

ذهبت نوران لزيارة الجيران لتبارك لهم العيد, وما ان رأت ابنة الجيران ثوب نوران حتى اجهشت بالبكاء تريد الثوب, فما كان من نوران الا أن خلعته واهدتها اياه, فهي لا تطيق ان يبكي احد بسببها.

فرحت ابنة الجيران بالثوب, واخذت تداعب الاشكال عليه,علها تصدح بالغناء, او النشيد. لكن هيهات.......... لم تستجب الاشكال لمداعبة اناملها, حاولت ابنة الجيران الكرة, مرة بعد مرة,لكن لا حياة لمن تنادي..

اجهشت ابنة الجيران بالبكاء, مرة اخرى. كيف كانت العصافير تغرد عندما لبست نوران الثوب ؟ ولماذا لا تنشد وهو فوق جسدها!!

استدعت الجارة نوران, وسالتها عن امر الفستان.

شرحت نوران للجارة سر الثوب, واوضحت لها ان العصافير لن تنشد, ما دامت ابنتها لا تعبد الله, وتغضب اهل عائلتها, ولا تحترم احدا منهم.

حزنت ابنة الجارة على افعالها, واعادت الفستان لنوران, وقررت في قرارة نفسها, انها من اليوم فصاعدا, ستعبد الله, وتحترم اهلها, وستنتظر الجنية في العيد المقبل, لكي تاتي لها بهدية .