لإعادة الإمبراطورية

لإعادة الإمبراطورية

عادل العابر - الأحواز

[email protected]

 خالفت رأي أسرتها وسجلت في قوات التعبئة التي أمر بتأسيسها الولي الفقيه الذي تقلده.

واعدوها بالقبول في الجامعات حتى لو لم تحصل على درجة الإجتياز!

وأن نظام التعبئة خصص لها حصة مع الناجحين!

ومنذ ذلك الوعيد، لم تتعب نفسها في الدراسة والقراءة وأصبحت تلبي جميع دعوات قوات التعبئة، التي تدعوها للصلاة في المساجد ثم قراءة الأدعية التي تستغرق وقتاً لا يقل من ساعتين أو ثلاث!

ولم تفتها صلاة جمعة قط!

ولم تمض فترة حتى أصبحت تحمل السلاح وتشترك في المناورات!

وتركب الدوريات وتجول في الشوارع ليلاً لتحرصها من اللصوص والمخالفين للجمهورية الإسلامية، وذلك بصحبة شباب يسميهم الرئيس (الأخوة)!

 وذات ليلة دعوها إلى إقامة الصلاة في المسجد الجامع، ثم لقراءة (دعاء عرفة) و(دعاء كميل)،

وقد طالت الأدعية حتى منتصف الليل!

ثم وطبقاً للبرنامج الذي خطط له الرئيس من قبل، ذهبوا لزيارة القبور!

ثم أمر الرئيس أن يباتوا في معسكر من معسكرات قوات التعبئة، ليتعودوا فراق الأهل والمنزل رويداً رويداً!

 تلك الليلة كانت أول ليلة تبات فيها خارج البيت، ولم يكن برفقتها أحد من الأسرة، لا أب ولا أم ولا حتى شقيق!

ورغم ذلك لم تشعر بالوحشة بل استشعرت بالنضوج والبراعة، وصار بإمكانها أن تتفاخر على بنات الجيران بالجرأة والمغامرة اللتين إمتازت بهما بدءاً من هذه الليلة!

وفي منتصف الليل وبعد أن فرغوا من الصلاة والأدعية،

بدأ التهامس بين الأخوة والأخوات!

وتبدلت جمل الأدعية إلى جمل الحب والغرام!

ثم دارت الأذرع حول الخصور!

وتبادلت القبلات!

وتعرت الأجساد وبرزت النهود ... وسادت الفحشاء!

عندها اعتقل القمر ضياءه وراح ينزوي وراء السحب حياءاً.

ولم ير الناس إطلالة ضياء النجوم في بيوتهم،

ولا الطيور المهاجرة التي كانت تواصل طريقها ليلاً فيسمع الناس ضجيج لغوها في السماء، فلقد هبطت في بركة ما خوفاً على فراخها المراهقة من البغاء.

وتكررت الدعارة في الليالي الأخرى بحجة الدعاء والصلاة والإعتكاف.

أو بحجة رصد اللصوص والمخالفين لولاية الفقيه.

 ولم  تجد ِ حبوب منع الحمل، فلقد حملت بعض الفتيات من أخوة متعددين!

وأصبحت الأبطن تتورم بالخبث يوماً بعد يوم، حتى أوشكت الجريرة أن تشتهر لولا فكرة الرئيس المخضرم بالحيل والفساد، الذي قدم دعوة رسمية للفتيات بعد أن بلغن السابع من حملهن تدعوهن إلى حج العمرة، وبمدة شهرين!

لم يشك أحد من الأهل بالفتيات!  

وكيف لك أن تسيء الظن بفتاة محجبة تصلي في المساجد وتأمر أمها وأخواتها وبنات الجيران بالمعروف وتنهاهن عن المنكر؟!

كيف للشك أن يخامرك فيها وهي لا تفارق رسالة المرجع الديني، وتحمل معها كتاب وصيته أينما ذهبت؟!

فتاة لا تتبرج ولا تتكحل و لاتحف حاجبيها بتاتاً ... فكيف لك أن تتوهم بها سوءاً؟!

بل وتفاخر الأهل بذهاب بناتهن إلى الحج.

إنما نقلت الفتيات إلى مركز الإستخبارات في طهران حتى ولدن،

ثم رجعن يحملن هدايا السفر عليها علامات تجارية سعودية!

وقد استقبلهن الأهل بلافتات (حجاً مقبولاً وسعياً مشكوراً)!

 وهناك في طهران، أمر قائد المخابرات أن ينقل الأطفال إلى الحضانة المختصة في دائرته،

ثم طلب من رئيس قوات التعبئة الحضور شخصياً ليستلم مكافأته!

ولما حضر، قابل قبيح صنعه بجميل ثنائه قائلاً:

نريد الكثير من هؤلاء!

فكل نغل سوف يصبح جندياً يحمل في صدره قلباً أقسى من الحديد وأصلب من الجلمود،

 فيساهم في الأمبراطورية التي نطمح أن نعيد عرشها في إيران!

إمبراطورية زردشتية، تقدس النار وتقبح الإسلام الذي فرض علينا من الجزيرة العربية!

هؤلاء سوف يصبحون رجال مخابرات بمعنى الكلمة!

سوف يصبحون بلا رحمة ولا ضمير، ويعذبون المخالفين أبشع تعذيب ولا يرف لهم طرف!

سوف يبطشون بالذين يرفضون النطق بلغة كسرى وساسان وانوشيروان في بيوتهم، ويتشبثون بثقافاتهم العربية التافهة!

قاطعه رئيس قوات التعبئة مستفهماً:

هل تقصد الشعب العربي الأحوازي، سيدي؟

رفع القائد حاجبيه بالنفي وقال:

كلا، ليس وحدهم!

بل أقصد عرب الأحواز وعرب العراق وعرب لبنان وكل العرب!

ثم قدم هدايا ثمينة للرئيس ورفع رتبه وزود راتبه،

وأرسله مرة ثانية إلى المساجد والحسينيات ليتابع مهمته.