ذبح الحمير
ممدوح أحمد فؤاد حسين
ببضع حبات من أقراص الفياجرا باع السجان ولائه للحمار وسمح لعم محمود بالهرب. اضطر عم محمود للتخفي والتنكر في تنقلاته حتي يفلت من أعين البصاصين, ولاحظ تغييرا أدخل السرور في قلبه وأنعش أماله بقرب التخلص من الحمار. سمع الرجال في مجالسهم الخاصة, والنساء في أعراسهم, والأطفال في شوارعهم, يتسامرون ويتغنون ببعض من الأبيات التي كتبها في سجنه . سمعهم يقولون:
لك يوم يا ظالم
هيجي
هيجي اليوم اللي أركبك
وأقولك شي يا حمار
شي يا حمار
فأدرك أن الوقت قد حان للقيام بعمل كبير للتخلص من الحمير .. كل الحمير.. أخذ يفكر حتى اهتدى إلى التقرب من كبير الجزارين, بعد حوار ونقاش اقتنع كبير الجزارين بضرورة ذبح الحمير, ولكنه قال لعم محمود : إني لا أستطيع أن أقنع الجزارين بالقيام بهذا العمل, فرد عليه: لا أريد منك إلا أن تجمع كل الجزارين وسوف أقوم بإقناعهم.
اجتمع الجزارين وبدأ عم محمود في شرح الفوائد العظيمة لذبح الحمير.
إخواني الجزارين:
بذبح الحمير سنزرع الطعام لأولادنا بدلا من البرسيم ويتحقق بذلك الرخاء والاستقلال الاقتصادي وما يتبعه من استقلال سياسي.. (لن تكون كلمتك من رأسك إلا إذا كانت لقمتك من فأسك).
وبذبح الحمير سيضطر العربجية لتشغيل الشباب العاطل فيتم القضاء على البطالة وآثارها النفسية والاجتماعية الخطيرة .
وبعد حل أزمة البطالة سيقبل الشباب علي الزواج فتنتهي أزمة العنوسة ونسمع زغرودة حلوة ترن في قريتنا.
والأهم من كل ذلك أنه بذبح الحمير سنتخلص من الاستبداد والفساد والتخلف وننعم بالحرية والرخاء والتقدم.
بدأ الحماس يشتعل في قلوب الجزارين, وبدأ كبير الجزارين الحديث بتشجيعهم على القيام بذبح الحمير وأعلن عن تبرعه بكل ممتلكاته لمن يقوم بذبح حمار عم محمود.
ثار الجزارين في الطرقات ولم يجدوا حمارا إلا ذبحوه, وانضم إليهم أهل القرية حتي ذبحوا كل الحمير, ولم يفلت حمار عم محمود من الذبح.
وسمع أهل القري المجاورة بثورة الجزارين فتشجعوا, وخرجوا يذبحون الحمير, وتخلصت قريتنا وكل القرى المجاورة من الخضوع للحمير.
واستباقا لغضب جمعيات الرفق بالحيوان أرسل عم محمود رسالة اعتذار لبرجييت باردوا يعتذر فيها عن ذبح الحمير, إلا أنها فاجأته برسالة تهنئة قالت فيها : إن الحمير التي قمت بذبحها كانت عار على كل حمير العالم قبل أن تكون عارا علي الجنس البشري. وبشرته بأنه قد تم ترشيحه للحصول علي جائزة نوبل للسلام تقديرا لجهوده في تحرير أهل قريتنا وقري المنطقة بأثرها.