رسائل ملغمة

رسائل ملغمة

ليلى رابح / الجزائر

[email protected]

ضجة و قلق كبيرين عمّا الحي الذي يأوي بيت عائلة السيد بسيط ، جموع الناس بدأت تتجمهر و الأقاويل بدأت تسري كالنار في الهشيم ، سيارة الإسعاف قد تأخرت قال احدهم و تساءل الآخر ما الذي يجري ؟ أخر يقول أنه سمع دويا كبيرا و أخرى تصرّ على أنها سمعت جارتها زوجة السيد بسيط تصرخ و تنتحب . هل مات السيد بسيط ؟ تساءل أحدهم متعجبا .الكل يدلي بدلوه و لا احد حقيقة يعلم ما يجري بالداخل . هاهو ابن السيد بسيط قادم ، إنه طالب في كلية الطب و بالتأكيد سيسعف والده التفت الجميع إليه و أفسحوا له الطريق و المسكين لا يكاد يرى موضع رجليه من هول الصدمة . إن السيّد بسيط لا يعاني من أي مرض و ليس مسنا أبدا استطرد أحد المتجمهرين ... ازداد هلع ابن السيد بسيط و هو يخترق جموع الناس ليصل باب البيت فيجد أمه و أخته قابعتين في ركن بعيد و  قد أوصاهما والده بعدم  القرب منه و قد نفذتا أمره حائرتين حزينتين دامعتين ، لم يقتنع الابن بكلامهما و دخل غرفة والده و يا لهول ما رأى !  

والده غارق وسط كومة من الرسائل ، بالكاد يحرك يده ليومأ لابنه بعدم مقربته ، شلت حركات ابنه و سكناته و احتار ماذا يصنع ، توجس قليلا و خمّن ، ثم اقترب قليلا من والده و سأله عما يشكو و ما يؤلمه ، أشار الوالد إلى كومة الرسائل ثم أمسك بقلبه و راح في غيبوبة عميقة ، لم يتمالك ابنه أعصابه و دنا من والده ثم تراجع و تذكر ... تذكر الرسائل الملغمة ... لكن من من مصلحته اغتيال والده ـ إنه رجل بسيط لا يملك إلا قوت يومه إنه لا يتعاطى المخدرات و لا السياسة .. إنه حتى لا يقرأ الجرائد و لا يتابع نشرات الأخبار.. لكن مع ذلك لم يتركوه و شأنه . تقدّم الطبيب الصغير من والده ، يحاول انتشال جثة والده من جبل الرسائل الملقى عليها و بينما هو قاب قوسين أو أدنى منه لمح أظرفة الرسائل  إنه يعرفها ... إنه يعرف مصدرها ... |إنها رسائل حكومية ... إنها فواتير ...  !!  مجرد فواتير حكومية متراكمة ، حاول إيقاظ والده من سباته و هو يضحك ملء فيه لكن عبثا كان يحاول فقد اغتالت الفواتير حقا والده !  .