دعواتٌ مَطلولةٌ باليُتمِ

حسين العفنان ـ حائل الطّيبة

[email protected]

أنصتُ لدَعوَاتِها الـمَطلولةِ باليُتمِ ، وَالطّرقاتُ أخذتْ تَبتَلعُ السُّياحَ وَالمُصطافِينَ ، حَتى عَرباتُ الذُّرةِ وَالمثلجاتِ دَفنَ الصَّمتُ ضَجِيجها ، لم يَمكثْ سِوى مِصباحٍ يَنفثُ ضَوءَه بِتثاقلٍ ، وَأنّةِ رِيحٍ تُقلّبُ قُصاصةً بَاليةً..!

كَانتْ تدعو اللهَ ـ عزَّ وجلَّ ـ ونظراتُها تَترددُ في الهَواءِ:

(اللَّهُمَّ احْفظهُ ، اللَّهُمَّ جَنبهُ عَواقِبَ السُّوءِ..!)

عَجبًا !! أينَ ذَهبَ ؟!

كانَ قَبلَ قَليلٍ يُضاحِكُهَا،ويَسألُهَا مَاذا تَشتَهي مِنَ المأكُولاتِ البَحرِيةِ..!!

وَكانتْ هِي مُشرِقَةً تَروي له مِن شَرخِ شَبَابِها ذِكرَياتٍ حَالمةً..!!

التفتُ إلى زَوجِي وَالحَسرةُ تَشعُ مِنْ مَحَاجِري:

ــ أصبحَ المَكانُ مُوحشًا ، اللهمَ أعدْ إليّها ابْنَهَا...!

فَصَرخَ فِي وَجهي فَائِرًا :

ــ مُنذ وُصولِنا إلى الشَّاطِئ وتلكَ العَجوزُ ،في السَّمعِ والبَصرِ ، ما هذا الفُضول...؟!!

لمْ أَلتفتْ لصُراخِه! فَقد أَخذتِ العَجوزُ تَتجهُ نَحونَا ، تَجمدَ النَفَسُ في صَدري ، وتسارعَتْ نبضاتُ قَلبي ،وَقفتْ قُبالتَنَا وَقالتْ بِصوتٍ مُرتعشٍ وَهي تُناولنِي مطويةً صغيرةً :

ــ السَّلامُ عَليكم : بُنيتي ، أنَا لا أعْرفُ القِراءةَ..!

فرددتُ بارتباكٍ :

ــ وَ عليكمُ السَّلامُ ..أبشري...أبشري.. يَا خَالةُ ..!!

ونشرتُها فإذا هِي تقولُ:

((إذا وجدتُم هَذهِ العَجوزَ المُؤذيةَ فاذهبُوا بِهَا إلى دَارِ المُسنينَ !!))