وصية أم
زياد علي خليل الطويسي
غداً سنذهب إلى الجامعة، أنا سأذهب إلى اليرموك، بينما سيذهب قيس وخليل إلى الهاشمية، وليث إلى التكنو.
سنترك حياة الترحال بين الجبال والوديان.. بين البتراء ورم والعقبة وعمان، وسنبقى في الجامعة، انتهزت أمهاتنا فرصة حماسنا هذه واستعدادنا القوي لدخول الجامعة في تقديم النصائح لنا، قالت أم قيس:
إنها الغربة يا ولدي، احرص على نفسك جيداً، وأحذر أن تسير وراء رفاق السوء، لأن الجامعة تحوي من كل الملل والمناطق، احذز أن ينهبوك ويستغلوك يا ولدي، احرص على نفسك من الفتيات في الجامعة، ولا تخزني وتخزي أبيك، احذر من مدمني الكحول والمخدرات، احذر من الوقوع في المشاكل، واحرص على الالتزام، امشِ الحيط بالحيط وقول يا رب السترة.
أنهت أم قيس حديثها وأمي ما زالت صامتة، ثمّ بدأت أم خليل بالحديث، فقالت: أدرس جيداً يا ولدي، واحرص على تحقيق النتيجة العالية، تغذى جيداً يا ولدي، وأحفظ نقودك جيداً، احذر أن يسرقوك، واحرص على الجد والمثابرة، ولا ترافق إنساناً لا تعرفه.
أنهت أم خليل حديثها وأمي ما زالت صامتة، ثمّ بدأت أم ليث بالحديث، فقالت: لا تنسَ شيئاً من لوازمك يا ولدي، وإذا شعرت بأي نقص أخبرنا، نوع من تناولك للطعام، ولا تكثر من شرب القهوة، لا تكثير من النوم بل أصحو مبكراً إلى محاضراتك، شارك في المحاضرة وأجعل الأساتذة يعرفوك، واحذر أن تحضر أي شخص لا تثق به إلى سكنك، واحرص على نقودك ولا تجعلها كلها في مكان واحد حتى لا تخسرها كلها إذا ضاعت أو سُرقت.
أنهت أم لي حديثها وأمي لا زالت صامته، كنت قد تهيأت جيداً لأسمع ما تقول إلا إنها لم تقل أي شيء، فضننت أنها أجلت كلامها لتكمل فنجان القهوة، فأكملته ولم تقل أي شيء، فقلت في داخلي ربما لأنها ستوصيني بالكثير أجلت حديثها لتقله لي في البيت، وصلنا البيت ولم تقل أمي أي شيء، فالت في داخلي: ربما أجلت حديثها لتقله لي عندما ينام الجميع، نام الجميع بما فيهم أمي والغريب في الأمر أن أمي لم تقل لي أي شيء.
في الصباح صحوت مبكراً وحزمت حقيبتي، قصدت غرفة أمي لأودعها، فودعتها وخرجت وما أن وصلت الباب حتى قالت لي أمي: امرؤ
التفت إليها فقالت: وصيتي لك يا ولدي
أصغيت إليها جيداً، فقالت:
احرص على أعراض الناس وتذكر أن لك عرض.
قلت: أمرك يا أمي.
فقالت: صاحب من شئت منهن، وأدرس معهن، وقدم المساعدة لمن تستحق منهن، بل وأضحك معهن.. لكن احذز أن تمس أيّ منهن بسوء.
ودعت أمي، ثمّ قارنت بين ما قالته لي أمي بما قالته أمهات زملائي فوجدت أنّ وصية أمي أعظم وصية، بل أعظم وصية من أم لابنها.