قال لأقتلنَّك
محمد الخليلي
مقولة أطلقها أحد ابني آدم حينما أراد أن يتخلص من أخيه حسداً وكراهية ، ولم يكن القتل قد مورس على هذه البسيطة ولهذا أجاب الملائكة ربهم قائلين:( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء) فالقتل وإن أعظم جريمة إن لم يكن بوجه حق، ولكن الملفت للنظر أن بني آدم لشدة ظلمهم تفننوا في قتل بعضهم بعضاً .
فالنمرود قدماً أمر بصنع المنجنيق ليلقي فيه ابراهيم عليه السلام ليقتله وابن طولون حين دخل عليه بنَّان الجمال ليعظه غضب وقال له لأطعمنك للأسود ، ومنهم من قال لأخر لأقطعنك إرباً
إرباً ومنهم عاقب بالحرق والشنق ووو.... وكلما تقدم الزمان تفنن الإنسان في قتل أخيه الإنسان فبلغ الإفرنج مبلغاً عظيماً حينما كانوا يقتلون المسلمين على ( الخوازيق ) في محاكم التفتيش .
وربما ذهب حقد بعضهم الى التمثيل إذا لم يشف غليله محض القتل فجعل ينكل به ميتاً
ولكن صابر الطاهر له قصة تسجل في سجل (جينس) فتعالوا أتلُ عليكم نبأ صابر
شاب في الثامنة عشر اقتيد الى أقبية السجن في ظلمة الليل ، بتهمة التدين وقادته الأقدار من سجن لآخر حتى أستقر به الحال في سجن صحراوي (غوانتنماوي ) ، ويا ليته كان مع سجناء غوانتانامو لاعتبر نفسه في جنة .
استطاع صابر أن يقتني نسخة من القران ( هربها ) إليه شخص ما فكان يقرأ منه خلسة ، واستطاع حفظ القران كاملاً خلال سنتين ولكن الأقدار شاءت أن تلمحه عينا أحد السجانين يوماً وهو يراجع في مصحفه المحظور آي الذكر الحكيم .
نما إلى مدير السجن جرم صابر فأمر بإمطاره بوابل من التعذيب مدة أسبوع كامل ثم استدعاه إلى مكتبة يريد منه أن يستتيبه مما فعل ففوجىء المدير بصابر يصدع بالحق قائلاً بكل تحدٍ لمدير السجن الصحراوي :
إنني أيها النمرود لم أجرم حينما كنت أتلو كتاب الله وسأعود لقراءته آناء الليل وأطراف النهار فافعل ما يحلو لك .
أراد مدير السجن أن يعاقب صابراً عقوبة روتينية فقال لزبانيته خذوا هذا الكلب وافعلوا به ( كذا وكذا ) ، وهذه عقوبة اعتيادية تقع على كل من خالف قوانين السجن ، وليست عقوبة مبتكرة وإنما يفعلها كل الأنجاس مع الطاهرين المعذبين ، ولذلك يلجأ إليها المحتلون في بلاد الرافدين لإشفاء غليلهم من جند الله وإطفاء ظمأهم من الفرسان المجاهدين .
احتار ( أبو الجزار ) مدير السجن في أمر صابر وأراد أن يقتله قِتلة لم يسبق لها مثيل وكلما فكر بطريقة عرف أنها قديمة . قرأ في الكتب ، سأل أهل الخبرة ، استشار من له شأن في التعذيب ولكنه لم يقتنع في أية طريقة مبتكرة أفاده بها أرباب التعذيب .
وبينا كان (أبو الجزار) غاف في قيلولة ظهيرة يوم كان حافلاً بتعذيب المساجين إذ بإبليس يأتيه في غفوته ويشير عليه بطريقة مثلى مبتكرة .. فزع من غفوته ، فرك عينيه لكي يرى أين إبليس كي يستزيد منه معلومات أخرى ، ولكنه لم يره .
هُرع ( أبو الجزار ) إلى السجن واستنفر كل عساكره معلناً أن جميع السجناء يجب أن يحشروا في ساحة الاعدام الخاصة بالسجن لكي يشهدوا الإعدام العجيب المبتكر لصابر .
وخرج على قومه في زينته وجلس يتربع بين حاشيته يريد أن يشفي ظمأ تعطشه لدم صابر
جميع الجناء يعلمون أن صابراً سيعدم بعد قليل وهم يتوقعون إما رمياً أو شنقاً أو أو .....
بأحد الأساليب التي أصبحت مشهداً يومياً عندهم . وقليل جداً من السجانين يعلمون تفاصيل الِقتلة التي سيموت بها صابر لأن ( أبا جزار ) يريد أن يجعلها مفاجأة للجميع ، علَّه يُسجَّل في كتاب (ابليس ) للأرقام القياسية في فن القتل .
جئ بشاحنتين صغيرتين واصطفتا عكس بعضهما البعض وعيون الجميع متسمِّرة مشدودة لمعرفة القادم من الأحداث . رُبطت يد ورجل صابر بإحدى الشاحنتين والأخريان بالشاحنة الأخرى . اُُمر سائقا الشاحنتين بالانطلاق المفاجئ باتجاهين متعاكسين فانفلق جسم صابر الطاهر إلى نصفين خلال أقل من ثانيتين .
انفجر أبو الجزار ضاحكاً فقد تحقق حلمه في ابتكار ما لا يُستطاع ابتكاره وتعالت ضحكات من حوله من الأزلام وشرب أبو الجزار نخبه حتى الثمالة ووزع نخب صابر الطاهر على كل زبانيته وعلى المساجين أيضاً رغم أن بعضهم كانوا صائمين فأرغمهم على شرب نخب أخيهم صابر .
تحدثت الصحف بعد أسابيع عن خبر مقتل أبي الجزار حين تحطمت به الطائرة وهو عائد من رحلة عمل من نيويورك .
غاب عن ذهن أبي الجزار وجميع من انتسب إلى نقابة الجزارين أن الله تفرد بما فعل أبو الجزار حين قال " إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين" ، وهذا ينطبق على كل من سأل الله فأعطاه فجحد .
ولكن أبا الجزار ألَّه نفسه فقصمه جبار الجبابرة ليس إلا فِرقين فحسب ولكنه أصبح في لغة الجزارين ( كفتة ناعمة ) ... فهل من مدَّكر؟؟ ...