حتى الكبار
حتى الكبار
ثناء محمد كامل أبوصالح
دخلت ابنتي المطبخ – بابتسامة مشرقة – تحمل عدداً من كؤوس العصير الفارغة ..في محاولة منها لمساعدتي.. أسرعتُ إلى تناولها منها قائلة : لا تحملي المزيد ثانية, ما زلتِ صغيرة وقد تكسرينها.
أجابت : لا يا ماما, لقد كبرتُ.. دعيني أساعدك.. وركضتْ تجمع عدداً آخر تحمله إليّ.
لحظات وهوى أحد الكؤوس من يدها لتتناثر شظاياه في أرجاء المطبخ.. صرختُ بها وقد لوّن الغضب ملامحي : أما قلتُ لك ما زلتِ صغيرة ؟.. انظري إلى ما فعلتِ.. لا أريد مساعدتك ولا أريد أن أتأخر في عملي أكثر .. هيا اخرجي ..
انكمشت الصغيرة على نفسها, وتسللت ببطء من المطبخ وقد لمعت الدموع في عينيها, وأسرعتُ أجمع الحطام التناثر, وأنا أشعر بغضبي ينزاح عن صدري بعيداً, ليحل مكانه حنق على نفسي.. حاولتُ إسكاته دون جدوى ..
وعاودتُ الوقوف أمام الحوض أكمل تنظيف ما تبقى من الصحون, وفيما كنت أهم بوضع أحدها مكانه .. انزلق من بين أصابعي وهوى على بلاط المطبخ مدوياً بضجة جمعت أولادي كلهم حولي يستطلعون الخبر ..ورفعتُ رأسي لأفاجأ بوجه صغيرتي تحتله نظرات مستطلعة مشفقة وعاتبة ..
ولم أتمالك نفسي, فهويت نحوها أضمها وأقبلها.. همستْ وهي تبتسم : ماما .. أنتِ أيضاً كسرتِ الطبق .. أجبتها ضاحكة : أجل يا ابنتي .. حتى الكبار يفعلون ذلك .