الأرواح جنود مجندة

ثناء محمد كامل أبوصالح

الأرواح جنود مجندة

ثناء محمد كامل أبوصالح

[email protected]

قاطعتني طالبتي : معلمة .. سؤال, أشرتُ إليها بالصبر وأنا أتابع الشرح, لكنها كانت تخشى أن أنتقل إلى فكرة جديدة, وأتركها في حيرتها دون جواب, فعادت تلح : معلمة .. أرجوكِ عندي سؤال

توقفتُ عن الشرح وقلت لها مداعبة : تفضلي .. ولكن لو كان السؤال لا يتعلق بالدرس .. فياويلك.. ورفعتُ إصبعي مهددة, لمعت عيناها ببريق سرور خفي وقالت دون تردد :

- قلتِ أن المؤمن يجي أن يحب أخاه المؤمن.. فهل يحاسبني الله إذا لم أحب إحدى زميلاتي مثلاً ؟

سألتها : ولم لا تحبينها ؟ هل آذتك في شيء ؟

أجابت بسرعة : لا..لا لم تؤذني ولكني لا أحبها .. هكذا ..

أحسستُ بالحرج لحظة, ولكني أدركتُ صدقها وحيرتها فقلت : لابد من سبب يدفعك لكرهها
أجابت موضحة : لا يا معلمة أنا لا أكرهها ولكني أيضاً لا أحبها.. وتابعتْ وقد أطل الاستعطاف من عينيها : بصراحة يا معلمة .. أشعر بها ثقيلة على نفسي.

غالبتُ الضحك بصعوبة وقلتُ بنبرة جادة : اسمعي يا رائدة, لقد أوصانا الله سبحانه بمحبة بعضنا بعضاً, وكذلك نبيه عليه الصلاة والسلام, ولكن هناك حديث آخر يقول :/ الأرواح جنود مجندة, ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف/ وهذا يعني أنه لو تشابهت طباعكما لتآلفتما, أما لو اختلفت وتنافرت فمن الطبيعي ألا تتصاحبا .

هتفتْ والارتياح باد على محياها : يعني خلاص ؟.. لن يحاسبني الله إذا لم أحبها ؟

قلت : أجل ولكن بشرط..

بدا القلق في العينين اللامعتين وهمستْ بقلق : وما هذا الشرط ؟

قلت : ألا تسيئي معاملتها, أو تظهري لها نفورك منها, أو تظلميها في أمر ما, أو تمنعي عنها عونك إذا احتاجته .

صمتت قليلاً تفكر ثم صاحت محتجة : ولكن هذا مستحيل ..

ابتسمتُ قائلة : ومن قال إنه مستحيل ؟ انتبهي إلي ..أنتن مثلاً طالباتي جميعاً, ترى هل أحبكن بنفس القدر ؟

وتعالت الأصوات : نعم .. أجل ..وعلا صوت رائدة من بينها : بالتأكيد يا معلمة ..

قلت : وكيف حكمت على ذلك ؟ كيف عرفت أني أحبكن بنفس القدر؟ هل تعرفين ما بقلبي ؟

بدا الارتباك قليلاً عليها .. فاندفعت نوف تقول : ولكنك تحبيننا ..نحن جميعاً نشعر أنك تحبيننا.

قلت مؤكدة: هذا صحيح لأني أحاول إظهاره بشكل متساو لكن جميعاً, ولكن الحقيقة ..

وسكتُّ أرقب النظرات المتسائلة ..ثم تابعت بابتسامة : الحقيقة أنه لا بد أن يميل قلبي إلى بعضكن أكثر من البعض الآخر.

وتعالى الاحتجاج .. فأكملتُ : ولكنكن لم تلاحظن ذلك.. وإلا من تستطيع منكن إخباري بمن أحب أكثر ؟؟ هيا ..

وصمتن جميعاً متحيرات .. فقلت موضحة : يا بناتي.. المهم ألا أميز في معاملتي واحدة دون الأخرى, فالمعاملة هي ما يحاسبني ربي عليه, أما الحب ..فلا, ما دمت لم أظهر لإحداكن نفوري منها يوماً ما .

هتفت رائدة وقد علا الارتياح ملامحها : آه .. الآن فقط فهمت, وأعدك يا معلمتي أني لن أظهر لها نفوري منها قط .. فقط لن أحبها, لأني لا أستطيع ذلك, وكما قلتِ .. آآه .. ما الحديث يامعلمة ؟.