حكايتي مع الشيطان

حكايتي مع الشيطان

مجدي الرسام / بغداد

[email protected]

  كتبت لي أحدى الزميلات وقد أعطتني كتاب مذكراتها لعمل بعض اللوحات على ضوء ما تكتبه من نثر او شعر ، وتركت لي صفحة بيضاء لأدون فيها ملاحظاتي حول ماقرأته في مذكراتها ....وحينما وصلت الصفحة ما قبل الأخيرة وجدت هذه الصفحة خاصة بيّ :

   كنت أبحث في الانترنت عن موضوع ختان البنات لغرض البحث والتعليق وكتابة موضوع لنشره في الصحيفة اليومية التي اعمل بها . وبعد أيام قليلة رن هاتفي برقم غريب فسارعت للرد لأنني كنت انتظر اتصالاً هاتفيا من أختي في السويد بعد أن أخبرتني عبر بريدي الالكتروني بتغيير هاتفها الشخصي .. لكن كان رقم الهاتف من الداخل . رفعت السماعة وقد كان صوت لشاب ...كان ينوي أن يتعرف عليّ بعد أن أخبرني بإعجابه الشديد بمقالاتي وما اكتبه من شعر ونثر في المواقع الأدبية ؟ رحبت به وشكرته كأخ وزميل وصديق . كان يتصل بيّ كل ثلاثة أيام وينتظرني على الجات ليتلكم معي عن النشاطات الأدبية والشعرية ...!

تطورت علاقتي معه رغم أنني متزوجة وأم لطفلين . أما عن زوجي فكنت أخبره بكل شاردة وواردة وكان لا ينزعج من كلامي لأنه يمنحني الثقة وهذا ما جعلني اخبره حتى بالاتصالات الهاتفية ... كان يرد ( لا بأس مادام الأمر متعلق بعملك ... أنا لا أشك بشيء وشكرا لأخباري ) .

لم أرسل له صورتي ولم يرسل صورته حتى جعلني انتظر اتصالاته وقد أحسست برغبة السؤال عنه وقررت الاتصال

وكان شديد الأسف والاعتذار لأنه لم يتصل او لم يجلس على النت طوال أسبوع . كنا أصدقاء ولكنه بدأ يتلعثم بكلماته ويسمعني أشعاراً ويرسلها لي كمسجات  ؟

بعد سنة من علاقتنا الأخوية بدأ الاتجاه معاكساً . كان يتصل بيّ في منتصف الليل وكنت اضطر لجعل هاتفي صامتاً او مغلقاً وقد أخبرته عدة مرات عن ترك تلك الحالة التي تسبب لي المشاكل مع زوجي الذي يثق بي وانه ليس سوى صديق أعامله معاملة الزميل في المهنة او الأخ الصغير ..

قررت استبدال هاتفي برقم جديد وللأسف فقد فقدت اتصالات أختي من الخارج برقمي القديم .... وجعلني اكتب لأختي عبر النت لأخبرها هذه المرة أنا برقم هاتفي الجديد .

العجيب في الأمر أن رقم هاتفي الجديد لا يعلم به حتى زوجي وبعد أيام اتصل بيّ على رقمي الجديد واخبرني بعشقه الوقح وكلماته المتلعثمة الشديدة الحماقة . أخبرته إنني متزوجة ولي طفلين ... لكنه لم يأبه وكان يسمعني غنائه في منتصف الليل . أخبرت زوجي بالأمر وكثرت المشاكل بيننا وخاصة بعد أن أرسل لنا هذا الأحمق رسائل ومسجات غرامية لي ولهاتف زوجي يخبره بعشقه لي .... وقررنا الاتصال بالشرطة لمعرفة هوية هذا الشخص المبهم .... وبعد مراجعات عديدة للمحكمة لإصدار أمر إلقاء القبض عليه تبين أن رقم هاتفه غير معرف ...... شخص لا يمتلك مستمسكات او ما شابه ؟

ومضى شهر ونحن نتشاجر وزوجي حول تفاهات هذا الأحمق وما يتركه لنا من رسائل في النت والهاتف ...؟ وأخيراً اتصل وقال لي ( سأنتظرك في المكان الفلاني .... الا تودين معرفتي ورؤية  هذا العاشق الولهان ... اذن احفظي هذا العنوان لنتقابل ). سمع زوجي كلامه وقال لي ساخبر أخوتي بالامر وسننتظرك من بعيد لنعرف من هذا السخيف ) ذهبنا للمكان المحدد ومسكت بهاتفي لانتظر اتصاله ووقفت في مفترق طريق تحت شجرة كبيرة . اتصل بيّ وقال ها انذا ما أجمل قميصك وبنطالك ... قلت له أين أنتِ ؟

قال لي : أنا فوقك ....؟ في الشجرة .

قلت له : كيف لا أرى شيئاً ...!

قال لي : إذن انظري الى هذا الطريق ... هنالك صبي سيعبر الشارع وستكون هنالك حادثة بعد دقيقة ... سيموت اثنان من السابلة .

ضحكت باستهزاء وأغلقت الهاتف وهممت بالرجوع لزوجي وإخباره بان هذا الأحمق ليس سوى مراهق . لكن قبل أن اعبر الطريق حصل ما ذكر لي الغريب .

يا الهي ...أنا اكتب حقيقة وليس قصة .... يا الهي توفي اثنان من السابلة وعبر الشارع صبي صغير . اتصلت به عدة مرات ولكن هاتفه مغلق .... أسرعت لزوجي وأخوته لأخبرهم بالأمر ووقفنا متحيرين لا نعرف ماذا يحصل ومن هو ذلك الغريب .

بعد أيام من الحادثة اتصل بيّ هاتفياً وقال : اسمعي اليوم سأزورك في البيت .... أرجو أن لا تخبري زوجك بالأمر وإلا ستندمين .

أخبرت زوجي بالأمر ولا اعرف ماذا يريد هذا الغريب مني وأنا أمٌ وزوجة اعشق زوجي ولا أخونه .

انتظرنا حتى الساعة الواحدة ليلاً ..... عجباً انقطعت أسلاك الكهرباء التابعة لمنزلنا وتكسر زجاج المطبخ ..كنا مذعورين وخائفين وسط صراخ الأطفال وظلمة الليل الساكن وكأنه لا يسمعنا احد .....؟

ظهر أخيراً خلف ستائر الغرفة وكان ضخم الجثة وضوء أحمر مشتعل بين عينيه وكأنه من نار ... صعقت من هول ما رأيت ( كان رجل من الجن ) . لا اعرف كيف ...؟ ومتى ... وهل يمكن ... لا اعلم مع كل تلك التقنيات والانترنت والهاتف لم استطع السيطرة على أفكاري ...؟ حتى وجدت نفسي في المستشفى وبين جنبيّ أهلي وأخوة زوجي وأطفالي .

كان شيئاً غريباً لا يصدق ...! أما عن زوجي فقد اخبر الجميع بأنني في وعكة صحية وأن قدمي قد زلقت في الحمام وأصابني الإغماء على اثر الإصابة ... لقد تكتم عن الموضوع لأنه غير منطقي ويتنافى مع العقل ........والعِلم ... وقهقهة الطبيب ؟

أخذت الأيام والأشهر مني مأخذاً وصار يلاحقني في منامي مثل الكابوس ويتكلم معي في النهار في بيتي وبين زوجي وحتي في فراشي .... والانكى من ذلك انه لا يراه غيري وكان زوجي ينزعج عند رؤيته لي وأنا أتحدث معه وأتشاجر لا طرده عن اللعب مع أولادي .... كان يقول لي ( يجب ان نراجع الأطباء النفسيين ... او مراجع الدين والشريعة ) ...أنتِ مريضة وتهلوسين ..؟

ساءت حالتي وحطم زوجي الهاتف وجهاز الكومبيوتر وبدأنا نراجع الاطباء وعلماء الشريعة حتى وصلنا الى احد المشايخ في شمال العراق ليخرج هذا الشيطان من جسدي .

كان الشيخ يقرأ الآيات القرآنية ويضربني بشدة على ظهري وقدميّ ...كنت لا اشعر بشيء وأتألم من شدة الضربات وأصوات غريبة ..... ودموع زوجي  ووالدتي وهم ينظرون أليّ برحمة وعطف .....( أنا مريضة ) ؟ هم يقولون هذا .

لم يجد نفعاً ضرب الشيخ بعصاه السميكة تلك ولا قراءته للقران جل ذكره ... كانوا يخدرونني بالحقن وتعاطي الحبوب المنومة . لم يكن الدواء مهرباً لي منه لأنه في جسدي وفي منامي ... كان يخبرني بالصالح والطالح من الناس او الضيوف الذين يترددون على زيارتنا .

هنا توقفت صديقتي عن الكتابة ولم تذكر شيئاً سوى رسم علامات النهاية بمربعات ودوائر غير مستقرة ، وفي اسفل الورقة كانت مجموعة خطوط بألوان مختلفة ؟ ربما كانت لا تعرف ماذا تكتب أو أن مفعول دوائها قد حان .... وربما أوقفها زوجها عن الكتابة بعد تحطيم جهازها .

لكنني لا اعرف كيف اتصل بها لان جميع أرقام هواتفها مغلقة ...؟ عجزت عن رسم ما كتبته واكتفيت برسم وردة بيضاء فقط . وبعد أيام قررت الاتصال بإحدى صديقاتها ولكنني تفاجأت حينما سمعت من زميلتها وهي تخبرني بصوت خافت ( أن زميلتك قد أحرقت نفسها ..لكنها لم تمت ولا نعرف في أي مستشفى ترقد ؟ إن دارهم مقفلة ..لم ارها منذ أشهر ) .