المَرْحوم

مصطفى حمزة

[email protected]

ماتَ أبو سعيد في الخامسة والخمسين ، وترك ثروتَهُ الضّخمةَ التي ورثها عن أبيه تاجرِ الأخشاب . لم يتحقّق ما كانَ يُردّده - حتّى الخَفْقَةِ الأخيرةِ من قلبه- أمامَ لائِميهِ على بُخله الشـديد : " أبي عاشَ أكثر من اثنتين وثمانين سنة  ما أدراكم ، قـدْ أعيشُ مثلَهُ وأكثر ! من أين سأصـرف حينَها ؟ من جُيوبكم أنتم ؟!  " وما لبثتْ نِعَمُ الله أن سَطَعَتْ عَقِبَ وفاته على زوجته وَوَلَدَيْهِ الشّـابّينِ  وعلى بيتهم : فاشترى سعيد وأخوه محلاً تِجاريّاً في وسط المدينة ، وأحْيَتْ أم سعيد البيتَ العتيق وأثاثَهُ ، واختفتْ من البيت لأول مرة منذ ثلاثين سنة رائحةُ العُفونة !

لم يستغرب أحدٌ ممّنْ زارهم بعدَ ذلك أنّه لمْ يرَ ولو صورةً صغيرةً واحدةً مُعلّقةً على الجدار للمرحوم !