قيء محتويات
تبديل ذاتٍ بعرّابٍ، إذا كان ذلك من صلاحيّة صدى قد وصل الآن، هذا الذي كان قد تشكّل منذ حالة شراءٍ كادت أن تصنّف على أنّها واحدة من أقذر الملفّات التي رُصدت عن نفسه، وبقيت دون أرشفة. ليس لخجل من حدودٍ لم تلتقي بنتائج أزمنته، ذلك لا يعني أن ليس له مسح مفصّل عن بعض مفارقاته التي اغتُصِبت في تلك الإلزامية التي قتلته إلى حياة أخرى دون تهديد الآخر لم يكن يدرك مراسيم ذلك الحدث، أو أنه لم يكن يعترف بكلّ تلك الشكليّات. ليس هذا ما بدى وقت ملامسته، بل شملت ما يقلق الذي يملؤه، على حافّة زاوية حرجة منفتحة على ماهيّة ستحاول أن تنكر حضورها الخفي في تلك اللاإرادة، إلى ما لا يمكن أن يتصوّرها الشّاري وهو على عتبة عكسيّة الدّوافع. فهنا يجلس في جدالٍ مع الإنتحار ليحسب ما تبقّى لديه إن كان قد بقي منها أيّ شيء و الآن لا يعرف أيّ وحدة قياسٍ يستخدم، هو لا يفعل أيّ شيء، هو متوّهم فقط، وربّما هو في تمنّي أو في أثر ذاته، وربّما أنتم مَن تشغلونه، قد تكونون السّبب في كلّ ذلك. خوفي من أنّكم تحاولون ما فقدتّموه، هل اشتريتم أنفسكم يوماّ ؟... ليس هو، بل هي من تبحث عن تأكيدٍ لوجوده مرّة أخرى، آخر مرّة.
كنت تقف أحياناً وسط الطريق، وأحياناً تجلس على ذلك الدرج، وأيٌام أخرى كنت تبكي في ذلك الزقاق، حقيبتك المهترئة على ظهرك، لا تزال ممتلئة، تغنّي أوقاتاً وتكتب أوقاتاً أخرى، أنت كما أنت، لم تتغيّر، وجهك، قامتك وكلّ شيء فيك، أتذكّرك جيّداً، تشاجرت أكثر من مرّة مع ذلك الوغد صاحب الفرن، وتعاركت مع بائع الخضار وبائع الفواكه والصيدلاني والمتسوّل، وذلك الطبيب ومع سائقي سيارات الأجرة وبائع الحلوة والمحاميّ ومع الشرطيّ، مع كل أناس هذه المنطقة وربّما مع كلّ مَن فكّرت به، رأيتك كثيراً، أعرفك جيّداً، أنا أسكن في نفس المكان، أسير في نفس الطرق، في نفس الوقت ونفس الأيام، لكن ومنذ زمن بعيدٍ لم أعد أراك، أين أنت، ماذا حلّ بك، هل انتقلت من هنا؟ أنا وحيدٌ، أنا أيضاً أريد الذهاب من هنا، هلّا أخذتني معك؟ شكراً لأنّك قبلت ذلك، هل تركت ظلك في البيت يا صاحبي؟ لا تحزن، لا عليك، في الليل سأعطيك واحداً إن كان قد هرب من البيت أو إن كان قد سُلب منك، في الليل وبالتحديد في هذه النقطة أملك أكثر من واحد، أنا متعدّد الظلال.أعتبرك مَلك كلّ هؤلاء، إنّهم لا يستحقّون، إنّهم لا يملكون إلا التناسي، دعني أهمس لك ما قلته في داخلي لأصاحب الأعمال أغلبهم يأكلون الفقراء اليوم...
هذا...
حقير، غبي، متخلّف، وسخ، لا تحبّه السّماء... إنه فقير.
ذاك...
أحقر، أغبى، أكثر تخلّفاً، أوسخ، يحبّ السّماء كما نفسه... إنه غني.
وأنت...
الغني الفقير ( الغير غني والغير فقير )... الأغبى على الإطلاق، إنّه مسخ.
ليست هذاءً، مهما كانت متأذية في الوصف بهذه الكلمات المتناثرة، كما ملاحقة أثر أحدٍ من الرّحم إلى الرّحم، هذه جرعة للإفصاح عن خللٍ في عمق مهمّة يركلها برأسه والآخرون يركلونه بأرجلهم، لا يعني أنها تشبه لعبة كرة القدم، فإنّها دون شكّ تعكس بنية ما، على الأرجح فوضويّة وبالتأكيد غير مجرّدة. وإنّ اندماج المؤثّرات السلوكيّة الغير محسوبة مع التفاعلات البديهيّة، والأكثر تلاؤماً فيما بينها، لا تنتظر فقط لاستجرار واستقدام ملخّص عن ثقافة كاملة، وإنّما لمجال مركّزعلى ما بعد التفكير. فليس ذلك إلا ما يشبه عند حدوث انشقاقٍ لخطوط الشخصيّة الدقيقة والمتسابقة مع الإنزلاقات النفسيّة بشكل إحاطةٍ عامّة كدوران مغزلي، رغم ثبات مسارها، فيضعضعها سريان الزمن دون رأي يُذكر، ليس تجاهلاً. بيد أنّ ذلك لا يعني أن تتوّج بنهاية ما لوحدها، أو أن تستطيع اعتزال فرضٍ ما، مثلاً... لا يمكن هذا، حتّى وإن تمّ الحصول على هيئة أخرى ومعدّلة، لما قد أعرّفه مستقبلاً ب المنسوب النفسي.
لا تستأذن لإلقاء خطاب للذين سيأتون، لا تخاطب من الموت، لن يسألوا عنك لكنهم لن يصمتوا لأجلك في غيابك.
هذه إحدى الحكايات التي يستنفر فيها الزمن، هو المنوال، ليس فحسب، بل يطغى على كلّ شيءٍ، ليس من نافذةٍ لا يستطيع طفل أن ينظر من خلالها له الكثير من المحاولات لبلوغها أملاً في صراخٍ طويلٍ، لأجل نفسه فقط، وماذا لو بادرنا بنشر توصيّةٍ كي نشمل إصلاحاً أعمق، فنعتمد أسساً تتفكّك في تمزّق أوّل أغشية، فنتشبّه بالمقامرين في التصنيف والأولويّات؛ ليس بالضرورة أن يكون الطفل بريئاً، هناك الكاذب والمخادع والظالم والقاتل والغبيّ والشّاذ... هناك من يجب أن يُسجن أو يؤخذ إلى مراكز الأمراض النفسيّة من الآن، هناك من يجب أن يُنفى وهناك من يجب أن يُعدم من الآن، إذاً هناك الجيدون بذواتهم، وهنالك السيّئون، فليس بالضرورة أن تنقص قيمة الحوادث حين لا تصبح!! يبقى الزّمن عائماً رغم ما تصبو أليه كلّ الأفعال، وبذلك تبقى القضيّة جانبيّة على الرّغم من أهمّيتها، تعقيداتها وأجَلها الذي يقترب ويقترب، الوحدة النفسيّة جليّة دون تحديد، فهناك لانهايات مجزّأة وغير موضّحة تسبقها... الخلاف في كونك أحد التفاصيل، وأنا أريدك بشدّة، قد لا تبقى حين أسقطك في آخر دمعة!!.
الفرصة في مواجهةٍ آنيّةٍ لبعدٍ جديدٍ من نفسك، الألوهيّة الغير معلنة، استملاك المفاجآت، المقادير الدقيقة لموتٍ متكامل.
الإستياء المتقصّد بدافع التطمين المؤقّت ينحصر في قبول إيجاز حجّة تسويفٍ يمكّن للرجوع من حمل وسيلة مقبولة، وإلى حماية تسلسلٍ معقول في اكتساب فكرةٍ عدوانيّة مقيّدة ومنطوية، أخرى، تدار في منطق مقزّز لعنادٍ شخصيّ في نيل ما سيوقع الحالة في تذبذبٍ اضطراري. فطام الطفل أوّل إجرام نفسيّ حقيقي للإنسانيّة، وأقوى الأسباب في تشكيل صيغة هجينيّة إرغاميّة غير سويّة... دون حل.
أعلم بغرابة نفسي، قبحٌ خالص، كأنني أتوحّد معك في الخيال، تركت أعمالاً كثيرة، والآن أترك نفسي للرحيل معك، خذني إلى حيث كنت، أو لأماكن لم ترها أنت أيضاً، لن أخذلك، أرجوك...عندما رأيتك هذه المرّة قررت بأني يوماً ما سأستعمل طول هذه الأظافر لأسلخ وأقتلع وجهي، هل ستساعدني في ذلك، هل خلعت ظلّك عن نفسك بهذه الطريقة؟.
أنا لا أنهي... هذا سرّ بيني وبينك!!!
وسوم: العدد 666