أبو السعد
يتنقل بسيارته الفخمة في شوارع القرية رافعا راسه بشموخ. تحيطه هالات الكبرياء التي ينثرها من خلال بسمته العريضة عبر كل من ينظر اليه.
انه يبطئ عندما يقترب من احدهم سائرا في الشارع خاصة ان كانت احدى نساء القرية التي تختبئ من خلف ملاية . كل همه ان يثبت لهؤلاء الفلاحين البسطاء انه موجودا .يستمتع بنظراتهم الثاقبة الى موكبه العظيم ويتلذذ بسماع كلمات الترحيب العالية الوتيرة لدرجة الصراخ والمصحوبة برفع الايادي.
يمر بالاستاذ علي ويوقف موكبه ليس لالقاء التحية على من كان يوما له استاذا ومربيا. بل ليبعث تلك الابتسامة الصفراء التي كانت تغيظ هذا الاستاذ. ابتسامة تذكر الاستاذ ان اغبى ولد في صفه كما كان ينعته, هو الان رجل الساعة واغنى اغنيائها.
كان رد الاستاذ على هذه البسمة :انا فاشل. ليس لاني افنيت عمري في التعليم والشهادات بل لاني لم احسن تربيتك.
تتحول هذه البسمة الى قهقهة تخترق ازقة القرية. وتجلجل في الفضاء. لكنها تختفي وتذوب على اعتاب ذلك الجبل القاطن بمحاذاة قريته التي تتواجد عليه مستعمرة (تصيون). هذا الجبل سر مسرة سعد ابو السعد. باعه وبثمنه اشترى سيارتة الفخمة وحصة في جهنم.
ابو السعد يملك هواية غريبة. يهوى شراء الاحذية بكثرة فتراه يوميا يسافر الى المدينة ويقف امام واجهات محلات الاحذية لينتقي منها ما يليق به. فتراه يمعن النظر بها من خلال الزجاج الذي يعكس وجهه كمرآة فيظن عابر السبيل إن نظر الى الزجاج ان وجه ابو السعد معروض من ضمن معروضات الواجهة .
وسوم: العدد 675