من حكايات الزمان الجميل

لا تصدق ما لايكون أن يكون 

صاد رجل عصفورة صغيرة ، فأخذ يقلبها بين يديه فرحا مسرورا حتى كاد يتلفها.عصرا وضغطا..

نظرت إليه خائفة راجية وسألته : ماذا تفعل بي ..

قال الرجل : أذبحك وأنتفك واشويك وآكلك ..

قالت العصفورة ، وقد كادت تذوب خوفا ، كل هذا الجهد ، ذبح ونتف وشي ، ودم وريش وتعب ، من أجل لقمة لا تسد جوعتك  ..!!

همهم الرجل ، لا يعرف بم يجيب ، وشد قبضته على العصفورة حتى كاد يخنقها في قبضته القوية  ..

قالت له العصفورة : اسمع ياهذا إذا أطلقتني .. لك عليّ أعلمك ثلاث كلمات مفيدات ، خير لك من لحمي الذي لا يشبع ولا يغني . أعلمك الأولى وأنا في يدك ، والثانية إذا صرت على الشجرة ، والثالثة إذا احتواني هذا الفضاء ..

قال الرجل لا بأس اتفقنا فهات الكلمة الأولى ، قالت له العصفورة : لا تأسفنّ على مافات ..!!

قال الرجل أحسنت ، وفتح كفه عن العصفورة ، فطارت ووقفت على الشجرة ، فقال الرجل هات الثانية ، قالت العصفورة : لا تصدق ما لايكون أن يكون . قال أحسنت .

قالوا وفتحت العصفورة جناحيها ، وارتفعت في الفضاء ، ثم قالت للرجل : ياغبي لوذبحتني لوجدت في حوصلتي درتين كل واحدة بمثقالين ..

ثم استدارت تتفرج على الرجل ، وهو يهرول ويولول ، ويلطم رأسه ويخمش وجهه ، ويشق جيبه ..

ثم قال الرجل للعصفورة وهو في نواحه : فهات كلمتك الثالثة ...

قالت العصفورة : أنت لم تنتفع بالكلمة الأولى ، ونسيت الكلمة الثانية فما تفعل بالثالثة ؟!

قلت لك : لا تاسفن على ما فات ، وها أنت تشوح وتنوح ..

قلت لك : لا تصدق ما لا يكون أن يكون ، وأنت ما أسرع ما صدقت ...

يا غبي : تصدق أن في حوصلتي درتين كل واحدة بمثقالين ، ولو وزنتي بلحمي وعظمي وريشي ما وزنت مثقالا ..

ثم حلقت في الفضاء

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 678