لله در الحسد

محمد محمود عبَّار

يروى أن رجلاً زاغت عينه، وضاق صدره، واعتلَّت نفسه مما رآه من نعم قد أغدق الله بها على جار قريب له.

وحار في أمره ماذا يفعل حتى يؤذي جاره؟ وعندما تغلغل الشيطان في داخله وركبه من ظاهره، فوسوس له بما يفعل، وأغواه بما يسعى وأضله إلى طريقة ناجعة بما يهوى، فأحدث له أن الحسد هو ضالته المنشودة فيما يرمي إليه. وكان لجاره هذا قطيع من الإبل، فحدثَّ نفسه بأن يحسد جاره على هذه الإبل فيؤدي بها إلى الهلاك.

وكان قد ترامى إلى مسامعه أن هناك رجلاً مشهوراً بمقدرته الخارقة في الحسد، فذهب إليه وعقد معه صفقة على هذا الفعل.

وجاء الرجلان إلى القرية يتربصان إبل الجار حتى تعود من غدوها، وجلسا ينتظران، وأما الرجل المشهور بالحسد فقد كان ضريراً يسمع ولا يرى، وبينما هما في ذلك فقد أطلت الإبل من بعيد.. فرآها الرجل الجار ولم يرها الحاسد الأعمى.

فقال الرجل الجار للحاسد:

- ها هي الإبل قد أقبلت.

فسأله الحاسد:

- وأين هي؟

فقال له:

- إنها هنا ك على مسافة بعيدة.

قال الحاسد الأعمى:

- وهل رأيتها عن بعد؟

قال الجار:

- نعم.

فقال الحاسد الأعمى:

- وكيف تراها وهي بعيدة.. يا إلهي ما أشد نظرك وما أقوى بصرك!

وعند ذلك وقع الضر على رأس الرجل الذي نوى الإضرار بجاره، فوقعت الغشاوة على عينيه وابتلي هو بالعمى.. فانقلب السحر على الساحر، وصدق في هذه القصة القول: لله در الحسد ما أعدله.. بدأ بصاحبه فقتله.

وسوم: العدد 678