الوصولي وذات الشعر الأبيض
قصة من واقع الحياة *
عدن المدينة التي لطالما توجعت وبقيت شامخة متفائلة ومتجددة ، هي مدينة الحب والجمال مميزة بكل ما فيها من تناقضات . نحييها صباحا ونحييها مساء ومع شروق كل صباح نقول صباح الخير يا عدن
تلك المدينة التي كانت ملتقى لكل الأجناس من كل الأطياف وكل الأعراق وكل الديانات جاؤوا من أماكن متفرقة
عاش الجميع في تلاحم أسطوري من المحبة والإخاء ليس لأحد ميزة أو أفضلية عاشوا في محبة ووئام
جاء حسن العزعزي من الشمال وحط رحالة في مدينة الشيخ عثمان أسوة بعدد كبير من الشماليين الذي استوطنوا عدن وصاروا جزاء منها
حسن عزعزي الذي صار اسمه فيما بعد الحاج حسن اشتغل في بداية أمره عامل ثم أصبح صاحب عمل مهني تجاري ومطعم (مخبازة) ، كان الرجل سخي كريم يساعد أبناء قريته القادمين من الشمال
عدن المدينة الحالمة الراقية أنها جوهرة المدن ونموذج حضاري الساكنون فيها ينعمون بالأمن والاستقرار . عمت السعادة لكل سكانها . الحاج حسن العزعزي رزقه الله بخمسه من الأولاد الذكور وبنت واحدة ، عاشت هذه الأسرة في غاية السعادة والرخاء والاستقرار .. ألا الحاج حسن كان يعيش في قلق مستمر بسبب ابنته الوحيدة فوزية لم تكن تحظى بجمال ويريد أن يطمئن على زواجها وهو على قيد الحياة.. كيف وهي ليست جميلة .
فكر.. وفكر ثم قرر فاتصل بأحد أقاربه في الشمال ان يرسل ابنه وسوف يصرف عليه ويدخله جميع المراحل الدراسية ويدخله في عمل مرموق ويزوجه ابنته
جاء الشاب وأعتبره الحاج حسن ابنه السادس وأسكنه عنده مع الأسرة . فوزية كانت سعادتها لا توصف بل فوق الوصف بزوج المستقبل .عاش الشاب ثمان سنوات حتى أكمل المرحلة الثانوية 0 قيل له سنعمل الزواج ولكنه طلب التأخير حتى يعمل ويكون له مردود مادي ، توسط له الحاج حسن في عمل حكومي . ظل يماطل في الزواج بحجج واهية بل كاذبة خمس سنوات .
تفاجئ الجميع بخبر زواجه من أخرى، نزل الخبر كالصاعقة على الجميع الحاج حسن أصابه مرض أقعده على الفراش . فوزية أصابتها حاله هستيرية وعصبية فقد تبخر حلمها وحبها الذي ظلت تحلم به عشره أعوام ونيف .. حلمت ببيت خاص وأسرة وأولاد ودفئ وحنان كأي امرأة من اقرنها من الحافة وزميلاتها في مدرسة بلقيس التي كانت تدرس فيها . تبخرت الآمال وصارت الأحلام أوهام ضائعة . والعمر تعدى أي أحلام مستقبلية فهاهي الشعيرات البيضاء بدأت تغزو الشعر الأسود المجعد وتزداد يوما بعد يوم والأمل يتبخر ويبحر رويدا رويدا -
هاهو عبر الأفق يكاد يختفي ذلك الشعر الأسود .
ما أسوأ هؤلاء القوم الوصوليين والانتهازيين الذين يسعون لتحقيق مصالحهم على حساب الآخرين باستخدام الوسائل القذرة المنحطة والدنيئة أنهم يعانون مرض فتاك من أخطر الأمراض التي تدمر المجتمعات بل والشعوب
فهذا المرض ليس مقتصرا على الأفراد بل عم وطم العامة والخاصة.. فمعظم من امتهنوا السياسة فهم مصابون بهذا المرض اللعين . فقد ارتقوا مرتقا صعبا أكبر من حجمهم وأكبر من فهمهم فبدلا من أن يخدموا الشعوب جعلوا الشعوب في خدمتهم
~ ~ ~ ~
قصة من واقع الحياة
أعرف بعض أبطالها وقد استخدمت تغيرات في الأسماء والوقائع حتى لا يعرف أصحاب القصة . وحسن العزعزي صديق عزيز وزميل دراسة ولنا ذكريات لا تنسى
أسال الله انه بخير وسلامة من تلك الأحدث التي طالت الوطن
وانقطعت أخباره عني لبعدي عن الوطن.
وسوم: العدد 679