مشورة عائلية

د. أحمد محمد كنعان

جاري في الحارة "أبو عدنان" يقيم مع زوجته وابنتهما الوحيدة " سعاد" التي تعمل معلمة في مدرسة ابتدائية وقد تعود جاري أن يعرض عليّ بعض المشاكل التي تعترضه في حياته البيتية وكأنني مستشار في حل المشاكل العائلية 

أمس جاءني أبو عدنان مساء فوجدته عصبياً يبربر بينه وبين نفسه بكلمات غير مفهومة، طلبت منه الهدوء ودعوته للدخول وطلبت من زوجتي فنجانين من القهوة ودخلت به غرفة مكتبي وأغلقت الباب علينا لكي أشعره أننا على انفراد فيفضي لي بما لديه بحرية، فجلس وقبل أن أسأله بادرني قائلاً :

-يا جار هذه المَرَه ( يعني زوجته) طيرت برج من مخي بأفعالها، كرمالله شف لي تصريفة معها!!

قلت : خير يا جار!؟ ما المشكلة ؟! قل لي حتى أستطيع مساعدتك

فزفر زفرة طويلة خرجت من أعماق روحه وقال :

-أختك أم عدنان كلما جاءنا عرسان يخطبون البنت طفشتهم

قلت :

-غريب ! لكن لماذا ؟!

قال :

-تقول إن البنت تملأ علينا حياتنا وتسلينا ، وإذا تزوجت فرغ علينا البيت !!

فابتسمتُ لتلطيف الجو وأخفف عن ضيفي ما يحسه من قلق وقلت :

-يا صاحبي مشكلتك بسيطة جداً وحلها أبسط بكثير 

فأقبل عليّ باهتمام وهتف قائلاً :

-هيا.. هيا.. ماهو الحل ؟ إيدي بزنارك ( مثل شامي يقال في الشخص يطلب النجدة من آخر )

فابتسمت وقدمت له فنجان القهوة وقلت :

-يا صاحبي ، الحل أن تجلس مع زوجتك جلسة صفا وتقول لها لا تقلقي لن أدع البيت يفرغ عليك ، سآتيك بثلاث ضرائر كما يأمر الشرع ، فيملأن عليك البيت ويسلينك كل ساعة بفيلم جديد لم تري مثله في حياتك 

فانفجر جاري بالضحك حتى كاد الفنجان يسقط من يده !

وظننت أن الحل لم يعجب جاري ، لكني كنت مخطئاً فلم تمض ساعة على مغادرته حتى سمعت صوت سيارة الإسعاف في الحارة ، فقمت إلى النافذة فرأيت السيارة تقف عند بيت جاري ، ورأيتهم يحملونه على النقالة إلى داخل السيارة التي انطلقت به إلى المستشفى ، فأيقنت أنه أخبر زوجته عن نيته بتطبيق مشورتي بحذافيرها ، فبدأ الفيلم الأول بينه وبين زوجته !!

وسوم: العدد 681