هدمنا مسجدنا بمعاولنا!

حدثت هذه القصة في احدى القرى وهي حقيقة. وتجسد واقعنا المرير.

دعت مخابرات الإحتلال امام احد المساجد واعلمته بصدور امر هدم مسجدا في قريته, من اجل شق طريق يؤدي الى مستعمرة. 

رفض الامام بشدة هذا الأمر الجائر. لكنه سرعان ما تحولت شدته الى ليونة ثم موافقة بعد ان أغروه بالأموال.

ليس هذا فقط, بل اقترح على المحتلين طريقة سهلة لهدم هذا المسجد. لا تكلفهم عناءا ولا مواجهات مع القرويين.

قال لهم: يا سادة...

لو أرسلتم قواتكم وعتادكم لتنفيذ الهدم, ستسببون بمواجهات عنيفة في تنفيذ القرار.

لذلك اقترح عليكم ان تتبنوا خطتي فانا شيخ هذه القرية واعلم ما يدور في اروقتها.

كانت خطة هذا الشيخ الشيطانية هو زرع كنز في احد مواقع القرية. ثم يعلن في احدى جلساته, انه رآى في المنام ان هذا الموقع يحوي في باطنه على كنز.

تناقل القرويون هذه المعلومة, واخذوا يشدون الرحال الى بيت الشيخ كي يستنبطوا اي معلومة تقودهم الى الكنز مباشرة. وكان الشيخ سخيا في سكب المعلومات عليهم. حتى أشغل كل من قطن القرية في حفر تراب الموقع.

مرّ اسبوع على القرية المنهمكة نهارا في البحث تحت اشراف وتوجيه شيخها. وفي الليل كانوا يتبادلون الحكايا والخراريف عن تاريخ هذا الموقع وعن مصدر الكنز وتاركه.

واخيرا تم العثور على الكنز وحظي به من وجده. لكن الفوز الأكبر كان من نصيب الشيخ والذي علاوة على انه صدق الرؤيا, حظي بنصف الكنز من ملاقيه.

ثم اعاد الشيخ الكرة في مواقع أخر عدة مرات. حتى ايقن القرويون وأجمعوا بعد ان ذاع صيته في كل القرى المجاورة والبعيدة. انه شيخ مبارك. لما خصه الله من قدرة الاحلام في الابلاغ عن مواقع الكنوز.

هنا وبعد ان رفع الشيخ الشيطاني من مقامه بين القرويين. جاء الحلم الأكبر. حلم هدم المسجد.

همس الشيخ في اذن اكبر واشٍ في القرية قائلا: يا ابا فلان... اريدك على انفراد في موضوع مهم.

اتخذوا لهم مجلسا منفردا في احدى زوايا المسجد. وسرد الشيخ على مسمع (الواشي) حلما غريبا عن كنز جديدٍ, كبيرٍ وموزعٍ تحت اعمدة المسجد. وانه يخاف إن أعلن عنه سيهرع القرويون الى هدم المسجد.

وما ان حل صباح تلك الليلة, حتى تناقل القرويون الخبر وخاصة ان ( الواشي) اقسم لهم ان الشيخ اخبره بذلك وانه لا يريد ان يسبب هدم المسجد فيما لو اطلعهم عليه.

هنا انطلقت شرارة النقاش حول المسجد. الذي بعد ان احتدم, خرجوا القرويون بنتيجة ان هذا المسجد القديم آيل للسقوط. ومن الأفضل ان يتم هدمه سريعا, وبناء آخر بمواصفات حديثة ومواد جديدة.

وهنالك من لم يطق ذرعا بالنقاش. فأسرع الى الحفر في ارجاء المسجد بحثا عن الكنز. ومع توجيه سريع من الشيخ تم له العثور على كنز من الكنوز المخبأة تحت عامودٍ. فانهمر القرويون الى المسجد بعد سماع خبر العثور على كنز من الكنوز. وما هي الا سويعات كان فيها المسجد مساوٍ للارض. 

على مسافة من المسجد كان يقف رجل المخابرات الاستعماري. يضرب بعصاه كف يده اليسرى ضربا خفيفا ويطلق بسمة في اتجاه الشيخ الشيطاني. ثم لف بجسمه واعتلى سيارة الجيب العسكرية هو ومعاونيه مغادرا ارض القرية.

في اليوم التالي صدر بيان عسكري تداولته كل وسائل الاعلام . يأسف فيه الحاكم العسكري لما حدث للمسجد من دمار شامل على ايدي الارهابيين المسلمين. وانه سيتم بناء مسجدا جديدا على نفقة الحكومة غير هذا المسجد.

فرح القرويون بالكنوز التي عثروا عليها. كما وهللوا للحاكم العسكري على تبرعه لبناء مسجد. وخرج الشيخ بلقب (الشيخ المبارك). وتم فتح الطريق الى المستوطنة.

وما زالت امتنا حالها حال القرويين. ينفذون ما خطط لهم الإستعمار. حتى اضحت الخيانة وجة نظر. يتبناها مشايخنا ويصدقها عقلاؤنا.

وسوم: العدد 682