حذاري من تجاهل الأب .. حتى لا تندم
انتشرت في الآونة الاخيرة مقاطع يصنفها الغالبية على أنها دعوية وتوعوية حول بر الأم وابراز فضلها والمسارعة لرضاها وتقبيل يدها ورأسها وقدميها .. وهذا أمر في غاية الأهمية للأم وليس هناك عاقل ينكر ذلك أو يرفض الحث عليه .. ولكن ما لا يعلمه الكثير أن هذه الحملة التي خُصصت محتواها للأم فقط قد اساءت للأب بغير قصد من حيث البر به ووضعه في دائرة الأهتمام ..
فهدى الله كل من يمنتج مقاطع تحث على بر الام متجاهل الأب رغم ان الله ذكرهما في كتابه العزيز سواء .. فقال جل جلاله :
وقل ربِ ارحمهما كما ربياني صغيرا
وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاح الذُّلّ مِنْ الرَّحْمَة وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا
وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ
وكذلك في السنة نجدهم في قول النبي صَل الله عليه وسلم " رغم أنف، ثم رغم أنف ، ثم رغم أنف من أدرك أبويه عند الكبر أحدُهما أو كلاهما فلم يدخل الجنة "
وقال عليه الصلاة والسلام " الوالد أوسط أبواب الجنة ، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه " وهنا الوالد يشمل الأب والأم وجعل الله أفضل واخير أبواب الجنة الثمانية لهما ..
حتى أن النبي صَل الله عليه وسلم ذكر بر الوالدين ثاني أحب الأعمال إلى الله بعد الصلاة ولَم يقل الوالدة فقط .. فهل نرفع أحب العمل لله ببر طرف دون الآخر ونرجو منه القبول !!
ونتيجة لهذا التخصيص في حملة بر الأم لا تستغربوا عندما تشاهدوا مقاطع أو صور من عقوق الآبناء للوالد .. فقد تربى الابناء على بر الوالدة وتعظيمها وتجاهل الأب وكأنه غريب ليس له قيمة عظيمة في الاسرة .
بل أن هناك من يتفنن في اخراج صور لعبارات بر الأم والدعاء لها ويأتي من تغلب عليه العاطفة ليضعها حتى في " بروفايل " حساباته بوسائل التواصل الاجتماعي ليرى الآخرين مدى حبه وبره بأمه ..
طيب وهذا الأب الذي ذاق مرارة الحياة وتعبها وأخذت ما أخذت من صحته حتى يوفر للجميع سبل عيش هاني وكريم .. ألا يستحق أن نصمم له الصور ونمنتج له المقاطع ليأخذ جزء من حقه على الابناء ؟
ألا يعلم الابناء أن الأب هو أول من تهاجمه الآمراض وتثقل كاهله فيسقط إما عاجزًا يمله المقربين أو يموت .. وهذا يكون نتيجة ماقدمه من جهود وتضحيات خلال شبابه في معترك الحياة من أجل الاسرة .
قد نجد مؤشر الحنان الذي يشعر به الآبناء من الأم يغلب على حنان الأب وهذا الأمر طبيعي جدا لأن قسوة الحياة وصعوبة تأمين لقمة العيش لها تأثير في شخصية الأب .. ورغم ذلك لا نعرف قيمة الملح إلا عندما نفقده ولا قيمة الأب إلا بعد موته ..
اللهم أرحم والدينا الآحياء منهم والأموات واغفر لهم وأرض عنهم رضاً تحل به عليهم جوامع رضوانك وتحلهم به دار كرامتك وأمانتك ومواطن عفوك ورضوانك وأدر به عليهم لطائف برك وإحسانك .
وسوم: العدد 765