قضاة اليوم إلي أين؟

خليل الجبالي

مستشار بالتحكيم الدولي

[email protected]

هل يوجد حقاً قضاة حق ... وقضاة ظلم؟

هل قضاة اليوم كما قال عنهم سعيد بن سويد في إحدى خطبه بحمص: ) أيها الناس إن للإسلام حائطاً منيعاً وباباً وثيقاً ، فحائطه الحق وبابه العدل ، ولا يزال الإسلام منيعاً ما اشتد السلطان، وليس شدة السلطان قتلاً بالسيف ولا ضرباً بالسوط ، ولكن قضاءٌ بالحق (.

فما الدافع لأن يصدر قاضي حكماً بإعدام 529 دون سماع أقوالهم ، أو سماع شهادة الشهود؟.

لماذا ماتت قلوب قضاة اليوم حتي صاروا ظلمة وهم يعلمون أنهم بذلك من أهل النار؟

هل يبيع قضاة اليوم ضمائرهم بدراهم معدودة؟

أم تشتري أنفسهم بثمن بخس في أسواق الظلمة؟

ألا يعد حكم قضاة اليوم بالإعدام علي 529 عملاً إرهابياً يجب التصدي له دولياً؟

وهل عميت أنظار العالم عما يحدث من تلك المجازر القضائية في مصر؟

أحكام 17 عاما علي طلبة الأزهر  و 11 عاما علي فتيات قاصيرات، وحكم بالإعدام علي طالب الطب بتهمة التظاهر ، وحكم بالإعدام علي 529 بتهمة الشروع في قتل ضابط وغيرها من الأحكام ... لم تلفت نظر دعاة الحرية ورافعي علامات الديمقراطية في بلادهم ليقولوا للظلمة كفوا عن ظلمكم؟

إن عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما كتب إلي القاضي عبدالله بن قيس يقول له : ) سلام عليك ، أما بعد فإن القضاء فريضة محكمة وسنة متبعة فافهم إذا أدلي إليك ، وأنفذ إذا تبين لك، ولا تيئس ضعيف من عدلك ، ولا يمنعك قضاءٌ قضيته اليوم  فراجعت فيه عقلك ، وهديت فيه لرشدك أن ترجع إلى الحق ، فمراجعة الحق خير من التمادي في الباطل(.

فأين قضاة اليوم من تلك العبارات... وإلي أين هم ذاهبون؟

إن الأمال كانت معقودة عليهم ، ليقولوا كلمة الحق ، فينصروا بها الضعيف، ويردوا بها الحق إلي أصحابه، بل يردوا الظالم عن ظلمه، لا أن يكونوا أداة ظلم حتي جعلوا القضاء أضحوكة علي ألسنة الجميع.

أيها الظالمون إن ظلمكم يزيد المؤمنين تقرباً إلي الله وطاعةً هم أجوح إليها ، فرب مصيبة حلت بالمسلم يتعبَّد بسببها عبادات ما كان ليُوفـَّق إليها لولا تلك المصيبة؛ فتنقلب في حقه نعمة قبل أن تكون نقمة.

وأقولها كلمة للذين يتألمون من ظلم الظالمين: لا عليكم فألم ساعة في سبيل الله يهون ويضعف ولن تنالوا بعده إلا الجنة التي بشر بها رسول الله صل الله عليه وسلم عمار بن ياسر في لحظات كان الكفار يعذبونه فيها فيمر عليه ويقول لهم صبراً آل ياسر إن موعدكم الجنة.

يامن ظـُلمتم في سبيل دعوتكم ، وحُبستم بغير ذنب ولا جريرة لا تهنوا ولا تتألموا فإنكم ترجون من الله الخير بإبتلاءكم سبيله، إنكم ترجون تكفير الذنوب ومحي الخطايا، ورضوان الله والجنة ...الجنة

(وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً) (النساء:104).

(واللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ ولَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (21)سورة يوسف.