حول تصريح وزير الاستخبارات الصهيوني : "نسعى لكسب التأييد الأمريكي لضم الجولان"

الجولان الأرض العربية المحتلة منذ 1967 هي الشاهد الحي على خيانة وعمالة الأسد وفصيله على مستوى العالم العربي .

ولقد كانت حرب السابعة والستين بحقيقتها التاريخية تراجيديا مدبرة جُرت إليها الأمة العربية بأقطارها الثلاثة مصر وسورية والأردن ، وكان حافظ الأسد وزير الدفاع السوري يومها هو الذراع الصهيوني المباشر المحرك للمشهد في الصف العربي.

لن ينسى التاريخ ولا المؤرخون  تصريحات وزير الدفاع الخائن حافظ الأسد  لجريدة الثورة البعثية ، قبل الحرب بعشرة أيام تقريبا ( ننتظر وأيدينا على الزناد قرار القيادة السياسية لنلقي بالعدو الصهيوني في البحر ..) ولن ينسى سوري واع  قصة البلاغ 66 عنوان الخيانة البواح ، الذي سبق إلى إعلان سقوط القنيطرة ، قبل وصول صهيوني واحد إليها  ..

سقط الجولان في خمسة أيام ،  ثم أصبح " تحرير الجولان " المغتصب بإنسانه وترابه ومائه ذريعة لكل ما ارتكب بعد هذه الخيانة من خيانات ، وما حدث بعد هذه الجريمة من جرائم ، على مدى خمسين عاما.

وكان أخطر من انكسار الجيش العربي في الأقطار الثلاثة ، وضياع الأرض ، ما أثمرته الهزيمة المنكرة المدبرة من تحول استراتيجي في موقف المنظومة العربية كافة ، فقبل الهزيمة الجريمة كانت الأمة تسعى ، ولو ظاهرا ، لمواجهة تحدي ( النكبة ) وبعد الجريمة المدبرة استسلمت المنظومة العربية لواقع النكبة ، وسلمت بها ؛  ليتشاغل الجميع بالحديث عن ( النكسة ) تحت عناوين مموهة مثل ( غسل آثار العدوان ) أو(الأرض مقابل السلام ) أو ( السلام العادل والدائم ) .

أكثر من أربعة عقود والشعب السوري مستذل مستعبد مستباح تحت عنوان ( لا صوت يعلو على صوت المعركة ) .

 ومن شعارات (الصمود والتصدي ) و إعادة بناء ( التوازن الاستراتيجي ) إلى شعار ( الأرض مقابل السلام ) إلى عنوان (المقاومة والممانعة) ، مرّ خمسون عاما والجولان ما زال أسيرا، ولم تشهد الساحة السورية منذ ذلك اليوم أي مشروع وطني جاد لتحرير الجولان ، بل كان ما جرى في الثالثة والسبعين مسرحية أخرى لخسارة المزيد من الأرض ، وفتح المزيد من المخيمات فبعد (اللاجئين )/ 1948 ، و(النازحين) 1967 ، استقبل الشعب السوري أفواج ( الوافدين ) 1973 ، حيث خسر بطل الصمود والتصدي عشرات القرى العربية تكريسا للهزيمة في نفوس الأجيال .

يتساءل كل السوريين اليوم : لو دافع حافظ وبشار الأسد عن الجولان بنفس الحمية التي يدافعان بها عن كرسي سلطتهم ، هل كان سيسقط الجولان ؟! سؤال مفتوح لأصحاب العقول والقلوب ..

ومنذ اتفاقية ( فصل القوات ) سنة 1974 دخل الجولان الإقليم السوري المحتل / 1200 / كم ، في مرحلة سبات واستسلام . استقر فيه العدو الغاصب ، دون أن يكلفه نظام المقاومة والممانعة أن يدفع حتى ثمن فاتورة مائه العذب النمير !!

وكان العدو الصهيوني قد سبق في 1981 إلى إعلان ضم الجولان من طرف واحد ، لجعل هذه الأرض العربية بؤرة للاستيطان ، وبالتالي لسلخ سكانها العرب من هويتهم ، وترك للزمن أن ينضج هذا المشروع الخبيث وساعده على ذلك كما في البداية والوسط والنهاية نظام الزمرة الأسدية الضالعة في الجريمة ، والمستثمرة فيها .

واليوم ، وقد حولت العصابة الأسدية المجرمة سورية إلى ساحة حرب دولية وإقليمية ، وأجلب عليها بشار الأسد وزمرته الروس والأمريكيين والصفويين الإيرانيين والهزارة والعراقيين واللبنانيين ،  يطلع علينا وزير الاستخبارات الصهيوني يسرائيل كاتس ليخبرنا أن كيانه ، يضع على أجندة الكونغرس الأمريكي والإدارة الأمريكية مشروع قرار لاعتراف أمريكي بضم الجولان  إلى الكيان الصهيوني الغاصب ، وسلخه عن الجغرافيا والديموغرافيا السورية  افي إطار ما يسميه  تسويات الفسيفساء السوري القادم وحسبما يتفاوض عليه الأسد وحلفاؤه ..مع داعميه الدوليين .

- فماذا يمكن أن ينتظر السوريون الشرفاء من ترامب وإدارته بعد إقدامه على الجريمة المنكرة بحق القدس وبيت المقدس ؟!

- وماذا يمكن أن ينتظر السوريون من بشار الأسد وفصيله وزمرته وهم الذين ارتكبوا الجريمة ومارسوا الخيانة على مدى نصف قرن، وهم الذين دمروا في سورية إنسانها وعمرانها سعيا إلى المجتمع ( المتجانس !!) . ولعل المعنى الذي لم يدركه البعض في مفهوم ( المجتمع التجانس) أن يكون قابلا لزرع الكيان الغاصب على مدرجته الزمنية من الفرات إلى النيل ..

- وماذا يمكن أن ينتظر السوريون من مشروع الولي الفقيه الصفوي الطائفي المؤسس تحت مظلة ( إيران غيت ) ؟! ( إيران غيت ) لم تكن صفقة عابرة ، ولم تكن جريمة محدودة ، ولا خيانة ظرفية ، بل كانت جسرا لدور وظيفي نُفذ  تحت شعار سياسي خداع 

( الموت لأمريكا الموت لإسرائيل ) ، فدمر العراق وهو في طريقه لتدمير كل الشام

- لم نكتب هذا البيان لنسطر عبارات الشجب والاستنكار والإدانة للمسعى الصهيوني إلى سلخ الجولان ، ولا لنحذر ترامب وإدارته من التمادي في سياسات الغطرسة التي ستجر المنطقة والعالم إلى المزيد من الكراهية والاحتراب ..

- لم نكتب هذا البيان لنحمل بشار الأسد وزمرته وفصيله والمحتلِين لوطننا سورية مسئولية أي عملية سلخ أو تفتيت أو تقسيم ، فقد ورث الناس من كلام النبوة الأولى أن من لا يستحي يفعل ما يشاء.

- بل نكتب هذا لندعو كل السوريين الصادقين إلى الالتفاف حول الجوامع الكبرى التي تحمي وجودهم وهويتهم وأرضهم وتضمن مصير أجيالهم ..

- المشهد السوري اليوم ، ولمو بحاجة إلى ( رجال اللحظة ) يرفعون لواء المثابة لكل سوري ينادون لجميع السوريين الأحرار الشرفاء : نحن فئتكم فإلينا إلينا أيها الأحرار الشرفاء ..

- المشهد السوري بحاجة إلى الميثاق الواحد الموحد في خطوطه الأعرض ، الذي يجمع ، والذي يعصم ، والذي يثبّت . وإذا كنا اليوم لا نملك ، بفعل المؤامرة الدولية والإقليمية ، أوراق القوة المعينة على التغيير والتحرير ؛ فإننا نملك بلا شك قدرات غير محدودة على الثبات والصبر والتمسك بالحق والصدع في وجه الباطل ..

ولتكن ثوابتنا الأساسية : لا شرعية لمحتل على كل الأرض العربية. لا لصهيوني ولا لصفوي ولا لروسي ولا لأمريكي .

ولا شرعية لمستبد ولا لفاسد ولا لمجرم قاتل سفاح .

 وستبقى سورية وطنا حرا سيدا لجميع أبنائها .

فالصبر الصبر ..الثبات الثبات ..الوحدة الوحدة حتى نسقط كل المؤامرات والمخططات ..

وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ "

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 774