نتائج الانتخابات الاسرائيلية غير مفاجئة
لم يكن فوز حزب الليكود الاسرائيلي بالانتخابات البرلمانية الأخيرة مفاجئا، لمن لديه اطلاع أو شبه اطلاع على المجتمع الإسرائيلي، فهذا المجتمع تربّى ولا يزال على عقدة الخوف الذي تزرعها فيه الحكومات الإسرائيليّة المتعاقبة، مما يجعله يوجّه بوصلته نحو الفكر اليمينيّ المتطرّف. ولا يمكن غضّ النّظر عن دعم الإدارة الأمريكية برئاسة ترامب اللامحدود بل المبالغ فيه لنتنياهو وحزبه، فنتنياهو شريك في تطبيق المشروع الأمريكي"الشّرق الأوسط الجديد" الذي يسعى إلى تقسيم العالم العربيّ إلى دويلات طائفية، وتصفية القضيّة الفلسطينيّة لصالح المشروع الصّهيونيّ التّوسّعيّ، ومن أجل ذلك فإن ترامب وإدارته قدّموا الجولان السّوريّة في 25 مارس 2019 هديّة مجّانيّة في الدّعاية الانتخابيّة لنتنياهو، تماما كما اعترفوا من قبل وفي 6 ديسمبر 2017 بالقدس عاصمة لإسرائيل قافزين بذلك على القانون الدّولي وقرارات الشّرعيّة الدّوليّة، وهذا يرافقه الدّعم العربيّ الرّسميّ، من خلال تطبيع غالبيّة الدّول العربيّة علاقاتها مع اسرائيل، وتتعاون معها أمنيّا في ظلّ مواصلة الأخيرة احتلالها للأراضي العربية المحتلة، قافزة هي الأخرى على "مبادرة السّلام العربيّة" التي طرحها العاهل السعوديّ الراحل عبدالله بن عبد العزيز عام 2002، وكان وقتئذ وليّا للعهد. كما قفز النّظام العربيّ بذلك على القانون الدّولي وقرارات الشّرعيّة الدّوليّة، على حساب الأراضي العربيّة المحتلّة وفي التفاف واضح على الحقوق المشروعة والثّابتة للشّعب الفلسطينيّ، دون اعتبار للأطماع الإسرائيليّة التّوسّعيّة والمدعومة أمريكيا والتي تتخطّى حدود فلسطين التّاريخيّة، وتتجاوزها إلى أراضي دول عربيّة مثل مصر، الأردن، سوريّا السّعوديّة ولبنان. كما لا يمكن اغفال دعم روسيا لنتنياهو من خلال تسليم رفات جنديّ اسرائيليّ قتل عام 1982 في لبنان.
وفوز نتنياهو أو عدمه لم ولن يغيّر شيئا في السّياسة الإسرائيليّة التّوسّعيّة، فمنافسوه لا يختلفون عنه في الأطماع التّوسّعيّة، فنتائج الإنتخابات البرلمانيّة الأخيرة تثبت أنّ اسرائيل بأحزابها الصّهيونيّة وبناخبيها غير مؤهّلة للسّلام العادل الذي يحفظ حقوق دول وشعوب المنطقة، وهذا بسبب تفوّقها العسكريّ على دول المنطقة مجتمعة، وسياستها القائمة على قاعدة "ما لا يمكن تحقيقه بالقوّة يمكن تحقيقه بقوّة أكبر". ومع الأسف فإنّ كنوز اسرائيل وأمريكا الاستراتيجيّة في المنطقة العربيّة تخضع لذلك تماما، ودون نقاش، بل إنّها تقدّم تنازلات مجّانيّة لإسرائل ظنّا منها أنّ الخنوع "حسن نوايا". لكن لا اسرائيل ولا أمريكا ولا كنوزهما الاستراتيجيّة غير منتبهين أنّهم يُدخلون المنطقة في صراعات عنيفة لن ينجو منها القويّ ولا الضّعيف، وهذه حتميّة التّاريخ، وعقلاء أمريكا واسرائيل يدركون ذلك جيدا.
وسوم: العدد 819